النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

أَطْيَشُ مِنْ فَراشةٍ! (1).. قصة واقعية من جزءين

الزوار من محركات البحث: 11 المشاهدات : 289 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    مراقبة
    القلب الرحيم
    تاريخ التسجيل: September-2016
    الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 23,437 المواضيع: 8,424
    صوتيات: 139 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 29309
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: القراءة والطيور والنباتات والعملات
    أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
    موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
    آخر نشاط: منذ 39 دقيقة
    مقالات المدونة: 1

    Rose أَطْيَشُ مِنْ فَراشةٍ! (1).. قصة واقعية من جزءين

    أَطْيَشُ مِنْ فَراشةٍ! (1).. قصة واقعية من جزءين
    بواسطة : فتحية القطري
    10 سبتمبر، 2021

    ينطوي عالم المراهقة على تحديات كثيرة ومربكة، إما أن نستطيع تجاوزها والتغلب على صعوباتها، أو يعترينا الفشل والإخفاق فيها.
    وقد يلازمنا الإخفاق مدى الحياة إن لم نساعد أنفسنا على التغيير.
    كنت في الثالثة عشر من عمري عندما استدعت إدارة المدرسة أمي، وبوجود مربية الفصل والوكيلة والمرشدة الطلابية، أخذت كل واحدة منهن تقول ما لديها عن إهمالي للدروس والواجبات، وعن نشاطي الحركي المفرط، وإلحاق الأذى بزميلاتي لتنمري عليهن بشد شعورهن، وضربهن ودفعهن إلى الأرض، وما جدَّ في الأمر هو سرقة ما تطاله يدي من أقلام وأدوات تخصهن مما سبب حنق الأهالي، وكَثُرت شكواهم من سوء سلوكي وتصرفاتي.
    ولم ينسين أن يضعنني في مقارنة مع أخواتي الأربع الأكبر مني، اللاتي تعلمن في نفس المدرسة وتخرجن فيها تاركات وراءهن أثراً طيباً من حسن السلوك والاجتهاد والتميز.
    نظرتُ إلى أمي التي راحت تحُّدق فَيَّ دون أن يرف لها جفن، أو تبدي أية مشاعر، وحدجتني بنظرة جمدت فيها الدموع ! لأول مرة أشعر فيها بالخوف من النظر إلى عينيها!
    عدت إلى غرفة الصف، وبقيت أمي في “غرفة الإدارة” ولم أعرف ما دار فيها من نقاش.
    ومن خلف الزجاج رأيتها تخرج بضعف وانكسار؛ مُحْرَجة تجر أذيال الخيبة في إصلاحي.
    وبختني أختي الكبرى سهام المتزوجة – حينها – حديثاً قائلة: وصل بكِ الأمر إلى السرقة؟! كل شيء متوفر لديكِ واحتياجاتك تلبى أولاً بأول، فلماذا تقدمين على هذا الفعل؟
    وانضمت إليها الأخريات كل واحدة تلقي عليَّ بعبارات التأنيب بلهجة شديدة، على مرأى ومسمع من أمي التي آلمتني بصمتها ولم تتخاطب معي – من يومها – عقاباً لي.
    لحظتها، اعتراني ضيق خانق لا يوصف، وصرخت فيهن: أنتن تكرهنني لا تحببنني، لا أتلقى منكن إلا الضرب والإهانة لأي سبب تافه أرتكبه، أو حتى بدون سبب، لا تنكرن أنني سمعتكن أكثر من مرة ترددن أنني وجه نحسٍ وشؤمٍ عليكن منذ وُلِدْتُ؛ فقط لأن أبي – رحمه الله – رحل بعد مولدي، وكأنني أنا من تسببت في موته!
    الأب الذي لم أعرفه، ولم أره إلا من خلال صوركن معه وأنتن تضحكن بسعادة في حضنه، وهي لحظات حُرِمتُ – أنا – منها.
    وجمت الوجوه وهن ينظرن إليَّ وكأن على رؤوسهن الطير!
    ركضتُ إلى حجرتي وصفقت الباب خلفي بقوة، منزوية يتصبب دمعي بغزارة.
    مرضت بعدها مرضاً شديداً، وأصبت بالحمى، مما جعلني أتغيب عن المدرسة أسبوعاً كاملاً، خلاله رقدت أياماً في المستشفى للسيطرة على الحمى المتأرجحة ما بين الصعود والنزول، رافقتني أمي لترعاني، وكنت أراها – في نوبات الصحو – تطيل الجلوس على سجادة الصلاة التي حملتها معها، تدعو الله وتبتهل إليه، تردد اسمي بهمسٍ بين ثنايا دعواتها، وبعد أن تنتهي تحاول مسح دموعها خفية عني.
    بعد تحسن حالتي خرجت من المشفى، أحاطت بي أخواتي يشعرنني بالمحبة والاهتمام، وقدمت لي كل واحدة منهن هدية، مرفقة ببطاقات دُوِنَتْ فيها عبارات محفزة – وتنوعت الهدايا ما بين باقات الورود، والحلويات المحببة إلى نفسي، والقصص والكتب التي لم أكن أميل إلى قراءتها.
    هدايا كثيرة، لفتني من بينها هدية مغلفة بتنسيق رائع، مربوطة بشرائط حريرية جميلة، هدية من “ريهام” أختي التي تكبرني مباشرة، أزلت غلافها بحماس، فوجدتها عبارة عن موسوعة تتحدث عن عالم الفراشات وكل ما يتعلق بها.
    جذبني الكتاب، وابتسمت وأنا أتصفحه! لأنه ذكرني بإحدى المعلمات – في مرة من مرات المُشَاكَسَةِ – عندما قالت لي غاضبة: يا لكِ من طائشة! أطيش من فراشة!
    لم أفهم ما قصدته حينها.
    عرفت بعدها أنه مثل تقوله العرب، ويُضْرَبُ الطيش بالفراشة؛ لأنها في حركة دائمة ولا تستقر في موضع، بل لا تزال واقفة وطائرة، يجذبها الضوء، وتتهافت على السراج، إلى أن تلقي بنفسها في النار وتحترق.
    أما عن الموسوعة فقد قرأتها بنهم! وصرت بعدها أطلب المزيد من الموسوعات المختلفة والقصص، إلى أن صرت أنتقي الكتب لأقتنيها، وأشتريها بنفسي بالتردد على المكتبة.
    يتبع.

