جهاز الرنين المغناطيسي المغلق ..
تجربة حياتية لن تخرج بعدها كما دخلت .. قلباً وشعوراً..
٤٠ دقيقة وأنت مستلقٍ على ظهرك ، مكان مظلم ضيق بارد .. لا يتحرك منك أي شيء ، صمت لا يقطعه إلا ضجيج الآلات ..
لا تفتأ حينها تستحضر فكرة المآل الأخير، وتستشعر شيئاً من تفاصيله..
يروي أحد الأشخاص شعوره أثناء دخوله إلى جهاز الرنين
فيقول: كنت أظن الأمر سهلاً لا يستحق التهويل والمبالغة، فدخلت.. ولم يمض من الوقت إلا شيء يسير أظنه ١٠ دقائق ، إلا وأنا بوحشة شديدة تجتاحني ما شعرت بها في عمري كله،
نفد صبري، وضاقت نفسي التي بين جنبيّ وأنا أواجهها، أفكر في عملي وما قدّمت لحياتي.
- يقول : فعزمت أن أقرأ ما يتيسر لي من محفوظي وأُهدئ روعي بالقرآن ، وأنا مستلقٍ لا أسمع ولا أرى أي شيء
فبدأت مستعيناً باللّه بالفاتحة ثم البقرة،
وصلت لمنتصف الجزء الثاني، وإذا بحفظي يتهاوى ويتداخل، وأُنسيت الآيات ..
حيلتي عاجزة ... لا مصحف أعود إليه ولا سبيل لمراجعة محفوظي أبداً !
- إعتراني خوف شديد لا يعلم به إلا اللّه
وما استشعرت حينها شيئاً كلحظة الموت ومآلي إلى القبر، وتخيلت نسياني لمحفوظي هناك ... ويا حسرة !
حفرة ضيقة أكثر ، بقائي فيها مضاعف دهراً طويلاً إلى أن يشاء اللّه ... لا أنيس لي فيها ولا سعة إلا بعملي ... ولا عودة لتصحيح ما مضى !
- أخذت أتأمل: إن كان هذا أمري الآن ... فكيف بيوم العرض الأكبر أمام رب العالمين؟!
كيف لي أن أقف في مصافّ الحفاظ، يقرأون ويرتلون ويرتقون في مراتب الجنة ... بينما أنا غافلٌ لاهٍ قد وهبني اللّه القرآن ثم فرّطت فيه في حياتي أيما تفريط وأهملت
معاهدته وتفلّت ؟!
يا حسرة تساوي العمر أجمع!
- خرجت من هناك وركبت سيارتي عجلاً أبحث عن المصحف، إحتضنته وأنا أدافع العبرات ... وأتحسس ملمسه ككنز ثمين فقدته طويلاً.
استشعرت حينها أن مرضي ، والتشخيص ، والفحوصات ، والأشعة ... كلها ما كانت إلا لأعيش تلك اللحظة.
أيقنت أنها البداية الحقيقية ... وأن عمري محسوبٌ بما بعدها.
- وصية ودّ لو تصل ويُسمعها الناس :
العمر فرصة لا ضمان لبقائها ... تزوّدوا من العمل ، ثبّتوا محفوظكم ، أتقنوا القرآن واجمعوه في صدوركم قبل أن ترفع المصاحف أو تخرج الروح ... ولا ينفع حينها ندم.
اللهم قلباً حياً ، وخاتمةً حسنة ، وعملاً صالحاً ترضاه ...