عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَاصِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ‏ :
حَجَجْتُ وَمَعِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ، فَقَصَدْنَا مَكَاناً نَنْزِلُهُ ، فَاسْتَقْبَلَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى حِمَارٍ أَخْضَرَ يَتْبَعُهُ طَعَامٌ ، وَنَزَلْنَا بَيْنَ النَّخْلِ وَجَاءَ وَنَزَلَ وَأُتِيَ بِالطَّسْتِ وَالْمَاءِ وَالْأُشْنَانِ ، فَبَدَأَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِغَسْلِ يَدَيْهِ وَأُدِيرَ الطَّسْتُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى بَلَغَ آخِرَنَا , ثُمَّ أُعِيدَ إِلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى أُتِيَ إِلَى آخِرِنَا ، ثُمَّ قُدِّمَ الطَّعَامُ فَبَدَأَ بِالْمِلْحِ ثُمَّ قَالَ : «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» . ثُمَّ ثَنَّى بِالْخَلِّ ثُمَّ أُتِيَ بِكَتِفٍ مَشْوِيٍّ فَقَالَ : «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ‏ يُعْجِبُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)» . ثُمَّ أُتِيَ بِالْخَلِّ وَالزَّيْتِ ، فَقَالَ : «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا)» . ثُمَّ أُتِيَ بِسِكْبَاجٍ‏ ، فَقَالَ : «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، فَهَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)» . ثُمَّ أُتِيَ بِلَحْمٍ مَقْلُوٍّ فِيهِ بَاذَنْجَانٌ ، فَقَالَ : «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ،‏ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)» . ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ حَامِضٍ قَدْ ثُرِدَ فِيهِ ، فَقَالَ : «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ،‏ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)» . ثُمَّ أُتِيَ بِجُبُنٍّ مُبَزَّرٍ ، فَقَالَ : «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)» . ثُمَّ أُتِيَ بِتَوْرٍ فِيهِ بَيْضٌ كَالْعُجَّةِ ، فَقَالَ : «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ أَبِي جَعْفَراً» . ثُمَّ أُتِيَ بِحَلْوَاءَ ، فَقَالَ : «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُنِي» . وَرُفِعَتِ الْمَائِدَةُ فَذَهَبَ أَحَدُنَا لِيَلْقُطَ مَا كَانَ تَحْتَهَا ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَنَازِلِ تَحْتَ السُّقُوفِ ، فَأَمَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَهُوَ لِعَافِيَةِ الطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ» . ثُمَّ أُتِيَ بِالْخِلَالِ‏ ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «مِنْ حَقِّ الْخِلَالِ أَنْ تُدِيرَ لِسَانَكَ فِي فَمِكَ ، فَمَا أَجَابَكَ ابْتَلَعْتَهُ وَمَا امْتَنَعَ ثَمَّ بِالْخِلَالِ تُخْرِجُهُ فَتَلْفِظُهُ» . وَأُتِيَ بِالطَّسْتِ وَالْمَاءِ فَابْتَدَأَ بِأَوَّلِ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى انْتُهِيَ إِلَيْهِ ، فَغَسَلَ ثُمَّ غَسَلَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ حَتَّى أُتِيَ عَلَى آخِرِهِمْ ، ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «يَا عَاصِمُ ، كَيْفَ أَنْتُمْ فِي التَّوَاصُلِ وَالتَّبَارِّ» ؟ فَقَالَ : «عَلَى أَفْضَلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَحَدٌ» . فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «أَيَأْتِي أَحَدُكُمْ عِنْدَ الضِّيقَةِ مَنْزِلَ أَخِيهِ فَلَا يَجِدُهُ فَيَأْمُرُ بِإِخْرَاجِ كِيسِهِ فَيُخْرَجُ‏ فَيَفُضُّ خَتْمَهُ فَيَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ حَاجَتَهُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ» ؟ قَالَ : «لَا» ! قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «لَسْتُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ مِنَ التَّوَاصُلِ» .
المصدر : (البحار : ج48، ص117، عن مكارم الأخلاق عن كتاب البصائر.)
الكتف المشوي : لحم الخروف .
السكباج : طعام يصنع من خل وزعفران ولحم .
جبن مبزر : أي مُطيّب بالابازير ، وهي التوابل التي تُجعل في الطعام .
التور : اناء صغير .
العجّة : طعام من بيض ودقيق وسمن أو زيت .
الخلال : ما تخلل به الأسنان .