الموضوع يضمن شرح طبي و قانوني و لكن الموضوع الأكبر فيه هي التساؤلات القانونية فتم وضعه في القانوني
هذه أجابة قبل أن يقوم أحد ما بالتساؤل حول ما اذا كان مكان الموضوع هو القسم القانوني أم لا .
و اترككم مع الموضوع
مما لاشك فيه أن كلمة الموت تثير عند الكثيرين مشاعر متناقضة تشكل مزيجاً من الخوف والتوجس والشعور بالنهاية عند البعض والشعور بالخلاص والاطمئنان عند البعض الآخر.
وبالنسبة لموضوعنا هنا فإننا نتناول الموضوع من زاوية مختلفة تماماً .
فالموت نتناوله اليوم من وجهة نظر طبية شرعية حيث ينظر للموت نظرة علمية مجردة تنظر للموت من الناحية العلمية والقانونية محاولةً تحديد تعريف محدد له وتحديد أنواعه من الناحية الطبية ومن الناحية القانونية وتحديد طرق تشخيصه العلمية .
تعريف الحياة و الموت:
قد يقول قائل إن معنى الموت واحد ولا خلاف حوله ، فهو توقف أجهزة الجسم عن العمل . فهل يا ترى هذا هو معنى الموت .
الحقيقة فإن معنى الموت مختلف عليه ويكتنفه الغموض . فهل هو يا ترى وبكل بساطة عبارة عن توقف أجهزة الحياة كالقلب والتنفس والمراكز العصبية ؟
تعريف الحياة :
إن الحياة هي مجموعة من الأفعال الحيوية تعمل جميعها معاً في حفظ كيان جسم الإنسان ودرء الأخطار عنه . فإذا ما تداعت الحياة بتداعي إحدى هذه الأعمال الحيوية انهارت الحياة ، وبدأت العوامل المحللة للجثة فعلها حتى تأتي على فنائها كاملاً .
ليس الموت مجرد غياب الحياة و إنما هو توقف الحياة في عضوية حية سابقاً، ولكن لا يوجد تعريف وحيد للموت، فالموت هو حدثيه وليس حادثاً.
في الحيوانات العليا كما الإنسان تموت أجزاء من الجسم بأوقات مختلفة وتصبح المسألة مثار خلاف وجدل حين نقرر متى حدث الموت، ويعقِّد ذلك المعتقدات الأخلاقية والدينية .
أنواع الموت (Types of death) :
يمكن تقسيم الموت إلى جسمي وخلوي.
يعني الموت الجسدي أن الشخص لم يعد قادراً على القيام بوظائفه كوحدة في المجتمع لأنه فقد الوعي بصورة لا عودة عنها ولذلك لا يستطيع الاتصال مع المحيط كما أنه غير مدرك لوجوده أو وجود العالم.
إن عبارة لا عودة عنه هي حيوية هنا في هذا التعريف وإلا ستنطبق معايير الموت الجسدي مع النوم أو التخدير أو السبات المؤقت .ولكن قلة قليلة من الناس سينطبق عليها هذا التعريف حول الموت الحقيقي بالرغم من وجود تنفس عفوي وضربات قلب مستمرة كما سنناقش فيما بعد .
يعني الموت الخلوي توقف الاستقلاب والتنفس في أنسجة الجسم ويتبعه حالاً الانحلال الذاتي والتفسخ .وهذا موت حقيقي عندما يظهر في كامل الجسم، ولكنه لا يحدث أبداً بصورة متواقتة باستثناء حالة الانفجار الذري ربما . وحتى في حالة انفجار قنبلة قوية في الشخص فإن خلايا قطع الجلد والعظم..الخ تعيش على الأقل بضع دقائق وحتى ساعات . تموت لأنسجة والأعضاء المختلفة بمعدلات مختلفة بدرجة كبيرة وعادة بسبب قابليتها لنقص الأكسجة، وكما ذكرنا لتونا فإن الجلد والعظم والعضلات والعديد من عناصر النسيج الضام البنيوية يمكن أن تبقى حية برغم قلة الأكسجة لفترة طويلة .
