الكلامُ كالملابس
فكما أن لكل حالةٍ لباسا؛ فإن لكل حالةٍ كلاما.
الكلام الذي يُقال بحضرة غرباء أو معارف، ليس كالكلام الذي يُقال بحضرة
أصدقاء. كما أن من الكلام ما يُشبه القُبل، وهذا لا يُقال إلا بعيدا عن الأعين،
التفوّه به بين الناس كالتعرّي أمامهم.
من لم يراعِ هذه الاعتبارات؛ كان كمن يخرج إلى العمل بملابس النوم، أو
كالذي يذهب إلى المسجد بملابس السباحة.
الفرق هنا أن الخلل المتعلّق باللباس يُمكن إدراكه بسهولة، لأنه حسي. بخلاف
الخلل المتعلّق بالكلام، فهذا معنوي، وقد يخفى أحيانا.
ولهذا نجدنا نخطئ في كلامنا ونندم عليه، أكثر مما نخطئ في اختيار اللباس
المناسب ونندم عليه.
الأذواق هنا كالأذواق هناك، منها الرفيع والرقيع، ومنها المتوسط. كما أن انكشاف
العورة وارد في اللباس، لشفوفه أو سعته أو قصره أو..، إلا أن عورات العقول أكثر
خفاءً من عورات الأجساد، فكلُ العيون تدرك عورات الأجساد حينما تنكشف،
لكن ليست كل العقول تدرك عورات العقول، لاختلاف الحسي عن المعنوي، ولتباينِ
جنس المدرِك والمدرَك..
الكلامُ ملابسٌ ترتديها الثغور!