2003
انزلني ذلك القطار المنهك ليلا بعد مخاضه لطريق 9 ساعات فتنفست الصعداء بعده
انزلني في منطقة الاسكندرية الكائنة شمال محافظة بابل .. فوجدت نفسي في منطقة ظلماء لا نور فيها .. واصوات اطلاق النار من كل جانب ..
مضت اشهر قليلة فقط على سقوط النظام السابق .. حيث الانفلات الامني باسط ذراعيه
مالذي جاء بي الى هنا ؟
اها تذكرت
انني جئت لغرض البحث عن وثيقة السادس الاعدادي المطمورة بين انقاض معهدي- معهد التصنيع العسكري - والذي تهيكل بعد سقوط النظام تاركا طلبته تبحث لها عن معهد آخر !
خشية ان لا اجد مستقبلا وثيقة لدى مديرية التربية لكون كل الدوائر الحكومية تعرضت للحرق والتلف !
توجهت الى المعهد ضننا مني اجد الاقسام الداخلية على حالها فأبيت فيها ليلتي وعند الصباح ابحث عن وثيقتي واعود بها .. فوجدت المعهد واقسامه عبارة عن بقايا هياكل بلا اضاءة ومحترقة .. فعدت منه
و توجهت الى منطقة الاسكان القريبة من المعهد حيث لي زميلا فيها ..
الطريق كان مخيفا حيث تجد مجاميع مسلحة هنا وهناك
وتسمع اطلاق النار لا تعلم ما سببه
وصلت لمنزل صديقي خائفا .. طرقت الباب فخرج لي اخيه
فسلمت عليه وسألته عن صديقي مخبرا اياه انا زميله في المعهد وجئت من البصرة لغرض وثيقتي الدراسية ولم اجد مأوى في اقسامنا الداخلية في المعهد
فقال لي ( ولله يخوي صديقك سافر الى خواله في كربلاء ) ولم يكلف نفسه ويقول لي كلمة تفضل !
فتمالكني الخجل من رده .. وقلت له : اها خير ان شاء الله وودعته ومضيت و العرق يصب من جبهتي خجلا بسبب عدم استضافته لي رغم اني قلت له انا من البصرة وصديق اخيك والوقت مساءا !
ذهبت ابحث عن سيارة اجرة تنقلني الى كربلاء او للحلة لكون الاسكندرية ليس فيها فندق ابيت به فلم احصل ..
من يخرج ليلا بسيارته تحت هذا الانفلات الامني ؟
وقفت كثيرا و يخيل لي في اي لحضة يقوم بتسليبي احد المسلحين المتجولين في الطرقات الدامسة الظلام ولربما يقتلني
لا اعلم الى اين سأذهب ؟
انها حيرة مسلم بن عقيل يا الهي
تذكرت ان في سوق الاسكندرية مقهى ترددت لها مع زملائي ايام الدراسة فقررت الذهاب لها عل صاحب المقهى يساعدني في محنتي حتى لو يسمح لي بالنوم بداخلها فاكون ممتنا له .. فقط اريد مأوى اؤمن به على حياتي
تهت في بادئ الامر ولكن اخيرا استعدت الذاكرة فذهبت الى السوق الذي فيه المقهى
لاحضت كل المحلات مغلقة والمقهى ايضا مغلق
لا يا الهي ما الحل الان ؟
كيف سأقضي ليلتي الظلماء المخيفة
الهي لا تتركني وحيدا في حيرتي وانا اتمشى في تفرعات السوق
حتى سمعت صوتا من بين الدكاكين ( خالد خالد ... هاي شجابك ولك .. ووين ماشي يمعود ) التفتت اتجاه الصوت _فلم اعرفه بسبب الظلام_ قادما اتجاهي مسرعا حتى وصل لي واذا به زميلا آخر لي في المعهد ولكن ليس لي به علاقة مجرد سلام بيننا لا اكثر.. لديه محل مواد انشائية و قد جاء للمحل ناسيا فيه شيئا ما .. انساه الله الشيء حتى يعود لمحله ويلقاني وينقذني .. انها رحمة الله .. فأكمل اغلاق محله ومررت من امامه فعرفني
جائني وعانقني مندهشا مني كيف وصلت لهنا ؟ فقلت له ابحث عن سيارة اجرة تقلني الى كربلاء واعود في الصباح ابحث عن وثيقتي
فضحك وقال اين تجد سيارة في هذا الوقت هيا هيا تعال معي للمنزل ومسكني بقوة واخذني معه وقام بضيافتي على احسن وجه ..
لا تسعفني الذاكرة على اسمه ولكنه من عشيرة جبور اصوله من الانبار .. الله يذكره بالخير ويوفقه
عند الصباح اوصلني للمعهد وبحثنا عن وثيقتي الدراسية فوجدتها في الانقاض المرمية في ساحة المعهد بين مئات الوثائق !
واوصلني للكراج وودعته وانا احمل خالص امتناني له ولموقفه النبيل .
اخ صديق مقرب لم يقم بالواجب تجاه صديق اخيه
و زميل معرفتي به لا تتجاوز السلام قام مايقوم به كل بن اصول
الخلاصة من القصة : بن الاصول يبقى بن اصول
تحياتي