وعلى سبيل المثال يمكن أخذ خلايا صانعات الليف من الجلد وزرعها حتى عدة أيام بعد الموت، وتُستخدم استجابة العضلات الهيكلية للتحريض الكهربائي كوسيلة لقياس زمن الوفاة بعد توقف القلب بعدة ساعات وقد ظهر حديثاً أن الكريات البيض يمكن أن تبقى متحركة 12 ساعة على الأقل بعد توقف القلب مما يجعل المفهوم القديم عن" الارتكاس الحيوي" للأذية أقل تأكيداً.
ومن ناحية أخرى يكون النسيج العصبي معرضاً بشدة لنقص الأكسجة وستموت عصبونات قشر المخ بعد 3ـ7 دقائق من الحرمان التام من الأكسجين .
أما الخلايا العصبية الأعمق من القشر في الجهاز العصبي المركزي فهي مقاومة أكثر ولكنها تموت نسبياً بزمن قصير بعد القصور القلبي الدوراني .
الموت الدماغي هذا يقودنا إلى مفهوم الموت الدماغي الذي له أهمية عظيمة قانونياً وأخلاقياً وبعلاقته مع زرع الأعضاء .
إن الموت الدماغي ليس مصطلحاً دقيقاً مثل موت جذع الدماغ والموت القشري وموت كامل الدماغ وهذه الأخيرة أكثر فائدة .
مقدمة تشريحية :
الدماغ مكون من نصفي كرة إضافة إلى جذع الدماغ والمخيخ، وهناك مناطق معروفة في المخ تتحكم بالحركة والكلام والذاكرة والوظائف الأخرى،
كما أن جذع الدماغ يحتوي على المناطق البالغة الأهمية والتي تتحكم بالصحوة كالتكوين الشبكي والتنفس والدورة الدموية.
والمناطق الدماغية العليا والتي تتحكم بالإدراك لا تعمل إلا بوجود جذع الدماغ في حالة وظيفية مناسبة، وبالتالي يمكن أن يفقد الإنسان الوظائف الدماغ العليا ويبقى حياً كما هو الحال في حالة الغيبوبة النباتية المستمرة (Persistent Vegetative State) والعكس غير ممكن أي أنه لا يمكن أن يستمر الإنسان حياً إذا توقف جذع الدماغ عن العمل.
بعد حدوث تنوع من الأذيات الفيزيولوجية التي تشمل نقص الأكسجة وتوقف القلب والنزف داخل القحف والتسمم والرض الدماغي يمكن لكل الدماغ أو لجزء منه أن يتأذى بصورة غير عكوسة، فإذا دُمّر القشر فقط كما في بعض التأثيرات الدوائية أو بعد فترة قصيرة من نقص الأكسجة فسنجد الضحية في سبات عميق مع المحافظة على وظيفة جذع الدماغ ولذلك يبقى التنفس العفوي .
ويصطلح على تسمية ذلك الحالة النباتية المستمرة "pvs " ويحدث الموت في النهاية إما من امتداد الأذية القشرية أو من إنتان مضاعف مع أنه يمكن أن لا يحدث ذلك لمدة شهور وحتى لسنوات عديدة .
سابقاً قلة من ممتهني الطب كان يعتبر مثل هذا الإنسان ميتاً حتى وهو يعاني من موت جسدي يتعلق بالاتصال مع العالم ولكن حديثـاً منحت المحاكم الإذن للأطباء تحت إلحاح الأقرباء لإيقاف التغذية بحيث يحدث الموت كلية .
ومثال على ذلك حالة "توني بلاند" عام "1993 " حيث سُحق في كارثة كرة القدم في " شيفيلد " وأدى الاختناق الرضي الذي سببته الحشود إلى الحالة النباتية المستمرة التي ذكرناها سابقاً"pvs " وبعد أكثر من سنتين من فقدان الوعي مع الحفاظ على التنفس العفوي أعطت المحاكم البريطانية الموافقة على إيقاف التغذية حيث توفي بطريقة لائقة خلال أسبوع تقريباً .
