TODAY - November 08, 2010
أحد الاجهزة الطبية يتنقل بين ردهات النساء والرجال في اكثر المستشفيات اكتظاظا بمدينة الصدر
ثلث سكان بغداد بجهاز واحد لتخطيط القلب.. ووزارة الصحة تلوم «التخصيصات»
بغداد – حيدر الكاظمي
في مستشفى الامام علي الرئيسي بمدينة الصدر، حيث الكثافة السكانية الاعلى في بغداد وربما في البلاد بأسرها، هناك جهازان فقط لفحص "تخطيط القلب" خصص أحدهما بشكل ثابت لغرفة الطوارئ، بينما يتنقل الثاني بين ردهات النساء والرجال حسب الحاجة، ما يعني ان نحو "ثلث سكان بغداد" يعتمدون على جهاز واحد للتخطيط.
هذا ما يؤكده شهود عيان من منطقة الجوادر في مدينة الصدر حيث يقع المستشفى المذكور، بينما تلقي وزارة الصحة على لسان وكيل الوزير الدكتور خميس السعد، باللائمة على "قلة التخصيصات".
ويؤكد العديد من مراجعي المستشفيات الحكومية والاطباء على حد سواء ان هذه المرافق الحيوية تعاني نقصا كبيرا في لوازم العمل. وتسلم أحد مراجعي مستشفى الامام علي حسب ما افاد لـ"العالم" أمس الأحد، ورقة صغيرة قال ان الطبيب الخافر كتب عليها نوع الدواء الذي يحتاجه المريض وطلب منه احضاره من خارج المستشفى، على الرغم من ان مراجعته كانت بعد منتصف الليل. ولم يكن يدري هذا المراجع من أين سيجلب الدواء المذكور وهو يعاني حالة طارئة في هذا الوقت المتأخر حيث تغلق جميع الصديليات ابوابها بسبب حظر التجوال.لكن الوكيل الاداري لوزارة الصحة الدكتور خميس السعد قال في مقابلة مع "العالم"، ان "مؤسساتنا الصحية تقدم خدمات ممتازة، ونسعى الى ان نرتفع بمستوى الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين".واشار السعد الى ان "70 مليون مراجع في جميع محافظات البلاد حصل على الرعاية الطبية لدى مؤسسات الوزارة البالغ عددها 220 مستشفى ونحو 2168 مركزا صحيا حسب الاحصاءات الرسمية للوزارة لعام 2009 وسيرتفع العدد مع نهاية هذا العام".وتحدث الوكيل عن اخفاق في بعض المفاصل الصحية، لكنه دعا الى "التعاون بين الوزارة ودوائرها التنفيذية الاخرى لتقديم خدمات جيدة للمواطنين".
وقال في هذا الشأن ان "وزارة الصحة تمتلك جهات للمتابعة متمثلة بدائرة الامور الفنية والهندسية وتمتلك كذلك جهة رقابية تتمثل بدائرة المفتش العام مهمتها متابعة المؤسسات الصحية ولكن احتمالية حصول خلل معين في احدى هذه المؤسسات امر وارد ولكنه لا يعني ان هناك اخفاقا في مجمل العمل الذي تقدمه تلك المؤسسات".وتابع القول ان "المؤسسات الصحية تقدم لمراجعيها خدمات كبيرة من الفحوصات التي يقوم بها الاطباء الاختصاص الى الفحوصات المختبرية والخدمات الفندقية".
ولكنه شكى من عدم تفهم المراجعين لـ"اخفاقات آنية تحصل في اي مكان ونسيانهم لما هو جيد من خدماتنا". وقال "لو كان هناك تقصير في تقديم حقنة للمريض فسينهال علينا المواطن باللوم بينما لا يمتدح الخدمة الجيدة".
وعن عدم توفر الاجهزة الطبية الكافية في المؤسسات الصحية قال السعد ان "لدينا في وزارة الصحة سياقات فيما يتعلق بتوفير الاجهزة الطبية فنحن في مركز الوزارة قررنا التعاقد بشكل مباشر لشراء الاجهزة الطبية كأجهزة الرنين المغناطيسي والمفراس الحلزوني ولكننا قررنا كذلك السماح لمدراء المستشفيات بالتعاقد لشراء الاجهزة الطبية البسيطة او الصغيرة وكذلك صلاحيات التعاقد لشراء الادوية والمستلزمات وقمنا بتخصيص الاموال لتمويل هذه التعاقدات الصغيرة".
