اجتماع توقيع وثيقة السلوك الانتخابي بالعراق
مع بدء العد التنازلي للانتخابات العراقية تتصاعد حدة المخاوف من عمليات تزوير وضغط محتملين على الناخب لمصادرة إرادته.
وتعتمد الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة بالعراق في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، على البطاقة البايومترية المزودة ببصمة الناخب وإجراءات إلكترونية لإظهار النتائج الأولية للاقتراع فور انتهاء التصويت.
ورغم تلك التدابير، إلا أن الجدل بشأن حصانة تلك الآليات أمام "سراق" الأصوات والمتسللين للصناديق الاقتراع، لا يزال سيد الموقف خشية تكرار ما شهدته الانتخابات السابقة من عمليات تزوير واحتيال لمصادرة إرادة الناخبين.
وشهدت آخر انتخابات تشريعية في العراق مشاركة كانت الأضعف في تاريخ التجارب الديمقراطية الأربع بالبلاد بعد 2003، أعقبتها طعون ورفض شعبي لنتائجها.
وعقب أيام من الانتخابات التي سجلت نسبة مشاركة عند حدود 34%، طالت سلسلة من الحرائق مراكز اقتراع ما أسفر عن ضياع أصوات آلاف الناخبين.
مخاوف
يقول سرمد علي، أحد المراقبين الذين شاركوا في الانتخابات الماضية، إن مستوى الصراع بين القوى السياسية واحتدام المواقف يكشف مدى استعداد تلك الأحزاب والكيانات لانتزاع الأصوات الانتخابية بالطرق الشرعية وغير الشرعية.
ويضيف علي،، أن "عمليات التزوير والاحتيال على الناخب تتجلى قوتها يوم الاقتراع، من خلال الضغط لاستمالته عبر شبكات منظمة موزعة عند مراكز الاقتراع تعمل أغلبها لصالح قوى سياسية ذات أجنحة مسلحة".
من جانبها، تؤكد المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي أن "فرص التزوير ستكون ضعيفة جداً كون البطاقات البايومترية ذات كفاءة عالية ضد أي عملية احتيال".
وأضافت الغلاي،، أن "هذه البطاقات لا يستطيع أحد استلامها أو التصويت من خلالها باعتبار أنه لا يحق سوى لحاملها وصاحبها التصويت بها، فالبيانات وبصمة الأصابع العشرة موجودة، ولا يستطيع أي شخص استخدام أي بطاقة سواء كانت بايومترية أم قصيرة الأمد لشخص غير صاحب الملكية الخاصة لهذه البطاقة".
وكانت المفوضية العليا للانتخابات أعلنت مؤخراً الانتهاء من توزيع أكثر من 14 مليون بطاقة بايومترية، فيما أكدت أن فرقها ما زالت تعمل على إصدار البقية لمن لم يحصلوا عليها لغاية الآن.
مدونة "شرف"
يتوقع الكثير من المراقبين أن تكون الانتخابات التشريعية المقبلة مختلفة عن التجارب الأربع السابقة كونها تأتي في توقيت حرج لا تتحمل فيها البلاد وصول حكومات ضعيفة.
وتمثل الانتخابات النيابية عن تطلعات المحتجين الذين أسقطوا حكومة عادل عبدالمهدي في عامها التشريعي الأول (2019)، وتغير قواعد اللعب بتشريع قانون انتخابي جديد يقلل من هيمنة الكتل الكبيرة على صناديق الاقتراع.
ويتنافس 3243 مرشحاً بالانتخابات المقررة بعد نحو 3 أسابيع على 320 مقعدا ضمن 83 دائرة انتخابية.
وتتضارب توقعات المراقبين ومسوحات الرأي العام السرية التي تجريها بعض المراكز المتخصصة بشأن نسب المشاركة بين من يتكهن أنها ستكون معتدلة وبين من يرى أنها قد تكون ضعيفة.
في الأثناء، تسعى حكومة مصطفى الكاظمي الحالية إلى تحقيق أكبر فرصة لمشاركة الناخبين من خلال تقديم الضمانات المحلية والدولية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة دون تلاعب أو تدليس.
وسجلت خلال الأيام الماضية خروقات انتخابية بتمزيق يافطات مرشحين من قبل جهات لم يتم الكشف عنها، مما دفع إلى إسناد مهام حماية الدعايات الانتخابية للعمليات المشتركة بالعراق.
وسبق انطلاق الحملات الدعائية عمليات تهديد وملاحقة واغتيال طالت بعض المرشحين، مما ينذر بدخول السلاح المنفلت على خط الانتخابات.
علي الزهيري، مدير أحد المراكز الانتخابية في العاصمة العراقية بغداد، يؤكد أن ذلك لن يؤثر كثيرا على سير الانتخابات ونتائجها لكونها ممارسات منفردة ولا ترقى إلى مستوى التهديد.
واستدرك الزهيري": "لكن ذلك لا يعني التسليم وغض النظر عن تلك الممارسات، وإنما تطويقها وتقديم الجناة إلى القضاء".
من جانبه، يرى الناشط المدني عامر سالم أن الغطاء الدولي الذي تحظى به تلك الانتخابات تدفع ببعض المتصيدين بالماء العكر إلى البحث عن ثغرات ينفذون من خلالها إلى صناديق الاقتراع بعدما أدركوا إفلاسهم الجماهيري وصعوبة الحصول على صناديق ثقيلة بالأصوات.
ويضيف سالم،، أن "حكومة الكاظمي جاءت لتحقيق انتخابات حرة ونزيهة، وعلى ما يبدو أنها تقترب من تنفيذ هذا الوعد من خلال خطوات، أحدثها توقيع وثيقة أخلاقية مع القوى السياسية تلزمها باتباع وسائل شريفة في التنافس الانتخابي".
وأمس الأربعاء، جرى بحضور الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وممثلين عن قوى سياسية، إضافة إلى الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، توقيع مدونة سلوك انتخابي مكونة من 13 بنداً.
وتضمنت البنود إلزام المرشحين والقوى السياسية باعتماد آليات نزيهة وشفافة تضمن تحقيق برامج انتخابية بين المتنافسين، فيما اعتبرها الكاظمي وثيقة "ضمير".