إذا تأذى جذع الدماغ يمكن أن تتخرب المراكز الحيوية في البصلة السيسائية مما يسبب فشل نظام التنفس الحركي ويمكن أن يحدث هذا في العديد من الأسباب بما فيها الرض والوذمة الدماغية والنزف ونقص الأكسجة والانتانات مثل شلل الأطفال .
وعندما يثبت سريرياً موت جذع الدماغ فلن يقتصر الأمر على ضياع مركز التنفس بل إن أذية التشكلات الشبكية الصاعدة تعني أن فقدان الوعي دائم حتى لو كان قشر الدماغ مازال يقوم بوظائفه .
وفي الحقيقة في معظم الحالات تكون الأذية المورفولوجية للدماغ الكافية لتدمير جذع الدماغ مترافقة مع أذية المراكز العليا الأكثر حساسية في القشر بصورة غير عكوسة وهذه الحالة تدعى موت كامل الدماغ، وحتى السنوات الأخيرة كانت أية ضحية لموت جذع الدماغ ستموت بسرعة خلال دقائق بسبب الشلل التنفسي الذي يتلوه نقص الأكسجة في العضلة القلبية وفشل القلب .
وعندما تطورت التهوية الصنعية أمكن الحفاظ على الأكسجة وبالتالي على وظيفة القلب .
وفي الأصل تطور ذلك لمعالجة توقف التنفس في شلل الأطفال الذي يصيب البصلة السيسائية الغير مصحوب بأذية علوية لجذع الدماغ بحيث يحافظ على الوعي ولكن يمكن تطبيق التهوية الآن في حالة موت جذع الدماغ الكامل مع أنه حتى في حال الحفاظ على الأكسجة الكاملة فإن توقف القلب عادة يحدث خلال عدة أيام .
وكنتيجة لكل هذه الحقائق هناك إجماع جوهري في الرأي حول أن موت جذع الدماغ يساوي الموت القانوني .
وهكذا عندما تتوقف وظائف جذع الدماغ بصورة غير عكوسة فإن أقصى ما يمكن للتهوية الصنعية إنجازه هو الحفاظ على دوران مؤكسج عبر الجثة .
وعند ظهور هذه المرحلة سريرياً يمكن للطبيب أو الأطباء إصدار شهادة وفاة حتى إذا كان القلب مستمراً بالخفقان .
يمكن في هذه المرحلة اتخاذ الترتيبات لأخذ أعضاء ونسج المتبرع مع أنه يجب التأكيد هنا أن كامل مفهوم موت جذع الدماغ وإيقاف التهوية الصنعية لا يتعلق بصورة أساسية بِفُرَص زرع الأعضاء .
هناك قرارات أكثر تتعلق بتشخيص موت جذع الدماغ عند غير المتبرعين، فقرار إيقاف التهوية الصنعية يُبنى على أسس أخلاقية وإنسانية بواسطة الأطباء المعالجين وليس جراحي زرع الأعضاء .
ويتخذ قرار إيقاف المعالجة اليائسة بسبب كرامة المريض المتوفى والحاجة لتجنب شدة أكثر للأقرباء والحاجة إلى تحرير العناية المشددة وتجهيزات التهوية من أجل مرضى آخرين يمكن لتوقف تنفسهم العفوي المؤقت أن يكون قابلاً للشفاء .
وهناك دراسات كثيرة عن حالات موت الدماغ التي تثبت عدم عودة أي شخص إلى الحياة، فعلى سبيل المثال أوردت الدراسة التي أجراها جينت (Jennet) وزملاؤه عام 1981م عن 609 حالاتٍ موت شخصت في ثلاثة من أقسام جراحة الدماغ في بريطانيا واتضح أن جميع المرضى توفوا خلال 30 إلى 40 ساعة من بقائهم على أجهزة التنفس الصناعية.
وأما الحالات التي أفاق منها المريض فليس من المعقول أن تكون قد شخصت كحالات موت المخ حسب البروتوكولات والشروط الموضوعة .
