المُغيرة بن شعبة بن أبي عامر من مسعود الثقفي ، ولد في الطائف في السنة الثانية للبعثة ، ومات في الكوفة سنة خمسين للهجرة ، وهو أحد الصحابة المتأخرين جداً في إسلامهم ، ومعلومٌ أنّ من شهد ربوع الإسلام ولم يُسلم لله من البداية يكون من الطلقاء ، فإسلامه كان لغاية حفظ نفسه بعد أن غدر بأصحابه فقتلهم وسرقهم كما يروي الشيخ البخاري ذلك في صحيحه - الجزء (3) - الصفحة (194) - الحلقة (٢٧٣١) :- قَالَ: وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ المِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: أَيْ غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ؟ وَكَانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا الإِسْلَامَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ» .
كان المغيرة بن شعبة أعوراً وكان صاحب مكرٍ ودهاء ، فعن السيرة النبوية لابن كثير - الجزء (4) - الصفحة (665) :- قَالَ الشَّعْبِيُّ: «سَمِعْتُ قَبِيصَةَ بْنَ جَابِرٍ يَقُولُ: صَحِبْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَلَوْ أَنَّ مَدِينَةً لَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ لَا يُخْرَجُ مِنْ بَابٍ مِنْهَا إِلَّا بِمَكْرٍ لَخَرَجَ مِنْ أَبْوَابهَا» . وَقَالَ الشعبي: «الْقُضَاة أَرْبَعَة: أَبُو بكر وَعُمْرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مُوسَى، وَالدُّهَاةُ أَرْبَعَةٌ: مُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْمُغِيرَةُ وَزِيَادٌ» .
وكان المغيرة بن شعبة من الأشخاص الذين شاركوا في واقعة الهجوم على دار فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، وقد عُيّن من قِبَلِ عَمُر بن الخطاب حاكماً على البحرين فكرهه الناس لسوء خلقه وتصرّفاته ، فعزله ثمّ جعله على البصرة والياً فبقي عليها ثلاث سنين ، ثمّ غضب عليه فعزله ثمّ جعله على الكوفة والياً . عن ابن سيرين قال : «كَانَ الرَّجُلُ يَقُوْلُ لِلآخَرِ: غَضِبَ اللهُ عَلَيْك كَمَا غَضِبَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلَى المُغِيْرَةِ، عَزَلَهُ عَنِ البَصْرَةِ، فَوَلَاّهُ الكُوْفَةَ» . (سير أعلام النبلاء : ج3، ص28 . ومعجم البلدان : ج1، ص437.) . وفي حُكم معاوية ابن أبي سفيان كان حاكماً للكوفة ، وكان من الذين يلعنون أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وشيعته من على منبر الكوفة ، فعن عبد الله بن ظالم قال : «لمّا بويع لمعاوية أقام المغيرة بن شعبة خطباء يلعنون علياً (عليه السلام)» . (شرح نهج البلاغة لابن أبي حديد : ج13، ص230.)
وكان المغيرة بن شعبة رجلاً مزواجاً مطلاقاً ، فعن تاريخ دمشق لابن عساكر - الجزء (60) - الصفحة (54) :- «عَن مُغِيْرَةَ قَالَ: أَحْصَنَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةَ سَبْعِيْنَ إِمْرَأَةً . وَرَوَى أَيْضَا: سَمِعْتُ ابنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ: كَانَ تَحْتَ المُغِيْرَةِ بنَ شُعْبَةَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، قَالَ: فَصَفَفْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّكُنَّ حَسِنَاتُ الأَخْلَاقِ طَوِيْلَاتُ الأَعْنَاقِ وَلكِنَّنِي رَجُلٌ مِطْلَاقٌ أَنْتُنَّ طَاْلِقٌ . وَكَذَا قَالَ: كَانَ المُغِيْرَةُ يَقُوْلُ لِنِسَائِهِ: إِنَّكُنَّ لَطَوِيْلَاتُ الأَعْنَاقِ وَكَرِيْمَاتُ الأَخْلَاقِ وَلَكِنَّنِي رَجُلٌ مِطْلَاقٌ، إِعْتَدِدْنَ» .
