مرشحة عراقية للانتخابات خلال ندوة دعائية
يافطات تحمل صور مرشحات للانتخابات العراقية تفجر جدلا بين منتقد ومرحب بـ"الشكل" وباحث عن مضمون في برامج اقتراع مفصلي.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تترشح فيها نساء عراقيات لانتخابات البرلمان، فإن الاقتراع المقرر بعد أيام سجل أعلى النسب في عدد المرشحات.
وبحسب إحصائيات رسمية، فإنه من مجموع 3240 مرشحا، تنافس نحو ألف امرأة على 329 مقعداً نيابياً في الانتخابات المبكرة التي تجري قبل موعدها التشريعي بنحو 8 أشهر.
ويرجع مراقبون ارتفاع نسب مشاركة النساء المرشحات للتنافس في الانتخابات التشريعية حالة صحية تؤشر على وعي اجتماعي وسياسي، فضلاً عن تقدم في تطور المفاهيم المدنية التي تهتم ببناء الدولة وتدشين الحكومات المتكافئة.
وبحسب النصوص التشريعية التي جاءت ضمن الآليات الدستورية لحق المشاركة والترشح، يضمن نظام "الكوتا"، تواجد 25% من النساء في مجلس النواب العراقي.
وتأتي الانتخابات المبكرة المقررة في 10 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، استجابة لاحتجاجات اجتاحت معظم مدن العراق قبل نحو عامين، اضطر على إثرها رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي لتقديم استقالته وإنهاء عمل حكومته.
وتجري الانتخابات لأول مرة وفق تشريع جديد أقره البرلمان نهاية العام الماضي، قسم بموجبه البلاد إلى 83 دائرة انتخابية، وسمح بتعدد الدائرة الواحدة في كل محافظة وبحسب الثقل السكاني.
صورة جميلة
مع بدء الحملات الانتخابية للأحزاب ومرشحيها مطلع أغسطس/آب الماضي، توزعت صور المرشحات على الأبنية والطرقات في ظهور لم يخل من عنصر الجذب الجمالي.
وتطارد عيون العراقيين الانتخابات التشريعية بترقب كمطاردتها ليافطات نسائية أظهرت صور مرشحات في أجمل لباس وأعلى حالات التجمل والأناقة.
وشكل ظهور ما يطلق عليه البعض بـ"الحسناوات"، موضع جدل ونقاش وتأمل بين عامة الناس ممن انقسمت آراؤهم بين مؤيد بقوة ورافض بشدة.
وفي حديث يقول مواطن يتخذ من أحد آرصفة العاصمة بغداد مكاناً لبيع الملابس، إن "ظهور المرشحات بهكذا صور جميلة ومشوقة جلبت إلى بضاعتي المزيد من الزبائن".
ويضيف بائع الملابس الذي يتكئ على عمود كهرباء علقت عليه يافطة انتخابية لمرشحة بشعر أشقر ومظهر جذاب:" النساء أكثر قدرة في المجادلة والنقاش ومكانهن الحقيقي تحت قبة البرلمان".
برامج حقيقية
رأي لا يبدو متناغما مع ساهر ماهر (40 عاما)، المستاء من "طغيان الأنوثة والتبرج الزائد" في اللافتات الانتخابية لبعض المرشحات، على حد قوله.
ويمضي ماهر في القول: "الأمر ليس إفصاح عن مفاتن وخفايا، نحن بحاجة إلى برامج حقيقية لإنقاذ البلاد مما تواجهه من أزمات كبيرة وخانقة".
ويعاني العراق الغني بالنفط والثروات الكثيرة، من فساد ونسب بطالة عالية ومعدلات فقر متنامية وصلت مؤخراً نحو 30%، وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع والوصول إلى طريق "اللاعودة".
أما ماهر الذي يعمل عاملاً في فرن معجنات رغم امتلاكه شهادة جامعية في الحقوق، فيعتبر أن "الانتخابات التشريعية المقبلة تتطلب وجوها علمية وعقليات وطنية لا عارضات أزياء"، في إشارة إلى الأسلوب الدعائي المستخدم من بعض المرشحات.
من جهتها، تقول الباحثة الأكاديمية نوال طالب، إن "مشاركة المرأة في الحياة السياسية يؤكد على امكاناتها وقدرتها على تشاطر المهام مع الرجل في جوانب مختلفة وأن دورها لا يقتصر على 4 جدران منزلية".
وتستدرك طالب بالقول: "لقد استطاعت المرأة العراقية -رغم الفرص الضعيفة التي حصلت عليها- أن تقدم نماذج محترمة ومسؤولة ذات منجز حقيقي سواء في مجال التشريع أو التنفيذ".
كسر احتكار الذكور
طالب أضافت أن "الوسادة إذا ما ثنيت للمرأة في المشهد السياسي العراقي مجدداً فسنشهد تطوراً في الأداء وقدرة أكبر في تأدية المهام كون التجارب الماضية عززت من خبرتها وكسرت النمطية السائدة في هيمنة الرجل على بعض المناصب التي ظلت حتى الأمس القريب حكراً عليهم".
رأي يجد سنده في حكومة عادل عبد المهدي التي لم تكن تضم سوى امرأتين من أصل 22 حقيبة وزارية.
فيما ارتفع عدد التمثيل النسوي في كابينة مصطفى الكاظمي إلى ثلاثة، وهن وزيرة الدولة لشؤون مجلس النواب هيام نعمت من الكوتا التركمانية، ووزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق يعقوب من الكوتا المسيحية، ووزيرة الإعمار والإسكان والبلديات نازنين محمد وسو من الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ومؤخراً، وصفت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق هينيس بلاسخارات، النسب العالية من المرشحات في الانتخابات التشريعية بأنها "خطوة شجاعة"، لكنها في الوقت ذاته أكدت ضرورة الحد من تعرض المرشحات للانتخابات للعنف واتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهن، وحثت الأجهزة الأمنية العراقية على الاضطلاع بذلك.
وحينها، قالت بلاسخارات في كلمتها خلال مؤتمر مناهضة العنف ضد المرأة، إن "الأرقام تشير إلى مشاركة للنساء في الانتخابات بحد مشجع، إذ يمثلن 30% من المرشحين و"هذا من شأنه تحقيق التوازن في صنع القرار".
ندى الجبوري، نائبة سابقة ومرشحة للانتخابات القادمة، عن تحالف "تقدم"، ترى أن "قيادات الأحزاب السياسية كلها من الذكور، وأن من يتخذ القرارات المهمة سواء في الانتخابات وغيرها هم الرجال".
وأضافت: "هناك حملات تشهير تتعرض لها المرشحات بشكل واضح كون المرأة هي المفصل الضعيف في المجتمع ومن السهل استهدافها".
أما إخلاص يونس العبيدي، فتفضل الترشح للانتخابات المقبلة بعنوان مستقل "كون قيادات الأحزاب تفضل دعم المرأة الضعيفة" على حد تعبيرها.
وتؤكد العبيدي ، وجود "تمييز جنسي بين المرشحات والمرشحين الذين يحظون بدعم مالي لدعاياتهم الانتخابية"، مضيفة: "اعتمدت على إمكانياتي الذاتية وبمساعدة من زوجي لتوزيع ملصقاتي الانتخابية التي تتعرض للتمزيق من قبل مرشحين يخشون وجودي في دائرتهم غرب بغداد"