الحالات المشابهة للموت وأهم الحالات المشابهة للموت هي :
(استعمل البروفسور بروكوب الأحرف الصوتية اللاتينية التالية للمساعدة على حفظها) : A : التسمم الكحولي ، الأسيتون (سبات سكري) ، فقر دم ، عوز أوكسجين الدم . A : Alcohol , Acetone , Anemia , Anoxemia E : الصرع ، الصعق الكهربائي ، الغرق . E : Epilepsy , Electrocution , Ertrinken O : الأفيون والمخدرات الأخرى إضافة للمنومات بجرعات سامة . O : Opium U : السبات اليوريميائي والأنواع الأخرى للسبات إضافة لبرودة الجسم .
U : Uremia , Umterkuhlung في جميع الحالات السابقة تكون الفعاليات الحياتية من تنفس ودوران في حدودها الدنيا، حيث يجب الإصغاء بشكل جيد لسماعها .
إن وسائل الإنعاش قد تطورت جداً في الوقت الحالي ، فقد أصبح بالإمكان اليوم إدامة التنفس والدوران بصورة آلية لفترة طويلة من الزمن قد تمتد لبضعة أشهر .
وثمة أمثلة صارخة تحدثت عنها وكالات الأنباء فـ (جمال كورسال) زعيم أول انقلاب في تركيا بعد كمال أتاتورك أمكن إدامة فعالياته الوظيفية الدنيا بصورة آلية ما يقرب الستة أشهر بقي خلالها معلقاً بين الحياة والموت ، وأخر الأمثلة تينو الزعيم اليوغسلافي الذي بقي في غرفة العناية المكثفة أياماً لا هو حي ولا هو ميت
مراحل الموت :
يموت الشخص بعد أن يمر بثلاث مراحل هي :
1- مرض الموت
2- الاحتضار
3- النزع
1- مرض الموت مرض الموت هو المرض الذي يغلب فيه خوف الموت ، ويعجز معه المريض عن رؤية مصالحه الخارجية عن داره إن كان من الذكور ، ويعجز عن رؤية المصالح الداخلة في داره إن كان من الإناث ، ويموت على تلك الحال قبل مرور سنة ، سواء أكان صاحب فراش أم لم يكن .
وإن امتد مرضه ، ومضت عليه سنة وهو على حالٍ واحدةٍ كان في حكم الصحيح، وتكون تصرفاته كتصرفات الصحيح مالم يشتد مرضه ويتغير حاله .
ولكن لو اشتد مرضه وتغيرت حاله ومات قبل مضي سنة ، تعد حاله اعتباراً من وقت التغير إلى الوفاة مرض الموت .
ولما كان لمرض الموت هذا علاقة كبرى بأحكام الشريعة الإسلامية وبخبرة الطبيب الشرعي فلنوجز قليلاً في شرحه .
فالمريض بمرض الموت لا يجوز له التصرف بأملاكه أي تصرف سواء أكان بالهبة أو بالبيع ، وإن كل ما صدر عنه في أثناء مرضه هذا يؤخذ حكمه كحكم الوصية أي أنه لا يجوز أن يتصرف فيما زاد عن ثلث ماله .
والوفاة لمصاب بمرض الموت يجب أن يكون بالمرض نفسه الذي أصيب به وسبب له مرض الموت أو أن يكون سبب الوفاة مقترناً بالسبب الفعلي لها بحيث لا يمكن تميزها .
وأن يكون المرض مستمراً وسائراً في الزيادة دون أي تحسن يطرأ عليه وإذا تخلله تحسن فإن ابتداء مرض الموت يكون من ابتداء اشتداد المرض ثانية ، وزوال ذلك التحسن .
وإذا مرض شخص بمرض لا يسبب الموت في العادة ، ولكنه كان سبباً في حصول مرضٍ آخر فمات فإنه يجب اعتبار مدة مرض الموت ابتداءً من الإصابة بهذا المرض المميت .
ومثالاً على ذلك إذا أصيب شخص بمرض مزمن في الكليتين فإن هذا المرض يعرضه إلى التسمم البولي الحاد المميت ، فابتداء تاريخ مرض الموت يكون منذ ابتداء الأعراض الحادة .