وكان المغيرة بن شعبة رجلاً زانياً شديد الفحش والفجور ، فعن السيرة النبوية لابن كثير - الجزء (4) - الصفحة (665) :- قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: «كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رَجُلًا نَكَّاحًا لِلنِّسَاءِ، وَكَانَ يَقُولُ: صَاحِبُ الْوَاحِدَةِ إِنْ حَاضَتْ حَاضَ مَعَهَا، وَإِنْ مَرِضَتْ مَرِضَ مَعَهَا، وَصَاحِبُ الثِّنْتَيْنِ بَيْنَ نَارَيْنِ يشتعلان. قَالَ: فَكَانَ يَنْكِحُ أَرْبعاً [جَمِيْعَاً] وَيُطَلِّقُهُنَّ جَمِيعًا ! وَقَالَ غَيْرُهُ: تَزَوَّجَ ثَمَانِينَ امْرَأَةً، وَقِيلَ ثَلَاثَمِائَةِ امْرَأَةٍ، وَقِيلَ: أَحْصَنَ أَلْفَ امْرَأَةٍ !» . راجع أيضاً : (البداية والنهاية : ج8، ص316. وتاريخ مدينة دمشق : ج60، ص55. وتهذيب الكمال : ج28، ص373.)
فتخيل لو أنّ المغيرة بن شعبة عنده موقع اباحي ماذا سيفعل وهو قد أحصن ألف امرأة ؟! وفضيحة الزنا ودرء عُمَر الحدّ عنه كانت مدويّة ، فعن السنن الكبرى للبيهقي - الجزء (4) - الصفحة (408) - الحلقة (١٧٠٤٣) :- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنبأ عَبْدُ الْوَهَّابِ، أنبأ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ، وَنَافِعَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ، وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ، شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يُولِجُهُ وَيُخْرِجُهُ، وَكَانَ زِيَادٌ رَابِعَهُمْ، وَهُوَ الَّذِي أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: وَاللهِ لَكَأَنِّي بِأَثَرِ جُدَرِيٍّ فِي فَخِذِهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى زِيَادًا: إِنِّي لَأَرَى غُلَامًا كَيِّسًا لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، وَلَمْ يَكُنْ لِيَكْتُمَنِي شَيْئًا، فَقَالَ زِيَادٌ: لَمْ أَرَ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ، وَلَكِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رِيبَةً، وَسَمِعْتُ نَفَسًا عَالِيًا...» .
وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحين - الجزء (3) - الصفحة (448) - الحلقة (٥٨٩٢) :- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الزَّاهِدُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَحْطَبَةَ بْنِ مَرْزُوقٍ الطَّلْحِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْكَرَابِيسِيُّ الْبَصْرِيُّ، ثَنَا أَبُو عَتَّابٍ سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ بَابِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ - يَعْنِي بَابَ غَيْلَانَ: أَبُو بَكْرَةَ - وَأَخُوهُ نَافِعٌ وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ، فَجَاءَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَمْشِي فِي ظِلَالِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ يَوْمَئِذٍ مِنْ قَصَبٍ فَانْتَهَى إِلَى أَبِي بَكْرَةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرَةَ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ مَا أَخْرَجَكَ مِنْ دَارِ الْإِمَارَةِ؟ قَالَ: أَتَحَدَّثُ إِلَيْكُمْ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرَةَ: لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ، الْأَمِيرُ يَجْلِسُ فِي دَارِهِ، وَيَبْعَثُ إِلَى مَنْ يَشَاءُ فَتَحَدَّثَ مَعَهُمْ، قَالَ: يَا أَبَا بَكْرَةَ: لَا بَأْسَ بِمَا أَصْنَعُ فَدَخَلَ مِنْ بَابِ الْأَصْغَرِ حَتَّى تَقَدَّمَ إِلَى بَابِ أُمِّ جَمِيلٍ امْرَأَةٍ مِنْ قَيْسٍ، قَالَ: وَبَيْنَ دَارِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَبَيْنَ دَارِ الْمَرْأَةِ طَرِيقٌ فَدَخَلَ عَلَيْهَا، قَالَ أَبُو بَكْرَةَ: لَيْسَ لِي عَلَى هَذَا صَبْرٌ، فَبَعَثَ إِلَى غُلَامٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ: ارْتَقِ مِنْ غُرْفَتِي فَانْظُرْ مِنَ الْكُوَّةِ، فَانْطَلَقَ فَنَظَرَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ رَجَعَ فَقَالَ: وَجَدْتُهُمَا فِي لِحَافٍ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: قُومُوا مَعِي، فَقَامُوا فَبَدَأَ أَبُو بَكْرَةَ فَنَظَرَ فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ لِأَخِيهِ: انْظُرْ، فَنَظَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ الزِّنَا، ثُمَّ قَالَ: مَا رَابَكَ؟ انْظُرْ، فَنَظَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ الزِّنَا مُحْصَنًا. قَالَ: أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَانْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِمَا رَأَى، فَأَتَاهُ أَمْرٌ فَظِيعٌ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَعَثَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ أَمِيرًا عَلَى الْبَصْرَةِ، فَأَرْسَلَ أَبُو مُوسَى إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنْ أَقِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَنْتَ فِيهَا أَمِيرُ نَفْسِكَ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ، فَارْتَحِلْ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرَةَ وَشُهُودُهُ، فَيَا طُوبَى لَكَ إِنْ كَانَ مَكْذُوبًا عَلَيْكَ، وَوَيْلٌ لَكَ إِنْ كَانَ مَصْدُوقًا عَلَيْكَ، فَارْتَحَلَ الْقَوْمُ أَبُو بَكْرَةَ وَشُهُودُهُ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: هَاتِ مَا عِنْدَكَ يَا أَبَا بَكْرَةَ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْتُ الزِّنَا مُحْصَنًا، ثُمَّ قَدَّمُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخَاهُ فَشَهِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْتُ الزِّنَا مُحْصَنًا، ثُمَّ قَدَّمُوا شِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ الْبَجَلِيَّ، فَسَأَلَهُ فَشَهِدَ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَدَّمُوا زِيَادًا، فَقَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُهُمَا فِي لِحَافٍ، وَسَمِعْتُ نَفَسًا عَالِيًا، وَلَا أَدْرِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَكَبَّرَ عُمَرُ وَفَرِحَ إِذْ نَجَا الْمُغِيرَةُ وَضَرَبَ الْقَوْمَ إِلَّا زِيَادًا» .
وكذلك كان المغيرة بن شعبة كذّاباً ، وقد كذّبه أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عندما حاول إدعاء كونه آخر الناس عهداً برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فادّعى أنّه شارك في دفن الرسول وأنّه قام برمي خاتمه في حفرة قبره الشريف فنزل ليأخذه ليكون له لقب "آخر الناس عهداً برسول الله" ! فكذّبه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال : «كَذَبَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةَ» . (جامع بيان العلم لابن عبد البر بن عاصم القرطبي : ج2، ص155.)
وكان إبنُ الأثير أَصرح في ذلك حيث قال في كامله - الجزء (2) - الصفحة (333) :- «وَكَانَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةَ يَدَّعِي أَنَّهُ أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدَاً بِرَسُوْلِ اللهِ (ص) وَيَقُوْلُ: أَلْقَيْتُ خَاتَمِي فِي قَبْرِهِ عَمْدَاً فَنَزَلْتُ لِآخُذَهَا، وَسَأَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ عَلِيَّاً عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: كَذَبَ المُغِيْرَةُ أَحْدَثُنَا عَهْدَاً بِهِ قَثَمُ بنُ العَبَّاسِ» . وقد قام أيضَا برواية الكثير من الأحاديث المُسيئة للرسول الأعظم مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وكان يُبغضُ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ويسبّه ، قال الذهبي في سير أعلام نُبلائه - الجزء (1) - الصفحة (105) :- «عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ظَالِمٍ قَالَ: خَطَبَ المُغِيْرَةُ فَنَالَ مِنْ عَلِيِّ . فَخَرَجَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ فَقَالَ: ألَا تَعْجَبُ مِنْ هَذَا يَسُبُّ عَلِيَّاً ..!» ، ثُمَّ قَالَ: وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيْرَةٌ . وأصل الأثر في مسند أحمد بن حنبل - الجزء (1) - الصفحة (187) بلفظ :- «إِنَّ شُعْبَةَ كَانَ فِيْ المَسْجِدِ الأَكْبَرِ وَعِنْدَهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ عَنْ يَمِيْنِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ يُدْعَى سَعِيْدُ بن زَيْدٍ فَحَيَّاهُ المُغِيْرَةُ وَأَجْلَسَهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ عَلَى السَّرِيْرِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ فَاسْتَقْبَلَ المُغِيْرَةَ فَسَبَّ وَسَبَّ فَقَالَ: مَنْ يَسُبُّ هَذَا يَا مُغِيْرَةُ؟ قَالَ: يَسُبُّ عَلَيَّاً بنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ يَا مُغِيْرَةُ بنُ شُعْبٍ يَا مُغِيْرُ بنُ شُعْبٍ ثَلَاثَاً ألَا أَسْمَعُ أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبَّونَ عِنْدَكَ لَا تُنْكِرُ وَلَا تُغَيِّرُ ؟!» .