وحول وجود جهازين فقط لتخطيط القلب في مستشفى الامام علي في الجوادر على الرغم من تقديمها خدمات لعدد كبير من المراجعين من سكنة المدينة، قال السعد "سندقق في هذا الامر ونفتح تحقيقا لو لزم الامر". لكنه عاد ليقول ان "البنية التحتية لمستشفيات المدينة متهالكة وتتحمل ادارات هذه المستشفيات جزءا من المسؤولية فيما يتعلق بضعف الخدمات التي تقدم تحت رسم الخدمات الادارية".
واوضح "نقوم الان ببناء مستشفيات في بغداد، ومدينة الصدر تشهد حاليا بناء مستشفى كبير، وفي كل محافظة هناك مستشفيات قيد الانشاء ومع نهاية هذا العام او بداية العام الجديد سوف تحال عشرات المستشفيات للتنفيذ في عموم البلاد ولكن الامر يحتاج الى صبر خصوصا ان العراق لم يشهد بناء مؤسسات منذ العام 1986".وشكى السعد قلة التخصيصات الاستثمارية للقطاع الصحي وقال "حتى الان تخصيصاتنا الاستثمارية هي دون المستوى المطلوب والاستثمار لبناء المستشفيات يحتاج الى اموال كثيرة وكوادر طبية واجهزة متطورة".
ونبه الوكيل الاداري الى ان "الدولة تصرف نحو 125 دولارا ل تطوير الواقع الصحي للفرد الواحد ووزارة الصحة لا تقوم فقط بتوفير العلاج والاجهزة، اذ ان لديها خططا لتطوير مراكز الرعاية الصحية الاولية عن طريق برامج اللقاحات ورعاية الام والطفل".
في غضون ذلك هاجمت عضو مجلس النواب عن كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري، بلقيس كولي "المسؤولين عن وزارة الصحة"، وحملتهم مسؤولية التقصير في تقديم الخدمات، داعية مجلس النواب الى "استدعاء جميع وزارء الصحة الذين تعاقبوا على الوزراة ومحاسبتهم". وقالت كولي في حديث لـ"العالم"، "لا نعلم اين ذهبت المليارات المخصصة للوزارة". واضافت "كل يوم نسمع عن عقود بالمليارات وانهم في طور الاستيراد للادوية ولا نعلم الى اي حكومة ستسلم هذه الادوية". وزادت "لا تزال مستشفياتنا تأن تحت وطأة خدمات رديئة وسط ازدياد نسبة الاصابة بمرض السرطان في البصرة وميسان واللوكيميا والثلاسيميا في بغداد فضلاعن انتشار سرطان الثدي".
وتحدثت النائبة عن "تجارب شخصية لها" مع المؤسسات الصحية. وقالت "زرت مؤخرا مستشفى اليرموك فرأيت الخدمات السيئة التي يتلقاها المريض فضلا عن الفساد المالي المستشري الى حد ان يتم مقايضة واجبار المريض على دفع مبلغ من المال ليتسنى له ابقاء مرافق له داخل ردهته".
وحول تردي الواقع الصحي في مستشفيات مدينة الصدر التي تشكل نحو ثلثي سكان بغداد قالت النائبة ان "مستشفيي مدينة الصدر غير مؤهلين لاستقبال المراجعين خصوصا ونحن نتحدث عن اكثر من مليونين ونصف المليون نسمة". واضافت "قد يموت اي مريض قبل ان تجرى له عملية بدافع عدم وجود سرير لاستقباله وهذا الامر لمسته في مركز الحساسية الذي شكى مديره عدم وجود العلاجات وهو يستقبل نحو 300 مراجع يوميا".
وخلصت النائبة كولي الى القول "يضطر بعض المرضى الى بيع دورهم لتلقي العلاج خارج البلاد".
alalem