ذلك أنه لا يمكن تحديد الوقت الذي بدأ فيه حصول مرض الكلى المزمن ، وأيضاً من مضاعفات هذا المرض أي مرض الكلى ، تصلب الشرايين ، وما يؤدي هذا التصلب من تعرض لنزيف دماغي ، فإذا حصل النزف الدماغي ومات الشخص بسببه فيعتبر ابتداء مرض الموت منذ بدء النزف ، أما إذا مات بعد النزف بأعراض تسمم بولي فلا تعتبر الوفاة ناجمة عن النزف الدماغي بل عن التسمم البولي .
وعلى ذلك لا يمكن إطلاق مرض الموت إلا إذا كان جامعاً للشروط الآتية :
1- أن يكون المرء عاجزاً عن القيام بأعماله المعتادة خارج البيت إذا كان من الرجال أو داخل البيت إذا كان من النساء .
2- خوف الهلاك الغالب .
3- أن لا يطول هذا المرض أكثر من سنة فإذا زاد على ذلك يعتبر مرض الموت من تاريخ الاشتداد .
4- إذا شفي المريض اعتبرت جميع عقوده وتصرفاته التي أجراها في المرض صحيحة وذلك لزوال العلة التي أوجبت الحجر ، وفقاً للقاعدة العامة (إذا زال المانع عاد الممنوع) .
2- الاحتضار وهو الدور الذي ينقضي بين نهاية اشتداد المرض وبدء النزع .
3- النزع النزع لغة تعني نزع الروح من الجسد .
يبتدأ النزع عادة بضعف الإرادة والحس والقوة وسائر الأفعال العضوية والحياتية مع تبدل عظيم في دورة التبادل الأكسجيني وفي الملكات العقلية ، ويدخل المريض في حالة نعاس وسكون تام فيخسف لون وجهه ، وينكمش جلده ، فتتغير ملامحه ، وتسترخي الأجفان دون أن تنطبق على بعضها ، ويستر القرنية سائل لزج ويخمد بريق العينين ، وتتندى الجبهة والعنق والصدر بقطرات من العرق البارد وتزول الملكات العقلية وتبطل الحواس الخمس ، وتهبط حرارة الجسم تدريجياً ويطرأ شلل على العضلات العاصرة كلها فيسيل الدمع واللعاب ويخرج البول والغائط دون إرادة المريض ويسمع صدى خراخر رغامية قصبية .
الموت : هو نهاية كل من يمر بهذه الأدوار الثلاث التي هي آخر مراحل الحياة الدنيوية ، وتنتهي عادة بزفير لا شهيق بعده ، وبحيث لا يتصور معه عودة الإنسان إلى الحياة وتتوقف جميع الأفعال الحياتية فيه توقفاً مستمراً ودائماً .
علامات الموت The indications of death عندما يحدث توقف القلب والتنفس، ستتوقف وظيفة الدماغ خلال ثوان كنتيجة لوهط ضغط الدم الدماغي وما يتلوه من إقفار قشر الدماغ.
وخلال دقائق يصبح هذا التلف في وظيفة الدماغ غير عكوسٍ. والعدد الفعلي للدقائق التي يسبب فيها عوز الأوكسجين التام أذية قشرية لا يزال موضع جدلٍ؛ كان يعتقد سابقاً أن ثلاث دقائق كافية، ولكن هذا الزمن امتد إلى سبع أو تسع دقائق.
وحتى أنه امتد لأكثر من ذلك في حالات نقص الأكسجة كما في الغطس تحت الماء حيث بقيت القدرة على الحياة بدون أذية دماغية.
ومن المألوف في هذه الحالات أن التبريد هو الأساس لأنه يخفض من حاجة الأنسجة للأوكسجين. ولذلك فقد قيل إن عوزاً بالأوكسجين لمدة /20/ أو حتى /40/ دقيقة لم يؤد إلى أذية دماغية.
وكل ما يمكن قوله في هذا الصدد هو أن الفترة الزمنية متغيرة جداً وأن ثلاث إلى أربع دقائق من توقف القلب أو القصور في تبادل غازات التنفس يحمل خطر أذية قشر الدماغ، وإن كانت ثلاثة أو أربعة أضعاف هذه المدة قد لا تسبب في بعض الأحيان أية أذية مرضية مع الاحتفاظ بالقدرة على الحياة.
