الكوفة نيوز-






لقد سُئل أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام) عن سبب اختلاف الناس بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال (عليه السّلام):
"إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً، وصِدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعامّاً وخاصّاً، ومُحكماً ومتشابهاً، وحِفظاً ووَهْماً، ولقد كُذِب على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على عَهْده حتّى قام خطيباً فقال: مَن كذب عَلَيَّ مُتعمّداً، فليتبوّأ مقعده من النار. وإنّما أتاك بالحديث أربعةُ رجالٍ ليس لهم خامس:
رجل مُنافق مُظهِر للإيمان، مُتصنّع بالإسلام لا يتأثّم ولا يتحرّج، يكذب على رسول الله صلّى الله عليه وآله متعمّداً، فلو عَلِمَ الناسُ أنّه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يُصدّقوا قوله، ولكنّهم قالوا « صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله، رآه وسمع منه ولقف عنه »، فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووَصَفهم بما وَصَفهم به لذلك، ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة، والدعاة إلى النار بالزور والبُهتان، فولَّوهم الأعمال، وجعلوهم حُكّاماً على رقاب الناس، فأكلوا بهم الدنيا. وإنّما الناس مع الملوك والدنيا إلاّ مَن عصم اللهُ، فهذا أحد الأربعة.

ورجلٌ سَمِع من رسول الله شيئاً لم يحفظه على وجهه، فوَهِمَ فيه، ولم يتعمّد كذباً، فهو في يديه يرويه ويعمل به ويقول « أنا سمعتُه مِن رسول الله صلّى الله عليه وآله »، فلو عَلِم المسلمون أنّه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو عَلِم هو أنّه كذلك لرفضه.

ورجلٌ ثالث سمع من رسول الله صلّى الله عليه وآله شيئاً يأمر به، ثمّ أنّه صلّى الله عليه وآله نهى عنه، وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيءٍ، ثمّ أمر صلّى الله عليه وآله به وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ. فلو عَلِم أنّه منسوخ لرفضه، ولو علِم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.
وآخر

رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله، مُبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلّى الله عليه وآله، ولم يَهِمْ، بل حَفِظ ما سَمِع على وجهه، فجاء به على ما سَمِعَه، لم يَزِد فيه ولم يَنقُص منه، فهو حَفِظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجَنَّب عنه، وعرف الخاص والعامّ، والمُحكَم والمتشابه، فوضع كلّ شيءٍ موضعه.