﷽
خطبة السيدة زينب عليها السلام في الكوفة..
••《1》
قال بشير بن خزيم الأسدي :
✦ونظرت إلى زينب بنت علي عليه السلام يومئذ فلم أر خفرةً ـ والله ـ أنطق منها (المرأة الشديدة الحياء.) ، كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا.
✦فارتدّت الأنفاس ، وسكنت الأجراس ، ثمّ قالت :
✦« الحمد لله والصلاة على أبي : محمّد وآله الطيّبين الأخيار.
✦أمّا بعد :
يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والغدر !!
✦أتبكون ؟
فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنة.
✦إنّما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ، تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم.
✦ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف ؟
والصدر الشنف ؟
وملق الإماء ؟
وغمز الأعداء ؟
✦أو كمرعى على دمنة ؟
أو كفضة على ملحودة ؟
✦ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.
✦أتبكون ؟
وتنتحبون ؟
✦إي والله ، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً.
✦فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً.
✦وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوّة ؟ ومعدن الرسالة ، وسيّد شباب أهل الجنّة ، وملاذ خيرتكم ، ومفزع نازلتكم ، ومنار حجّتكم ، ومدرة سنّتكم ؟؟
✦ألا ساء ما تزرون ، وبعداً لكم وسحقاً ، فلقد خاب السعي ، وتبت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ، وضربت عليكم الذلّة والمسكنة.
•┈┈┈••✦--✦••┈┈┈•
﷽
خطبة السيدة زينب عليها السلام في الكوفة..
•《2》
وَيلكم يا أهل الكوفة !
✦أتدرون أيّ كبدٍ لرسول الله فَرَيتُم ؟!
وأيّ كريمةٍ له أبرزتم ؟!
وأيّ دم له سفكتم ؟!
وأيّ حرمةٍ له هتكتم ؟!
✦لقد جئتم بها صَلعاء عَنقاء سَوداء فَقماء ، خَرقاء شَوهاء ، كطِلاع الأرض وملء السماء.
✦أفعجبتم أن مطرت السماء دماً ، ولعذاب الآخرة أخزى ، وأنتم لا تُنصَرون.
✦فلا يَستَخفّنكم المُهَل ، فإنّه لا يَحفِزُه البِدار ، ولا يَخافُ فَوتَ الثار ، وإنّ ربّكم لبالمرصاد ».
قال الراوي : « فوالله لقد رأيت الناس ـ يومئذ ـ حَيارى يبكون ، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم.
✦ورأيت شيخاًَ واقفاً إلى جنبي يبكي حتّى اخضلت لحيته ، وهو يقول :
✦« بأبي أنتم وأمّي !! كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء ، ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبزى ».
انتهى
كتاب « الملهوف » للسيّد ابن طاووس رضوان الله عليه.
•┈┈┈••✦--✦••┈┈┈•