1- يحدث فقد الوعي وكل المنعكسات، وينعدم أي رد فعل لأي منبه مؤلم. وبشكل نادر يمكن أن تبقى مجموعة من العضلات محتفظة بفاعليتها بشكل متناسق بعد الوفاة لأكثر من ساعة واحدة وربما يعود ذلك لبقاء خلايا حية في النخاع الشوكي.
2- يحدث استرخاء عضلي فوري لاحق لقصور وظيفي مخيخي ومخي. حيث يفقد توتر كل العضلات، مع أن العضلات تكون قادرة فيزيائياً على التقلص لعدة ساعات.
3- العلامات العينية: وتتضمن فقدان المنعكس الضوئي والمنعكس القرني، فتصبح القرنية غير حساسة وثابتة، كما تصبح الحدقة غير متفاعلة.
مع أن القزحية تستجيب للمنبهات الكيميائية لعدة ساعات بعد الموت الجسدي، يفقد المنعكس الضوئي حالما تعاني نوى جذع الدماغ من قصور إقفاري.
وتأخذ الحدقتان عادة وضعية وسطى، والتي هي وضعية استرخاء حيادية للعضلات الحدقية، مع أنها قد تتبدل بشكل متأخر كنتيجة للصمل.
يمكن أن يوجد فرق واضح بدرجة تمدد كل حدقة، ولكن هذا لا يقدم أي معنى كعلامة تشخيصية لا للأذية الدماغية ولا للتسمم الدوائي.
في بعض الحالات كالتسمم بالمورفين، حيث قد تكون الحدقتان منقبضتان أثناء الحياة، وعند الموت قد تحافظ الحدقتان على وضعية التقبض هذه أو تتوسعان إلى الوضع الموتي.
بالإضافة إلى الحجم غير المنتظم فقد تفقد الحدقتان شكلهما الدائري بعد الموت كنتيجة لاسترخاء غير سوي. وهذا يُميَّز بسهولة عادة عن عدم الانتظام الواضح الناجم عن شذوذات القزحية الحادثة قبل الوفاة.
ينخفض توتر كرة العين بسرعة، فهو يعتمد على الضغط الشرياني للمحافظة على ثباته. تصبح المقلة تدريجاً أكثر رخاوة خلال دقائق، وتفقد القرنية بريقها الطبيعي حالاً بشكل انعكاسي بسبب رخاوة وقصور الترطيب الدمعي.
لقد قاس Nicati التوتر الطبيعي، ووجد بأن هذا التوتر ينخفض إلى النصف عند الموت، وينخفض إلى الثمن خلال /30/ دقيقة، ويصبح صفراً بعد ساعتين من الوفاة.
تنغلق الأجفان عادةً ولكن من الشائع أن يكون الإغلاق غير كامل، إذ إن العضلات المترهلة تفشل في أن تحقق الإغلاق الكامل والذي يحدث في الإغلاق الطوعي. وبما أن الصلبة تبقى مكشوفة، يظهر مثلثان أصفران ناجمان عن التغير اللوني بسبب التجفف على كل جانب من القرنية وذلك خلال عدة ساعات، حيث يصبح هذان المثلثان بلون بني ثم يصبحان أحياناً بلون أسود، مما دعا إلى تسميتهما بالبقعة السوداء Tache noire. عندما تشاهد الشبكية بمنظار العين فإنها تزودنا بأحد أبكر العلامات الإيجابية للموت.
وهي ما تعرف بتدولب الدم Trucking of blood في الأوعية الشبكية، عندما يسمح فقدان الضغط لعمود الدم في الأوعية الشبكية بالتجزؤ إلى قطع، بما يشبه دواليب القطار.
تحدث هذه الظاهرة بكل أوعية الجسم ولكن لا تُرى مباشرة إلا في الشبكية.
4- بقي توقف ضربات القلب وحركات التنفس العلامة الرئيسية للموت حتى ظهر الدعم القلبي التنفسي الآلي المتطور، فهو يؤدي إلى إقفار وعوز الأوكسجين فوري لكل الأنسجة الأخرى.