ورُوِيَ أنّ المغيرة بن شعبة قال لصعصعة بن صوحان عندما بلغه أنّه يذكر فضائل الإمام علي (عليه السلا) : «إِيَّاكَ أَنْ يَبْلُغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تَعِيبُ عُثْمَانَ، وَإِيَّاكَ أَنْ يَبْلُغَنِي أَنَّكَ تُظْهِرُ شَيْئًا مِنْ فَضْلِ عَلِيٍّ، فَأَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ، وَلَكِنَّ هَذَا السُّلْطَانَ قَدْ ظَهَرَ وَقَدْ أَخَذْنَا بِإِظْهَارِ عَيْبِهِ لِلنَّاسِ فَنَحْنُ نَدَعُ شَيْئًا كَثِيرًا مِمَّا أُمِرْنَا بِهِ، وَنَذْكُرُ الشَّيْءَ الَّذِي لَا نَجِدُ مِنْهُ بُدًّا نَدْفَعُ بِهِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ عَنْ أَنْفُسِنَا، فَإِنْ كُنْتَ ذَاكِرًا فَضْلَهُ فَاذْكُرْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَصْحَابِكَ فِي مَنَازِلِكُمْ سِرًّا، وَأَمَّا عَلَانِيَةً فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّ هَذَا لَا يَحْتَمِلُهُ الْخَلِيفَةُ لَنَا» . (الكامل في التاريخ : ج٣، ص30.)
فكان المغيرة بن شعبة من المنافقين ؛ لأنّه كان يسبُّ الإمام علي (عليه السلام) ويلعنه ، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «مَنْ سَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ سَبَّنِي» ، وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أيضاً : «لَا يُحِبُّكُ إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَلَا يِبْغَضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ» . فالمغيرة بن شعبة معدن كلّ شرّ ومنبعه ، فهو الذي أشار على أبي بكرٍ وعُمَر على تصدّي أمر الخلافة حتّى يكون لأمثاله حظّ ، كما أنّه أشار عليهما بجعل نصيبٍ للعباس لتضعيف أمر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، وأشار على معاوية باستلحاق زياد به حتّى يكمل استيلاؤه ، وأشار عليه باستخلافه ابنه يزيد السكّير لئلا يعزله معاوية عن الإمارة . وقد قال فيه الإمام علي (عليه السلام) : «فإنّه والله دائباً يلبس الحقّ بالباطل ، ويموّه فيه ، ولن يتعلّق من الدين إلاّ بما يوافق الدنيا» . وعن كتاب الغارات - الجزء (2) - الصفحة (516) :- قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : «وَمَا المُغِيرَةُ ؟ ! إِنَّمَا كَانَ إِسْلامُهُ لِفَجَرَةٍ وَغَدْرَةٍ لِمُطَمْئِنينَ إِلَيْهِ مِنْ قَوْمِهِ فَتْكَ بِهِمْ ، وَرَكِبَهَا مِنْهُمْ فَهَرَبَ ، فَأَتَى النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كَاَلْعَائِذِ بِالْإِسْلَامِ ، وَاللَّه مَا أَرَى أَحَداً عَلَيْهِ مُنْذُ ادَّعَى الْإِسْلَامَ خُضُوعًا وَلَا خُشوعًا ، أَلَا وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ ثَقيفٍ فَراعِنَةٍ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ ، يُجَانِبَونَ الْحَقَّ وَيُسَعِّرُونَ نِيرَانَ الحَرْبِ وِيُوَازِرُونَ الظَّالِمِينَ» .
ورُوِيَ أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) قال للمغيرة بن شعبة في قضية صلحه مع معاوية بن أبي سفيان : «وَأَمَّا أَنْتَ يَا مُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ، فَإِنَّكَ لِلَّهِ عَدُوٌّ وَلِكِتَابِهِ نَابِذٌ وَلِنَبِيِّهِ مُكَذِّبٌ ، وَأَنْتَ الزَّانِي وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ الرَّجْمُ ، وَشَهِدَ عَلَيْكَ الْعُدُولُ الْبَرَرَةُ الْأَتْقِيَاءُ فَأُخِّرَ رَجْمُكَ وَدُفِعَ الْحَقُّ بِالْأَبَاطِيلِ وَالصِّدْقُ بِالْأَغَالِيطِ ، وَذَلِكَ لِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَالْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى . وَأَنْتَ الَّذِي ضَرَبْتَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى أَدْمَيْتَهَا وَأَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا اسْتِذْلَالًا مِنْكَ لِرَسُولِ اللَّهِ وَمُخَالَفَةً مِنْكَ لِأَمْرِهِ وَانْتِهَاكاً لِحُرْمَتِهِ ! وَقَدْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا فَاطِمَةُ أَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ . وَاللَّهُ مَصَيِّرُكَ إِلَى النَّارِ وَجَاعِلُ وَبَالِ مَا نَطَقْتَ بِهِ عَلَيْكَ ! فَبِأَيِّ الثَّلَاثَةِ سَبَبْتَ عَلِيّاً أَنَقْصاً فِي نَسَبِهِ أَمْ بُعْداً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ؟! أَمْ سُوءَ بَلَاءٍ فِي الْإِسْلَامِ أَمْ جَوْراً فِي حُكْمٍ أَمْ رَغْبَةً فِي الدُّنْيَا ؟! إِنْ قُلْتَ بِهَا فَقَدْ كَذَبْتَ وَكَذَّبَكَ النَّاسُ ! أَتَزْعُمُ أَنَّ عَلِيّاً (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) قَتَلَ عُثْمَانَ مَظْلُوماً ؟! فَعَلِيٌّ وَاللَّهِ أَتْقَى وَأَنْقَى مِنْ لَائِمِهِ فِي ذَلِكَ ، وَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ عُثْمَانَ مَظْلُوماً فَوَ اللَّهِ مَا أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ ! فَمَا نَصَرْتَهُ حَيّاً وَلَا تَعَصَّبْتَ لَهُ مَيِّتاً وَمَا زَالَتِ الطَّائِفُ دَارَكَ تَتْبَعُ الْبَغَايَا وَتُحْيِي أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتُمِيتُ الْإِسْلَامَ ، حَتَّى كَانَ مَا كَانَ فِي أَمْسِ . وَأَمَّا اعْتِرَاضُكَ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي أُمَيَّةَ فَهُوَ ادِّعَاؤُكَ إِلَى مُعَاوِيَةَ ، وَأَمَّا قَوْلُكَ فِي شَأْنِ الْإِمَارَةِ وَقَوْلُ أَصْحَابِكَ فِي الْمُلْكِ الَّذِي مَلَكْتُمُوهُ فَقَدْ مَلَكَ فِرْعَوْنُ مِصْرَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَمُوسَى وَهَارُونَ نَبِيَّانِ مُرْسَلَانِ يَلْقَيَانِ مَا يَلْقَيَانِ مِنَ الْأَذَى ، وَهُوَ مُلْكُ اللَّهِ يُعْطِيهِ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ . وَقَالَ اللَّهُ : ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ﴾ ، وَقَالَ : ﴿وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً﴾» .
ثُمَّ قَامَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَنَفَضَ ثِيَابَهُ وَهُوَ يَقُولُ : «الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ هُمْ وَاللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ هَؤُلَاءِ وَشِيعَتُكَ ، وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ، هُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) وَأَصْحَابُهُ وَشِيعَتُهُ» . ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ لِمُعَاوِيَةَ : «ذُقْ وَبَالَ مَا كَسَبَتْ يَدَاكَ وَمَا جَنَتْ وَمَا قَدْ أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ وَلَهُمْ مِنَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ فِي الْآخِرَةِ» .
