حذّر الإسلام من إهانة اليتيم وأذاه بأيّ نوع من الإهانة والأذى، قال اللّه سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ × وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ × كَلاَّ بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} الفجر: 15-17. وقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ} الضحى: 9. وقال سبحانه: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ × فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ × وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} الماعون:1-3.

لقد شدّد ديننا الحنيف على مسؤولية وَلِيِّ اليتيم أمام اللّه عزّ وجلّ، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ''كلُّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته''، فالله تعالى سيسأله يوم القيامة عمّا استرعاه: هل حفظ اليتيم وكفّله أم ضيّعه والعياذ بالله.
وقد أمَرَ اللّه سبحانه وتعالى بحفظ الأمانة والقيام بحقّها تجاه أصحابها كما قال تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، واليتيم أحقّ بالرِّعاية والحفظ من غيره، فإذا كان الإسلام قد حفظ للإنسان حقوقه كاملة، فذلك في حقّ اليتيم آكد لضعفه وحاجته، فهو يستحقّ الرّحمة والعطف والشّفقة.
ولتربية اليتيم وكفالته وإكرامه أساليب كثيرة، منها:
الرِّفق في المعاملة، لأنّ اليتيم بعد أن فَقَد أبويه، يشعر بالضعف وفقدان عناصر القوّة والأمان وحتّى الحَنان، لذا حثّ الإسلام على إشباع هذا الجانب لدى اليتيم، من خلال الأجر المترتّب على الإحسان إليه، ورتّب الأجر العظيم لكلّ من يسدي المعروف إليه.
ومنها التربية الصّالحة، لأنّ تأديبه من صميم الإحسان إليه، ولا تكتمل تربيته إلاّ بتأديبه وتهذيبه، لأنّ من حقّه أن يتلقّى حظّه من التربية المتوازنة السّليمة، والواجب معاملته كالابن تمامًا في التربية والتقويم. كما من حقّه إتاحة الفرصة ليختلط بالأطفال الآخرين إذا كان وحيدًا وعدم إبداء القلق عليه وعدم التدخّل الدائم في أموره، كلّ ذلك في إطار الرقابة والمتابعة الأسرية له، وبهذا مساعدته لينضج عقليًا واجتماعيًا، ولا يشعر أنّ لديه علّة أو سببًا يجعله أقلّ من أقرانه. ولكفالة اليتيم وإكرامه أيضًا فوائد كثيرة، منها: مصاحبة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الجنّة، وكفى بذلك شرفًا وفخرًا. والمسح على رأس اليتيم وتطييب خاطره يؤدّي إلى ترقيق القلب وتزيل القسوة عنه، كما إنّ الكفالة تعود على صاحبها بالخير الجزيل والفضل العظيم في الحياة الدّنيا فضلاً عن الآخرة، قال تعالى: {هَل جَزاءُ الإحسانِ إلاّ الإحسانَ} الرّحمن:60، أي هل جزاء مَن أحسن في عبادة الخالق، ونفع عبيده إلاّ أن يحسن خالقه إليه بالثواب الجزيل، والفوز الكبير والعيش السّليم في الدّنيا والآخرة. إضافة إلى أنّها تساهم في بناء مجتمع سليم خالٍ من الحقد والكراهية وتسود فيه روح المحبّة والمودّة.
وفي إكرام اليتيم والقيام بأمره ورعايته والعناية به وكفالته إكرام لمَن شارك الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في صفة اليتم، وفي هذا دليل على محبّته. وفيها بركة عظيمة تحلّ على الكافل وتزيد في رزقه، وتزكية لمال المسلم وتطهيره وتجعَل هذا المال نِعْمَ الصّاحب للمسلم.
في كفالة اليتيم، أيضًا، حفظ لذرّيتك من بعدك وقيام الآخرين بالإحسان إلى أيتامك، فكافل اليتيم اليوم إنّما يعمَل لنفسه لو ترَك ذرية ضعافًا، فكما تُحسن إلى اليتيم اليوم يُحسن إلى أيتامك في الغد. ولا يمكن أن تستشعر هذه الفوائد الدّنيوية المترتّبة على كفالة اليتيم، وجعله يعيش في كنف أسرتك إلاّ بعد التّطبيق العملي لهذا المشروع الخيّر وقيامك بكفالة أحد الأيتام.