يُتَّخَذُ القرار بتوقف القلب بعد إصغاء الصدر إصغاءً مطولاً لاستبعاد وجود أصوات للقلب، مع العلم بأن ضربات القلب الضعيفة يمكن ألا تسمع عبر جدار صدر ثخين. ولا يتمكن التقليل من أهمية تخطيط القلب الكهربائي في إثبات توقف القلب.
5- إثبات التنفس أكثر صعوبة، وبخاصةٍ في السبات العميق كما في التسمم بالبربيتوات، ومن الضروري إطالة الإصغاء بالسماعة الموضوعة على الرغامى أو ساحتي الرئتين.
كل الإجراءات القديمة المهجورة كصب الماء على الصدر، ووضع ريشة حول وأمام المنخر ووضع أربطة حول الأصابع لم يبق لها سوى قيمة تاريخية.
التغيرات التي تطرأ على الجثة بعد الوفاة بعد الوفاة مباشرة تطرأ على الجثة تغيرات فيزيائية وكيميائية وجرثومية .
هذه التغيرات هامة جداً بالنسبة للطبيب حيث بوجودها تؤكد حصول الوفاة وتساعد أيضاً على تحديد وتعيين زمن حصولها . وبحسب زمن ظهورها
تقسم هذه التغيرات إلى :
آ- تغيرات رمية باكرة الحصول : وهي التميه ، وبرودة الجسم ، والزرقة الرمية والصمل الرمي .
ب- تغيرات رمية متأخرة الحصول : التعفن الرمي ، تأثير الحشرات والحيوانات على الجثة ، التصبن والتحنط الطبيعي .
المقطع الذي لّون عنوانه باللون الأحمر هو أجابة لتسائل لشخص في كوكل اجابات و قد تم وضع رابط للجواب ليصل الى هذا الموضوع.
أنواع الموت من الناحية القانونية الموت المشبوه والموت المفاجئ الموت المشبوه :
الموت المشبوه هو الموت الذي تحيط به ظروف تدعو للشك فيه والى وجود إمكانية وقوعه نتيجة عوامل خارجية من عنف أو تسمم .
إن أكثر الميتات المشبوهة هي ميتات مفاجئة تصيب شخصاً عرف عنه تمتعه بصحة جيدة . هناك أمثلة كثيرة عن الموت المشبوه منها ميتة الشخص الذي يعيش منفرداً في منزله ثم تكتشف وفاته مصادفة ، وحالة الشخص الذي يسقط ميتاً أثناء مشادَّة عنيفة مع شخصٍ آخر .
إن الذي يدعو للشبهة هو عدم توقع الموت وجهل سوابق الشخص المرضية وغيرها ، أو في حالة معرفتها عدم وجود آفة تعلل الموت . وقد يكون سبب الشبهة وصول إخبار تقدم به أحد الأشخاص للنيابة العامة يشير إلى أن الوفاة تمت بفعل جنائي كالتسمم . ولكن يغلب أن يكون الإخبار عارياً من الصحة غايته الانتقام من أهل الميت وإزعاجهم بفتح الجثة ، لذلك ويشترط في الأخذ بالإخبار أن يكون مقدمه معروفاً وأن يكون كتابياً وموقعاً عليه .
الموت المفاجئ : عرف العلماء هذا الموت بأنه انهيار مفاجئ غير متوقع لفعاليات الجسم تؤدي لوفاة أشخاص يتمتعون بصحة جيدة ، لا تتوقع وفاتهم ودون أن يكون هناك سبب واضح للوفاة . أو وفيات أشخاص مصابون بأمراض معينة لا يتعارض وجودها مع استمرار حياتهم .
إن الموت المفاجئ أمر كثير المصادفة عند الكهول والشيوخ لذلك قلَّ أن يثير الشبهة لأن سوابق الميت تدل على إصابته بأحد الأمراض التي تسبب موتاً مفاجئاً كما هو الحال عند الشخص الذي يموت فجأة في الطريق ويتبين أنه كان يُعَالَجُ من إصابة بخناق الصدر .
