الإيذاء والعاهة المستديمة:
تتضمن جريمة الإيذاء العمد جرائم الإيذاء التي تفضي إلى إصابة المجني عليه بعاهة مستديمة حيث عدت جرائم الاعتداء هذه من الجنايات لأن المشرع خصها بعقوبة جنائية فقد نصت المادة (412/1) من قانون العقوبات العراقي بأنه (من اعتدى عمدا على أخر ………. قاصدا أحداث عاهة مستديمة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمسة عشر سنة ……) ويتضح من تحليل النص المتقدم بان الركن المادي لهذه الجريمة يتمثل بما نص عليه المشرع من أوصاف للاعتداء كالجرح أو الضرب أو العنف أو إعطاء مواد ضارة مختتما هذه الأوصاف بوصف عام يتسع لأي فعل مخالف للقانون(1) أما الركن المعنوي لهذه الجريمة فيتمثل بالقصد الذي تنصرف فيه إرادة الفاعل من ارتكاب فعل الإيذاء إلى إلحاق عاهة مستديمة بالمجني عليه بناء على قصده الجنائي(2). وبذلك فانه فضلا عن وجوب توافر القصد العام الذي تتجه فيه إرادة الفاعل آلي إيقاع الأذى بالمجني عليه فانه يتعين انصراف نية الجاني آلي أحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه، فإذا كان قصد الجاني لا يتعدى الإيذاء ولكنه أدى إلى أحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه فان الجاني يسال عن جريمة متعدية القصد، إذ تعد العاهة نتيجة محتملة لفعل الإيذاء وتنطبق عليه أحكام الفقرة (2) من المادة (412) عقوبات، أما إذا تعمد الجاني من ارتكابه فعل الإيذاء إلحاق عاهة مستديمة بالمجني عليه مما سنأتي على تفصيل أشكالها لاحقا فانه يتوافر لديه القصد العام وهو إصابة المجني عليه بعاهة مستديمة كفقء عينه أو بتر ساقه مما يجعل فعله أكثر خطورة ومن النتيجة المترتبة عليه أكثر جسامة الآمر الذي بسببه خصها المشرع بعقوبة أكثر شدة في الفقرة (1) من المادة (412) من قانون العقوبات العراقي(3) وكذلك قانون العقوبات المصري نص على هذه الجرائم في المادة (240) منه وهذه المادة مأخوذة من الفقرة (3) من المادة (309) من قانون العقوبات الفرنسي. وقدر تعلق الآمر بمفهوم العاهة المستديمة فان المشرع قد بين المقصود بها في المادة (412) من قانون العقوبات العراقي إذ حددت الحالات والأشكال التي تظهر فيها على نحو واضح تعتمد عليها المحكمة المختصة من الناحية القانونية بناءً على التقارير الطبية التي تحدد طبيعتها الطبية وتقدر درجة العجز الذي تتركه،