عندما تُمعِنُ النظرَ في حال بعض المشاهير في السنابات.. والتوك توك.. وتويتر.. وغيرها.. تشعر أنت بالخجل.. !
وتتأسف على حالهم.. ولا تملك إلا أن ترفعَ يديك وتُلِحَّ على ربك أن يرزقك الحكمةَ والعقلَ..
تأمل في حال الأوائل هامات وقامات وشامات.. لتدركَ الفرقَ العظيمَ والبَوْنَ الشاسعَ..
كان شغلُ أحدِهم وهمُّه يُنبئُ عن عظيم قدره وكانت أفعالُه هي التي تُحتِّم عليك أن تقف أمامَه وقفةَ هيبةٍ وإجلال!.
ها هم صغارُ الصحابة رضي الله عنهم يتدافعون أمامَ النبي ﷺ ليفدوه بأنفسهم:
أسامة بن زيد ١٨ سنة..
سعد بن وقاص ١٧ سنة..
الأرقم ١٦ سنة..
الزبير.. ورافع بن خديج.. وسمرة بن جندب ١٥ سنة..
عمير بن أبي وقاص ١٤ سنة..
زيد بن ثابت ١٣ سنة رضوان الله عليهم جميعا..
وتأمل في أعمارهم لما مات رسولُ الله ﷺ:
عبد الله بن الزبير ١٠ سنوات..
ابن عباس ١٥ سنة..
عائشة ١٨ سنة..
أنس بن مالك ٢٠ سنة..
عبد الله بن عمر ٢٢ سنة..
فاطمة ابنتُه ﷺ ورضي الله عنها وعن زوجها وأمها وأولادها ٢٥ سنة..
معاذ بن جبل ٢٨ سنة رضي الله عنهم وارضاهم جميعاً..
وانظر في مهامهم..
أسامة بن زيد بعثه رسولُ الله ﷺ إلى اليمن وعمره ١٧ سنة..
زيد بن ثابت حفِظ كتاب الله وساهم في جمع القرآن وعمره لم يتجاوز ١١ سنة..
طلحة بن عبيد الله في أُحُدٍ حَمَى رسولَ الله ﷺ من الكفار واتَّقَى عنه النبلَ بيده حتى شُلَّت أصبعُه ووقاه بنفسه وعمره ١٦ سنة..
معاذ ومعوِّذ قتلا فرعونَ هذه الأمة أبا جهل وهما غلامان عمرهما قرابة ١٤ سنة..
رضي الله عنهم وارضاهم واصلح حال شباب المسلمين..
وهكذا مَن بعدهم..
عبد الرحمن الداخل فتح الأندلس وعمره ٢٤ سنة..
محمد بن القاسم الثقفي في زمن بني أمية قاد الجيوش وفتح السند (باكستان) والهند ووصلت فتوحاته إلى مشارق الأرض وعمره ١٧ سنة..
قتيبة بن مسلم فتح الحصون وبلغت فتوحاتُه إلى الصين وعمره دون ٣٠ سنة..
محمد الفاتح فتح القسطنطينية وعمره ٢٢ سنة..
والمقام يطول بذكر الشواهد..
وأقول أيها الكرام..
شتان بين حالِنا اليوم.. وحالِ أولئك الجيلِ الذي بلغ ذروتَه في كل معاني النضوج وسِماتِ الرجولة..
وإن بعضًا من هؤلاء المشاهير لو قُدِّرَ أن يكون في زمن أولئك الكُمَّلِ الشُّمِّ لكان في آخر القافلة لا يُؤبَهُ له ولا يُلتفت إليه..
بل يُستحيا من الوقوف بجانبه ويُترَك مَن يماشيه..
وإن متابعتَهم والالتفافَ حولَهم والشعورَ بالفخر والنشوةِ بلُقيا أحدهم والرغبةَ في ذلك= دليل على ضعفِ العقل وانعدامِ الهمة وفراغِ النفس..
فلا تقبلْ لنفسك إلا المعالي ولا تصاحبْ إلا أربابَها وأكرِمْها برفعها عما لا يليق.. فإن لها عليك حقًّا..
وإني أهمس في أذن كل.. عاقل.. قائلًا :
( فارْبَأ بنفسك أن ترعى مع الهَمَلِ )
صبحكم الله برضاه درر
ودرات العراق
اللهم أصلح حال المسلمين والمسلمات وردهم لدينهم ردا جميل