صالح سليم.. صاحب أشهر عبارات قيلت لامرأة في تاريخ السينما المصرية
أصبح "الباب المفتوح" من أيقونات الأفلام النسائية في مصر، وأصبح الخطاب الذي أرسله البطل لحبيبته هو الأشهر في تاريخ السينما المصرية.
صالح سليم ونجاة الصغيرة في فيلم "الشموع السوداء" (مواقع التواصل)
لا يزال خطاب حسين الذي كتبه لليلى في فيلم "الباب المفتوح" هو الأكثر شهرة في تاريخ السينما المصرية، حتى أن كثيرا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يستشهدون بعباراته من وقت لآخر، ليحفر اسم صالح سليم من خلال عالم السينما في قلوب وعقول المشاهدين.
ورغم تاريخه الرياضي العريق، فإن سليم استطاع، بـ 3 أفلام فقط شارك في بطولتها، أن يحقق نجاحا كبيرا لا يقل عن قيمة عن البطولات التي حققها كأشهر لاعب كرة في النادي الأهلي القاهري.
نبوغ منذ الصغر
سليم، الذي تمر اليوم 11 سبتمبر/أيلول ذكرى ميلاده رقم 91، هو ابن الدكتور محمد سليم أحد رواد طب التخدير في مصر، ظهرت موهبته الفريدة في كرة القدم وهو لا يزال صغيرا حيث كان يلعب مع أصدقائه في الشارع، وبعدها اشترك في فريق الكرة بمدرسة الأورمان، ثم السعيدية الثانوية، قبل أن تلتقطه عين حسين كامل أحد لاعبي الأهلي وقتها والذي أخذه للنادي، ومن بعدها بدأت رحلة سليم مع هذا النادي عام 1947 ليصبح اللاعب الأول في الفريق الشهير.وحقق سليم رقما قياسيا بالمشاركة في 9 بطولات متتالية، ورقم قياسيا آخر بتحقيقه 7 أهداف في مباراة واحدة، فكان النجم الكروي الأكثر شعبية في ذلك الوقت ولقب بالأب الروحي لنادي الأهلي.
استغلال شعبيته
الشعبية الكبيرة التي كان يتمتع بها سليم كنجم رياضي وسيم، جعلت المنتج حلمي رفلة يقترح على المخرج عاطف سالم إسناد إحدى شخصيات فيلمه "السبع بنات" عام 1961 لهذا النجم الكروي، إلا أن سليم رفض هذا تماما، فقرر المنتج والمخرج اللجوء إلى النجمين عمر الشريف وأحمد رمزي من أجل إقناعه نظرا للصداقة القوية بين هذا الثلاثي.
وبالفعل وافق سليم خاصة وأن ظهوره في الفيلم كان كضيف شرف، ورغم قلة مشاهده فإن رفلة استعان باسمه على أفيش الفيلم (الملصق الدعائي) لضمان النجاح مستغلا شعبية سليم، الذي ظهر بشخصية "نبيل" لاعب شيش ومبارز سيف وهو خطيب الابنة الكبرى نادية لطفي، والذي يتوفى في حادث طائرة.
معلمه الأول
ظهور سليم في "السبع بنات" لم يلق استحسان النقاد الذين شعروا بأنه لا يصلح كممثل، ولم يضف شيئا للشاشة الذهبية كنجم كروي، إلا أنه كان تمهيدا لنجاح أكبر حين اعتذر الشريف عن المشاركة في بطولة فيلم "الشموع السوداء" أمام نجاة الصغيرة وأمينة رزق وفؤاد المهندس، وقتها تم ترشيح المطرب عبد اللطيف التلباني.لكن المخرج عز الدين ذو الفقار كان يبحث عن بطل بوجه صارم يتناسب مع الحالة النفسية للشخصية، وكان ذو الفقار من عشاق الأهلي وسليم، ففكر في إسناد الدور إليه، وبالفعل تولى بنفسه تدريبه على التمثيل وفن الإلقاء 3 أشهر، خاصة وأن الشخصية التي ظهر بها سليم في الفيلم ليست سهلة، حيث يعاني من فقدان بصره.
وقد استطاع لاعب الكرة الشهير أن يقدم شخصية أحمد الشاعر الكفيف بدون تكلف في الانفعالات، وساعده على ذلك نبرة صوته وتعبيرات وجهه وحركات جسده أيضا ليقنع المشاهدين وقتها بأنه بالفعل كفيف.
