الوعي: كيف تلعب المادة الكيميائية في الدماغ “الدوبامين” دورًا رئيسًا (بحث جديد) – ترجمة عدنان أحمد الحاجي
Consciousness: how the brain chemical ‘dopamine’ plays a key role – new research
(المؤلفون: باربرا جاكلين ساهاكيان، برفسورة علم النفس العصبي السريري ، جامعة كامبريدج، وآخرون:)
Barbara Jacquelyn Sahakian
Professor of Clinical Neuropsychology, University of Cambridge
Christelle Langley
Postdoctoral Research Associate, Cognitive Neuroscience, University of Cambridge
Lennart Spindler
PhD Candidate of Neuroscience, University of Cambridge
Emmanuel A Stamatakis
Lead, Cognition and Consciousness Imaging Group, Division of Anaesthesia, University of Cambridge
يمكن القول إن الوعي (consciousness) (انظر 1) هو أهم موضوع علمي. وبدونه، لن يكون هناك شيء اسمه علم في النهاية. لكن على الرغم من أننا جميعًا نعلم كيف يكون الشعور بالوعي – بمعنى أن يكون لدينا وعيًا (awareness) (انظر 2) شخصيًا ونستجيب لما حولنا – فقد تبين أنه من شبه المستحيل أن نفسر كيف ينبثق الوعي بالضبط من جهاز الدماغ العصبي (Wetware). يُطلق على هذه اسم “معضلة” الوعي (3).
حل هذه المعضلة هو مسألة فضول علمي كبيرة. لكن حتى الآن ، لم نصل إلى حل حتى للمسائل “السهلة” (3) لتفسير أي أنظمة من أنظمة الدماغ تؤدي إلى انبثاق مشاعر واعية بشكل عام – في البشر أو الحيوانات الأخرى. هذا له أهمية سريرية كبيرة. تعتبر اضطرابات الوعي (4) نتيجة شائعة لإصابات الدماغ الشديدة وتشمل الغيبوبة والحالات الإنباتية (5). ونتعرض جميعًا لفقدان مؤقت للوعي (2) عند التخدير أثناء العمليات الحراحية.
في دراسة نُشرت في وقائع الأكاديمية الوطنبة للعلوم (Proceedings of the National Academies of Science) (انظر 6)، أثبتنا الآن أن نشاط الدماغ الواعي يبدو أن له علاقة بـ “مادة المتعة الكيميائية” في الدماغ، الدوبامين (7).
حقيقة أن الآليات العصبونية التي تدعم أساس اضطرابات الوعي صعبة على الوصف تجعل من الصعوبة بمكان تشخيص هذه الحالات وعلاجها. أثبت تصوير الدماغ أن شبكة من مناطق الدماغ المتصلة فيما بينها، والمعروفة باسم شبكة الوضع الافتراضي (8)، معنية (9) بالادراك الذاتي (self-awareness) (انظر 10). كما أُثبت أن هذه الشبكة معطلة (impaired) في التخدير وبعد تضرر الدماغ الذي يسبب اضطرابات الوعي. والأهم من ذلك، يبدو أن هذه الشبكة حاسمة للشعور / للتحربة الواعي / ة (11).
ومع ذلك، قد يبدو أن بعض المرضى فاقدون للوعي بينما هم في الواقع ليسوا كذلك. في دراسة تاريخية نشرت في عام 2006 ، أثبت فريق من الباحثين أن الشابة البالغة من العمر 23 عامًا، والتي أُصيبت بإصابة رضية شديدة في الدماغ بعد حادث مروري (12)، وكان يُعتقد أنها في حالة انباتية (غيبوبة، 5) ، كان لديها علامات على الوعي (13). طُلب من المريضة تخيل أنها تلعب كرة تنس أثناء فحص الدماغ بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI، انظر 14) ورأى الباحثون أن مناطق الدماغ المعنية بالعمليات الحركية نَشُطَت استجابةً لذلك.