أما الموت المفاجئ عند الشباب فهو أكثر إثارة للشبهة نظراً لندرته في هذه السن .
وعلى الرغم من أن هذه الوفيات الفجائية غير المتوقعة تبدو للوهلة الأولى بأنها وفيات غير طبيعية، إلا أنه يتبين بتشريح الجثة أن أغلبها ناجم عن أسباب طبيعية للوفاة مما دعا الكثير من المؤلفين للتحدث عن الوفيات الفجائية الناجمة عن أسباب طبيعية .
والصعوبات التي يواجهها الطبيب عند كشفه على مثل هذه الجثث هي نقص بالمعلومات المتعلقة بظروف الوفاة وكذلك ندرة العلامات المرضية الظاهرة المشاهدة على الجثة مما يجعل تشخيص سبب الوفاة ونوعها ، دون اللجوء لتشريح الجثة ، من الأمور الصعبة جداً .
يمكن تقسيم حوادث الموت المشبوه استناداً إلى العلامات التشريحية التي تشاهد حين فتح الجثة إلى ثلاث فئات :
1- الفئة الأولى : وفيها يكشف فتح الجثة علامات تشريحية صريحة تؤكد سبب الوفاة كوجود خثرة في الشرايين الإكليلية أو نزف في المحفظة الداخلية .
2- الفئة الثانية : وفيها يكشف فتح الجثة علامات إصابة مرضية قد تسبب الموت ولكنها لا تتنافى مع الحياة كالالتهاب الرئوي أو تصلب الشرايين الإكليلية ، ولا يمكن الجزم بأن الآفات المذكورة كانت سبب الموت إلا بعد دراسة قصة الحادث والتأكد من أنها تتفق مع هذا التفسير إذ قد يحدث الموت من سبب آخر مع وجود الآفات المشار إليها .
3- الفئة الثالثة : يكشف فتح الجثة علامات تشريحية مرضية زهيدة لا تعلل الوفاة أو أن التشريح يكون سلبياً تماماً كما هو الحال في الميتات الناتجة عن الأخماج الخاطفة أو السبات السكري الذي يأتي بشكل مفاجئ عند الأطفال خاصة ، أو النهي القلبي المنعكس أو غير ذلك من الأسباب التي لا تترك علامات تشريحية صريحة .
يدعو غياب العلامات التشريحية التي تعلل الوفاة إلى الاشتباه بالتسمم إذ أن أكثر السموم لا تترك آفات تشريحية عيانية . ويستدعي الأمر في هذه الحالات إجراء فحوص مخبرية متممة بحثاً عن سبب الوفاة كتحري السموم في الأحشاء وإجراء الفحوص المجهرية لمقاطع مأخوذة من الأعضاء الرئيسة كالقلب والكلية والدماغ والرئة ، وعيار اليورية - شريطة أو يؤخذ الدم بعيد الوفاة - وزرع الدم المأخوذ من القلب بحثاً عن الانتانات الدموية .
غير أن هذه الفحوص والتحريات قد تبقى سلبية في بعض الأحيان ولا يعرف السبب الحقيقي للوفاة (تختلف نسبة الوفيات المفاجئة المجهولة السبب التي لا ترافقها علامات تشريحية أو مخبرية فهي تبلغ /18%/ كما جاء في إحصاء عسكري أمريكي بينما تهبط إلى /6%/ في إحصاءات أوربية مماثلة) .
على أن ما يهم القضاء من هذه الحالات هو بيان ما إذا كانت الوفاة جنائية أم غير جنائية ، لذا يكتفي الطبيب بالقول إنه لم يشاهد بالجثة آثاراً للسموم أو لعنف خارجي وإن الوفاة ليست جنائية . وفي النهاية فإن الموضوع يطول ويحتاج إلى الكثير لفهم الموت الذي يظن الكثيرين أنه مفهوم سهل وواضح.
فالموت يظل اللغز الذي يحيّر الكثيرين ويحفز الكثيرين لكشف غموضه وأسراره ….
أ.رواد الحلبي