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    ام جود
    تاريخ التسجيل: March-2021
    الدولة: العراق/بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,979 المواضيع: 575
    صوتيات: 6 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 7254
    مزاجي: مرتاااحة
    المهنة: ربة منزل
    أكلتي المفضلة: شاورما
    موبايلي: Honor x8
    آخر نشاط: منذ أسبوع واحد
    مقالات المدونة: 1
    شكرا جزيلا

  3. #3

  4. #4
    مراقبة
    القلب الرحيم
    منورين

  5. #5
    مراقبة
    القلب الرحيم
    أَطْيَشُ مِنْ فَراشةٍ! (2).. قصة واقعية من جُزْأَين
    بواسطة : فتحية القطري -

    أما ما كان من أمري في المدرسة، فقد تغيرت سلوكياتي إلى الأحسن في قفزة تطورية أدهشت الجميع.
    وصرت أكثر اجتهادًا، وبرزت بعض المواهب لدي والتي لم تكن ملفتة لأي أحد – حتى أنا نفسي – كالخط الجميل، والرسم.
    وأحمد الله أنني استطعت أن أثلج صدر أمي وأرسم الابتسامة على شفتيها بعد أن كانت ترى فيَّ فتاة مخيبة للآمال. أمي التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها أرملة شابة، حزينة ووحيدة مع خمس فتيات صغيرات، أصغرهن وليدة لم تتجاوز الشهر من عمرها.
    توفي والدي – رحمه الله – فجأة، ولم يكن يشكو من أي علة لكنها إرادة الله. حقًا أنه ترك لنا ما يكفي من المال لنعيش برغد، ويجنبنا العوز والحاجة؛ لكنه ترك فراغًا كبيرًا في حياتنا، وحاجة إلى السند. وكانت أمي هي كل شيء لنا في هذه الحياة، وينبوع الرأفة والحنو والشفقة.
    في آخر عام من المرحلة المتوسطة وفي حفل تكريم للمتفوقات. سألت إحدى المعلمات أمي: ماذا فعلتِ لها، وأحدث تغييرًا هائلًا في شخصيتها؟ وكان ردها وهي في قمة السعادة وبوجه باسم حيث قالت: لم أفعل شيئًا، ولم أملك لها إلا الدعاء.
    كل ذلك بفضل من الله، وبفضل مواجهة منها هي نفسها حملت فيها لنا – كعائلة – رسالة مهمة مفادها: ما أنا فيه سببه أنتم ورفضكم لي، أنا منبوذة بينكم ومدانة، فانتبهوا!
    جعلنا ذلك ننتبه من غفلتنا، ونفتح أبواب التواصل والمشاركة، لذا تصرفنا معها بطريقة تظهر حبنا لها، وتمدها بالإحساس بالأمان.
    كنت أرى – لحظتها – علامات الاستغراب مصحوبة بالإعجاب في عيني السائلة، مرددة : حقًا ما قيل: الحب أَشَدُّ أنواع السِّحر فَعَالية. وأعظم الحب وأجمله ما سكن قلوب الأمهات.
    نعم، نجحت أمي في مداواتي بالدعاء والحب، وأخواتي بإظهار المودة والاهتمام والاحتواء، ونجحت أنا بمداواة نفسي بالقراءة وحب الاطلاع، والأهم من ذلك هو تقديري لذاتي، وألا أرضى لها إلا الأفضل دائمًا.
    تعالوا معي لأحدثكم عن أمر القراءة؛ غيرتني كثيرًا، رحت أبحر فيها، أَثْرَتْ فكري، ووسعت أفقي، وأثارت فِيَّ الهمة، وأعانتني على فهم الحياة ومواجهة المشكلات ومحاولة وضع الحلول لها، ووجدت في عالم الكتب خير صحبة. كل ما مررت به كان بسبب تراكمات نفسية ظهرت في المرحلة الابتدائية، وتفاقمت في المرحلة المتوسطة.