وبالمثل ، عندما طُلب منها تخيل أنها تمشي في غرف بيتها، أصبحت مناطق الدماغ المعنية بالتنقل المكاني، كالقشرة الجدارية الخلفية (15)، نشطة. نمط التنشيط (activation) الذي أظهرته كان مشابهًا لنمط التنشيط الذي أظهره الأصحاء، ولذلك فقد أعتُبرت أن لديها وعي (2) على الرغم من أن ذلك لم يكن ملحوظًا في التقييم السريري الكلاسيكي (الذي عادةً لا يشمل فحوصات الدماغ).
أبحاث أخرى وجدت تأثيرات مماثلة في مرضى آخرين من مرضى الحالة الإنباتية. هذا العام ، حذرت مجموعة من الباحثين ، كتبوا في مجلة الدماغ (Brain) (انظر 16)، من أن واحدًا من كل خمسة مرضى في حالة إنباتية قد يكون في الواقع واعيًا بدرجة كافية لتلقي الأوامر واتباعها أثناء فحوصات الدماغ (17) – على الرغم من عدم وجود إجماع على ذلك (18).
مادة كيميائية في الدماغ معنية بالوعي
إذن كيف نساعد هؤلاء الناس؟ الدماغ هو أكثر من مجرد مجمع لمناطق مختلفة. تعتمد خلايا الدماغ أيضًا على عدد من المواد الكيميائية للتواصل مع الخلايا الأخرى – مما يجعل عددًا من وظائف الدماغ ممكنًا. قبل دراستنا، كان هناك بالفعل بعض الأدلة على أن الدوبامين، المعروف بدوره في المكافأة، يلعب أيضًا دورًا في اضطرابات الوعي.
الدوبامين: مادة المتعة الكيميائية في الدماغ
على سبيل المثال ، أثبتت إحدى الدراسات (19) أن إفراز الدوبامين في الدماغ ضعيف لدى المرضى الذين لديهم الحد الأدنى من الوعي. علاوة على ذلك، أثبتت عدة دراسات صغيرة الحجم أن وعي المرضى يمكن أن يتحسن بإعطائهم أدوية تعمل من خلال الدوبامين.
مصدر الدوبامين في الدماغ يُسمى بالمنطقة السقيفية البطنية (VTA، انظر 20). من هذه المنطقة يُفرز الدوبامين وينتشر في معظم مناطق القشرة الدماغية. في دراستنا الأخيرة ، أثبتنا أن وظيفة مصدر الدوبامين في الدماغ هذا تتعطل لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات الوعي وكذلك لدى الأشخاص الأصحاء بعد وضعهم على مخدر.
مصدر الدوبامين في الدماغ يسمى بالمنطقة السقيفية البطنية (VTA)
في الأصحاء، وجدنا أن وظيفة منطقة السقيفية البطنية (VTA) قد اُستعيدت بعد سحب التخدير. كما استعاد الذين يعانون من ضعف الوعي والذين تحسنوا بمرور الزمن بعضًا من وظائف منطقة السقيفية البطنية (VTA) لديهم. بالإضافة إلى ذلك الخلل الوظيفي في الدوبامين قد رُبط بخلل وظيفي في شبكة الوضع الافتراضي، والتي نعلم بالفعل أنها أساسية للوعي. هذا يفيد بأن الدوبامين قد يكون له فعلًا دور مركزي في الحفاظ على وعينا.
أثبتت الدراسة، التي أجريت في قسم التخدير بجامعة كامبريدج ، أن استخدام الأدوية الحالية والمستقبلية ، التي تعمل على الدوبامين ، يجب أن تساعد في تحسين فهمنا للتخدير. من المثير للدهشة، أنه على الرغم من التخدير بمادة الإيثر (21) اُستخدم لأول مرة في الجراحة في مستشفى ماساتشوستس العام في عام 1846، فإن العمليات الاجرائية المعينة المتعلقة بكيفية عمل التخدير العام في مواقع متعددة في الجسم ليحدث تأثير التخدير لا تزال غامضة.
لكن الجانب الأكثر إثارة في هذا البحث هو، في النهاية، أنه يعطي الأمل لإيجاد علاجات أفضل لاضطرابات الوعي (22) ، وذلك باستخدام الأدوية التي تعمل على الدوبامين.