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِأَصْحَابِهِ : «وَأَنْتُمْ فَذُوقُوا وَبَالَ مَا جَنَيْتُمْ» . فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ : «وَاللَّهِ مَا ذُقْنَا إِلَّا كَمَا ذُقْتَ وَلَا اجْتَرَأَ إِلَّا عَلَيْكَ» ! فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : «أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّكُمْ لَنْ تَنْتَقِصُوا مِنَ الرَّجُلِ ؟! فَهَلَّا أَطَعْتُمُونِي أَوَّلَ مَرَّةٍ فَانْتَصَرْتُمْ مِنَ الرَّجُلِ إِذْ فَضَحَكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا قَامَ حَتَّى أَظْلَمَ عَلَيَّ الْبَيْتَ وَهَمَمْتُ أَنْ أَسْطُوَ بِهِ ! فَلَيْسَ فِيكُمْ خَيْرٌ الْيَوْمَ وَلَا بَعْدَ الْيَوْمِ» . وَسَمِعَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِمَا لَقِيَ مُعَاوِيَةُ وَأَصْحَابُهُ الْمَذْكُورُونَ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَتَاهُمْ فَوَجَدَهُمْ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فِي الْبَيْتِ ، فَسَأَلَهُمْ : «مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنِ الْحَسَنِ وَزَعَلِهِ» ؟ قَالَ : «قَدْ كَانَ كَذَلِكَ» ! فَقَالَ لَهُمْ مَرْوَانُ : «أَفَلَا أَحْضَرْتُمُونِي ذَلِكَ ؟ فَوَ اللَّهِ لَأَسُبَّنَّهُ وَلَأَسُبَّنَّ أَبَاهُ وَأَهْلَ الْبَيْتِ سَبّاً تَتَغَنَّى بِهِ الْإِمَاءُ وَالْعَبِيدُ» ! فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَالْقَوْمُ : «لَمْ يَفُتْكَ شَيْءٌ» ! وَهُمْ يَعْلَمُونَ مِنْ مَرْوَانَ بَذْوَ لِسَانٍ وَفُحْشٍ . فَقَالَ مَرْوَانُ : «فَأَرْسِلْ إِلَيْهِ يَا مُعَاوِيَةُ» . فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ قَالَ لَهُ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «مَا يُرِيدُ هَذَا الطَّاغِيَةُ مِنِّي ؟ وَاللَّهِ إِنْ أَعَادَ الْكَلَامَ لَأُوقِرَنَّ مَسَامِعَهُ مَا يَبْقَى عَلَيْهِ عَارُهُ وَشَنَارُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ وَجَدَهُمْ بِالْمَجْلِسِ عَلَى حَالَتِهِمُ الَّتِي تَرَكَهُمْ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ مَرْوَانَ قَدْ حَضَرَ مَعَهُمْ فِي هَذَا الْوَقْتِ ، فَمَشَى الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى جَلَسَ عَلَى السَّرِيرِ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ لِمُعَاوِيَةَ : «لِمَ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ ؟» . قَالَ : «لَسْتُ أَنَا أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ ، وَلَكِنَّ مَرْوَانَ الَّذِي أَرْسَلَ إِلَيْكَ» . فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ : «أَنْتَ يَا حَسَنُ السَّبَّابُ لِرِجَالِ قُرَيْشٍ» ! فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «وَمَا الَّذِي أَرَدْتَ ؟» فَقَالَ مَرْوَانُ : «وَاللَّهِ لَأَسُبَّنَّكَ وَأَبَاكَ وَأَهْلَ بَيْتِكَ سَبّاً تَتَغَنَّى بِهِ الْإِمَاءُ وَالْعَبِيدُ» ! فَقَالَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «أَمَّا أَنْتَ يَا مَرْوَانُ فَلَسْتُ سَبَبْتُكَ وَلَا سَبَبْتُ أَبَاكَ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَعَنَكَ وَلَعَنَ أَبَاكَ وَأَهْلَ بَيْتِكَ وَذُرِّيَّتَكَ وَمَا خَرَجَ مِنْ صُلْبِ أَبِيكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ، وَاللَّهِ يَا مَرْوَانُ مَا تُنْكِرُ أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَ هَذِهِ اللَّعْنَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص لَكَ وَلِأَبِيكَ مِنْ قَبْلِكَ ، وَمَا زَادَكَ اللَّهُ يَا مَرْوَانُ بِمَا خَوَّفَكَ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً ، وَصَدَقَ اللَّهُ وَصَدَقَ رَسُولُهُ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً﴾ ، وَأَنْتَ يَا مَرْوَانُ وَذُرِّيَّتُكَ الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ فِي الْقُرْآنِ ! وَذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عَنْ جَبْرَئِيلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» . فَوَثَبَ مُعَاوِيَةُ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِ الْحَسَنِ وَقَالَ : «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا كُنْتَ فَحَّاشاً وَلَا طَيَّاشاً» ! فَنَفَضَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ثَوْبَهُ وَقَامَ فَخَرَجَ ، فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ عَنِ الْمَجْلِسِ بِغَيْظٍ وَحُزْنٍ وَسَوَادِ الْوُجُوهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
المصدر : (الإحتجاج على أهل اللجاج :ج1، ص278.)