جواد ظريف وعبدالغني برادر - فورين بوليسي
كشفت مجلة "فورين بوليسي" عن أن حالة الود التي تبديها إيران تجاه "طالبان" بأفغانستان لا تعكس الواقع والتخوفات من جارتها الشرقية.
وبعد سيطرة طالبان على كابول منتصف الشهر الماضي، رحب الرئيس الإيراني المنتخب حديثا إبراهيم رئيسي بـ"الهزيمة العسكرية وانسحاب الولايات المتحدة".
وقالت فورين بوليسي إنه رغم سعادة إيران بمغادرة القوات الأمريكية من حدودها الشمالية الشرقية، تشكل "الإمارة الإسلامية" في أفغانستان مجموعة أخرى من التحديات التي يتردد صناع القرار بطهران في مناقشتها علانية.
وأضاف، خلال تحليل أعده كيفن ليم، الباحث المتخصص في شؤون السياسة الخارجية والأمن بمنطقة الشرق الأوسط، أنه بقدر ما دعمت إيران طالبان خلال السنوات الأخيرة، تتضمن السيناريوهات التي تقلق طهران انقلاب الحركة ضد إيران أو الأقلية الشيعية الموجودة بأفغانستان بالإضافة إلى شبح ما يسمى "الجهاد السني" الذي ينتشر غربا.
وأشارت إلى أن إيران وطالبان كانوا ألد الأعداء نهاية التسعينيات، حيث سحقت الأخيرة المعارضة والأقليات من بينها الهزارة الشيعة.
وآنذاك، انضمت إيران إلى الولايات المتحدة وروسيا والهند في دعم التحالف الشمالي ضد طالبان. وعام 1998، دخلت إيران وأفغانستان (التي كانت تحكمها طالبان) الحرب بعد مقتل عدة دبلوماسيين إيرانيين في مدينة مزار شريف.
وصوت المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على الحرب، ولكن رفضها المرشد علي خامنئي.
وتحمل قنصلية مزار شريف ذكرى أليمة للإيرانيين تعود الى سبتمبر/أيلول 1998، حين أعلنت طالبان "العثور" على جثث تسعة دبلوماسيين إيرانيين من القنصلية، فقدوا بعد سيطرة الحركة على المدينة في الشهر الذي سبق.
وبينما ألمحت طالبان حينها إلى أن هؤلاء قتلوا على يد عناصر تصرفوا بمفردهم، حمّلت طهران الحركة المسؤولية عن مقتلهم الذي أثار غضبا واسعا في إيران.
وعلى مدار السنين، بدأ تحسن بالعلاقات بين إيران وطالبان لا سيما مع ظهور تنظيم داعش وفرعه في أفغانستان (خراسان) في 2014.
وبدأت إيران دعم وتمويل وتدريب وتسليح طالبان ضد داعش خراسان، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وقوات الحكومة الأفغانية.
ووفقا لـ"فورين بوليسي"، فإن طالبان احتفظت بمكاتب لها في إيران، بما في ذلك في زاهدان ومشهد، ويبدو أن بعض مسؤولي الحركة اشتروا منازل في إيران أيضًا.
وفي 2016، قتلت غارة لطائرة مسيرة أمريكية المرشد الأعلى لطالبان آنذاك الملا أختر محمد منصور في أثناء عودته إلى باكستان من إيران.
وسعيا وراء النفوذ في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي، استضافت طهران وفدا من ممثلي طالبان من المكتب السياسي المؤقت للحركة في الدوحة بقيادة الملا عبدالغني برادر الذي يشغل الآن منصب نائب رئيس الوزراء الأفغاني.
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أنه بالرغم من أن إيران تقدم لحكام أفغانستان الجدد نموذجا للانتقال من حركة ثورية رجعية إلى هياكل دولة دائمة، أظهرت طالبان في الشهور الأخيرة آراء متعارضة مع نخبة المؤسسة الإيرانية.
وفي حين أشادت بعض وسائل الإعلام الإيرانية التابعة للقيادة المتشددة أو الحرس الثوري بالتغيير المفترض لطالبان، ظلت هناك أصوات توجه انتقادات حادة لها.
ومع تشكيل حكومة طالبان، فإن أقل ما تسعى إيران إليه هو علاقات عمل ودية. لكن يعلم قادة إيران أنه بالرغم من التطمينات، يمكن للحركة أن تنقلب عليهم.
ولتجنب حرب أهلية أخرى على الحدود، تواصل إيران التأكيد على الحاجة لحكومة أفغانية شاملة، لكن الحكومة التي تم تشكيلها حديثا في كابول لا تتضمن أقليات عرقية.
وفي أسوأ الأحوال، بحسب المجلة الأمريكية، فإن تجدد الحرب الأهلية سيهدد الحدود الشرقية لإيران، ويمكن أن تتسبب الحرب في تدفق مزيد من اللاجئين والأسلحة والمخدرات عبر الحدود، ناهيك بالموالين لـ"داعش" .