استغل ذو الفقار نجومية سليم أيضا بالظهور في أحد المشاهد وهو يتجول في النادي الأهلي، فكان يعلم جيدا بأن المشهد سيخطف أنظار محبيه.
كما ظهر سليم في الفيلم بصحبة كلبه الحقيقي "روي" وهو أشهر الحيوانات التي ظهرت في السينما، حيث تمكن من السيطرة عليه وجعله يشارك معه بالتمثيل في بعض المشاهد حيث كان روي بمثابة عينيه التي فقدها.
أشهر خطاب
بعد عرض فيلم "الشموع السوداء" عام 1962، لم يكن سليم يفكر في العودة للتمثيل مجددا، لكن فاتن حمامة ألحت عليه للموافقة بالمشاركة في فيلم "الباب المفتوح" رغم أن الفنان رشوان توفيق كان قد صور بالفعل عددا من المشاهد في نفس الدور، لكنها طلبت من المخرج هنري بركات إسناد الدور إلى لسليم للكاريزما والجاذبية الطاغية التي كان يتمتع بها.وكانت فاتن تدرك أن البطل الذي سيقدم الدور أمامها لابد وأن يتمتع بمواصفات قوية لضمان نجاح الفيلم، وكان بركات -الذي قدم معها العديد من الأفلام- لا يمكنه أن يرفض طلبا لها.
وأصبح الفيلم من أيقونات الأفلام النسائية في مصر، حيث اقتبس من رواية لطيفة الزيات بنفس الاسم، وأصبح الخطاب الذي أرسله البطل لحبيبته هو الخطاب الأشهر في تاريخ السينما المصرية حين قال لها "أحبك وأريد منك أن تحبيني، ولكني لا أريد منك أن تفني كيانك في كياني ولا في كيان أي إنسان.. ولا أريد لك أن تستمدي ثقتك في نفسك وفي الحياة مني أو من أي أنسان.. أريد لك كيانك الخاص المستقل، والثقة التي تنبعث من النفس لا من الآخرين".وعلى عكس الشخصية التي قدمها في "الشموع السوداء" كان سليم في "الباب المفتوح" أكثر رومانسية وانطلاقا، وساهم في نجاح الدور بشكل أكبر في الصورة المثالية التي رسمتها الزيات لشخصية الحبيب.
اعتزال مبكر
النجاح الكبير الذي حققه سليم لم يغير من رأي بعض النقاد، ففي تسجيل إذاعي له مع برنامج "حديث الذكريات" اعترف بأنه لا يجيد التمثيل وقدم أفلاما من باب التجربة، وأنه حاول في هذا المجال؛ لكنه قرر الرفض والتركيز في حبه الأساسي للكرة.وبعكس ما أشيع بأن الكرة كانت السبب وراء رفضه للاستمرار في السينما، فإن مقالا لأحد الصحفيين بعد عرض فيلم "الباب المفتوح" هاجمه بشدة جعله يحسم قراره بألا يعود مرة أخرى للشاشة الذهبية كي لا يفقد شعبيته الكبيرة التي حققها.
حياة بسيطة
الشهرة التي وصل إليها سليم لم تغير كثيرا من اختياراته في الحياة فقد كان محبا للبساطة، إذ عاش في منزله بحي الزمالك في غرفة واحدة، فكان يرى أن الإنسان لا يحتاج إلى بيت كبير وأنه لا ضرورة للإسراف، وكانت فلسفته في الحياة مواجهة التعقيد بالبساطة.
الشهرة التي وصل إليها سليم لم تغير كثيرا من اختياراته في الحياة فقد كان محبا للبساطة (مواقع التواصل)
عام 1998، اكتشف سليم إصابته بسرطان في الكبد، حيث اعتاد إجراء فحوصات طبية كل 6 أشهر، وبعدها بفترة قصيرة انتقل المرض إلى الأمعاء مما اضطره لإجراء جراحة استئصال جزء من الأمعاء، وهو ما أدى إلى تدهور حالته الصحية بعد فترة، ودخل في غيبوبة متقطعة، حتى رحل عن عالمنا في السادس من مايو/أيار 2002 عن عمر 72 عاما، في أحد مستشفيات لندن، وقد شيع جنازته الآلاف من محبيه.