واقع مؤلم
الإدعشري كان عايش بمجتمع عاطل !
حين كانت سعاد خانوم تقوم بعزيمة نسوان الحارة إلى بيتها من أجل الجلسات ، لم تكن زوجة الإدعشري منهم .
معتز و عصام و بشير و إبراهيم وعبده ( أبناء الأثرياء وعمالهم ) كانوا دائماً يتحركون معاً ويمشون معاً كـالأصدقاء الأوفياء ، لكن لا أحد منهم كان صديقاً لأولاد الإدعشري ، رغم أننا سنرى كيف أن صبحي كان من خيرة أبناء الشام ، والفرق الوحيد بينه وبين معتز و عصام و بشير و إبراهيم أنه لا يملك مال يرثه من أبيه .
بشير الفرّان قام بتشغيل سمعه عنده ، لكن قبل ذلك لا أحد حاول أن يجد شغلا لأولاد الإدعشري .
أم زكي لم تكن تدخل دار الإدعشري ، ولم تبحث لبنته عن زوج مرموق وحتى أبو عصام حين أراد تزويج إبنه الأكبر عصام زوجه لبنت أخ الزعيم ( الحسب والجاه و المال ) ولم يفكر نهائياً لا هو ولا زوجته في بنت الإدعشري .
50 ذهبة عصملية ، ذهبة تنطح ذهبة للطبل أبو ابراهيم الذي لديه إبن واحد فقط ولديه بيت من أفخم بيوت الحارة ، لو تصدق بخمسها فقط ، 10 ذهبات إلى الإدعشري ، هل كان سيموت جوعاً أو تنتكس تجارته ، هل تعرفون ماذا يمكن أن تفعل عشر ذهبات بالإدعشري وعائلته ، كانت سترفعه لمستوى ثانٍ فيصلح بيته ويشتري عفشاً ويفتح دكاناً جديداً في الحارة ويكسب رزقه من الحلال ولا يفكر في السرقة نهائياً .
ما يجب أن نتعلمه من باب الحارة ليس أن ” اللي يحلف يمين كاذب يا ويله من الله ” فحسب ، بل أيضاً يجب أن نتعلم أن الذي يقصي الفقراء ويعاملهم على أنهم فئة هامشية منسية أيضاً يا ويله من الله ، أن الذي يبات شبعان وجاره جائع يا ويله من الله ، أن الذي ينام على الريش وجاره على الحصى يا ويله من الله ، هذه لم يكتبوها في السيناريو للأسف .
دعك من ذلك ، رجال الحارة كلهم تبرعوا لأبو إبراهيم وساعدوه وأعطوه مالاً كبيراً كـتعويض بعد السرقة ، كانوا يستطيعون إذن توفير المال لجارهم الإدعشري قبل أن يضطر لأخذه بالسرقة وهو الذي كان يعيش في أسوء بيوت الحارة ، هذا البيت الذي سنشاهد كيف سيكون ذخراً للحارة في وقت المحنة حين يدفنون في حوشه شهداءهم ويحفرون منه نفقاً لكي يجلبون به المؤن والأكل .
هذا الكلام كله لا يبرر جريمة الإدعشري بكل تأكيد ، ولكن الله عز وجل الذي يحاسب السارق ليس غافلاً أبداً عن الذين سيكونون سبباً في إنتشار كل هذا الفساد ، عصام في الجزء الثاني أقترف جريمة نكراء بمقاييس ذلك الزمن ، دخل لبيت لا يوجد فيه رجال ولا أحد يضمن ما يمكن أن يحدث ، حين أعتقلوه دفع خاله أبو شهاب مالاً طاحناً من أجل إخراجه من الحبس وإستقباله أستقبال الأبطال ، بينما الإدعشري وأولاده يحملون تهمة الجريمة حتى لو لم يكونوا مجرمين ، ستقول لي بسبب الماضي الأسود للأدعشري ، سأقول لك هذه مشكلة أخرى لمجتمعنا ، لا يسمح للعاصي بأن يتوب ، يذكره دائماً بماضيه ، بل ويورثون التهمة له أباً عن جد .
فـلنتخيل إذن أن عصام تزوج بنت الإدعشري ، هل كان سيضطر لارتكاب ذلك الجرم ليدفع خاله ابو شهاب كل تلك الرشوة الضخمة لإخراجه من الحبس ؟!
من الأحسن أخلاقاً يا ترى زوجة الإدعشري وبنته أم لطفية وأمها فريال ؟!
قصة الإدعشري وحارة الضبع تحدث كل يوم أمامناوما يحز في نفسي أنهلا ينتبه لها أحد !
اعجبني