    وأحمد الله أنني تجاوزت تلك المرحلة بنجاح، ودون خسائر تذكر، سموتُ بنفسي وتحققت لي الراحة والطمأنينة الروحية بفضل الله.
    حياتي أصبحت ذات مغزى، وصرتُ أتحلى بالصفة الإيجابية عند الفراشة ؛ وهو العمل الدؤوب والتنقل.
    كالفراشة تمامًا تنتقل من زهرة إلى أخرى لجمع الرحيق ونقل حبوب اللقاح، وليس هذا دورها فحسب، بل ثبت أن لها أدوارًا عديدة مهمة في الطبيعة، فهي رغم عمرها القصير إلا أنها تحياه بسعادة، وتسعد من ينظر إليها وتبهجه؛ لرقتها الساحرة وألوانها الزاهية المبهرة، وحركاتها الجميلة.
    إحدى عماتي عندما عرفت بولعي بهذه الحشرة المجنحة العجيبة؛ صارت تدعوني كلما أزهرت شجرة الليمون في حديقتها الغناء التي اهتمت بها، والتي أضحت مزارًا للفراشات وأسراب النحل والطيور؛ لكي أشاهد الفراشات وهي تضع بيضها على أوراق الشجرة، وأراقب يرقاتها الخضراء المكتنزة التي تلتهم الأوراق بنهم. بعدها تغزل لنفسها شرنقة من حرير كثوبٍ – من صنعها – تتدثر به، وتتدلى منها بين أوراق الشجر، وتعيش خاملة فيها مدة أسبوعين ثم تتحول إلى فراشة جميلة.
    ضحكت مني عمتي مرة عندما قلت لها: أود الاحتفاظ بإحدى هذه اليرقات لتنسج لي الحرير؛ إنها أكبر ملكة ناسجة للحرير بلا منازع، أوليست يرقة “دودة القز ” هي التي تنسج حولها شرنقة من الحرير؟ ألم تكن صناعة الحرير تجارة منزلية ؟ لِمَ، لا؟ لو توفر هذا النوع من الفراشات في بيئتنا؛ قد نستطيع تحقيق ذلك، فأشجار التوت التي تتغذى اليرقات على أوراقها. بوفرة في مزارعنا.
    حِلْمُ يقظة وجدت نفسي غارقة فيه، بينما صور المستقبل أمامي تتقاطر. ابتسمت عمتي بلطف، طوقتني بذراعها، وبيدها الأخرى ربتت على كتفي.
    لا أخفي عليكم. صرت كالفراشة أعمل بجد، وأكثف الجهود وأجمع رحيق العلوم والمعارف وتجارب الآخرين في النجاح؛ لأستفيد. خاصة بعد خوض غمار تجربة فريدة عشتها – كما عايشها غيري – وهي الدراسة عن بُعد في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد – 19” ومتحوراته المثيرة للقلق.
    وفي كل ذلك؛ حرصتُ على اللعب بتناغم في أرجوحة التوازن بين عالمين: الرقمي والواقعي. “عالم رقمي” لا غنى لنا عنه بكل تحدياته وتقنياته الحديثة المتغيرة بشكل سريع ووسائل الاتصال المتطورة فيه، وبين “عالم واقعي” بكل ما فيه من روابط الحب العائلية ووسائل الاتصال الطبيعية التي لن تتغير أبدًا.
    إن العائلة هي الركيزة الأساسية لكل مجتمع، وهي مصدر مجده وارتقائه. أن نكبر ونحن نشعر بالحب وبالأمان، ونحيا في كنف أسرة متحابة وواعية بمستجدات العصر. يجعلنا ذلك قادرين على بناء حياتنا بتفاؤل وثقة ومعرفة.
    أنهيت الآن سنتي الجامعية الأولى – لله الحمد والمنة – وها أنا ذا أنتقل – بإذن الله – إلى الثانية بتخصص مناسب لميولي.
    طموحاتي لا تقف عند حد، ولأساهم في بناء عالم أفضل؛ ما زال أمامي الكثير لأفعله – بمشيئة الله – للآتي من الأيام.

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال