تحتاج كافة المركبات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلى بطاريات يمكن أن يصمد شحنها لفترات أطول ولمدى أبعد. وينبغي أن يتم مراعاة أن تكون البطاريات، سواء كانت لتشغيل طائرة أو سيارة، ذات قدرة على حزم قدرًا أكبر بكثير من الطاقة دون أن يصبح وزنها ثقيلًا للغاية.
بحسب ما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية Joule، كشف فريق من الباحثين الألمان مؤخرًا النقاب عن بطارية جديدة من معدن الليثيوم بكثافة تفوق بكثير معيار 500 واط/كغ وتتميز بقدرتها على الحفاظ على أدائها عبر مئات الدورات.
10 أضعاف الطاقة
تقوم بطاريات الليثيوم أيون الحالية بعمل رائع في مجالات متعددة لتشغيل معدات ومركبات العالم الحديث بداية من السيارات الكهربائية ووصولًا إلى الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، لكن يعتقد الباحثون أن هناك الكثير من الإمكانات التي يمكن إتاحتها من خلال إدخال تعديلات على التصميم الهندسي لهيكل البطارية. من بين الاحتمالات الواعدة تأتي فكرة استبدال الجرافيت المستخدم في أحد أقطاب البطارية بمعدن الليثيوم النقي، وهي مادة يمكن أن تستوعب ما يصل إلى 10 أضعاف الطاقة.
"مادة الأحلام"
قام بعض الباحثين في مجال تطوير وتحسين البطاريات بوصف معدن الليثيوم بأنه "مادة أحلام". ويرى العلماء أن معدن الليثيوم يمكن أن يساعد العالم على تخطي عنق الزجاجة الرئيسي في مجال تخزين الطاقة، طالما أمكن حل مشكلات الاستقرار التي تقف حائلًا أمام التوسع والانتشار لهذه التقنية حتى الآن. تكمن المشكلة في الكثير من التفاعلات العكسية بين محلول الإلكتروليت، الذي يحمل أيونات الليثيوم من جانب والقطبين الكهربائيين للبطارية، الكاثود والأنود، من جانب آخر.
وبالفعل نجح فريق مشترك من علماء معهد كارلسروه للتكنولوجيا ومعهد هيلمهولتز أولم HIU في التوصل إلى تصميم يتجنب هذه المشكلة إلى حد كبير.
سائل غير متطاير مبتكر
يوضح بروفيسور ستيفانو باسريني، مدير معهد هيلمهولتز أولم: أنه "في المنحل بالكهرباء LP30، تتشقق الجسيمات على الكاثود. ويتفاعل، داخل هذه الشقوق، المحلول الكهربائي مما يؤدي إلى تلف هيكل [البطارية]. كما تتشكل طبقة سميكة تحتوي على الليثيوم المطحلب على الأنود".
إلى ذلك، قام فريق الباحثين باستبدال المنحل بالكهرباء LP30 ببديل، حقق مكاسب عميقة في الأداء، هو عبارة عن سائل غير متطاير وقابل للاشتعال ومزدوج الأنيون (ILE). أثبت المكون المبتكر أنه يتجنب إلى حد كبير العيوب الهيكلية على الكاثود وأنقذ البطارية من التفاعلات الكهروكيميائية المعوقة للأداء الجيد.
نتائج رائعة
وُصفت نتائج الدراسة الألمانية بأنها "رائعة"، حيث إن بطارية الليثيوم المعدنية بهذه البنية ستصبح ذات كثافة طاقة تبلغ 560 واط/كغم، في حين أن بطاريات الليثيوم أيون، الأفضل حاليًا في فئتها، تتراوح كثافة طاقتها ما بين 250 إلى 300 واط/كغم فقط.
وفيما يتعلق بطول العمر، كان أداء تصميم بطارية الليثيوم المعدنية الجديد جيدًا أيضًا، حيث بدأ بسعة تخزين أولية تبلغ 214 مللي أمبير/غرام في مادة الكاثود واحتفظ بـ 88% منها عبر 1000 دورة.
تغيير قواعد اللعبة
سيتطلب نقل النتائج الواعدة من قاعات المختبرات البحثية إلى العالم الحقيقي، مزيد من التجارب والأبحاث والاختبارات، لكن يبقى أن البطارية المستقرة التي توفر كثافة طاقة عالية يمكن أن تغير قواعد اللعبة، بخاصة عندما يتعلق الأمر بالاستخدامات في مجال تشغيل المركبات التي تعمل بالطاقة الكهربائية. تعد أعداد الطائرات الكهربائية، على سبيل المثال، محدودة للغاية في الوقت الحالي بسبب كثافة الطاقة في البطاريات، حيث لا يمكنها إلا أن تغطي مسافات قصيرة نسبيًا. كما يمكن معالجة النطاق المحدود للسيارات الكهربائية إلى حد ما من خلال توسيع البنية التحتية للشحن، ولكن نوع نسبة الطاقة إلى الوزن العالية التي تظهر في البطارية المبتكرة يمكن أن تمكن السيارات الكهربائية من قطع مسافات طويلة، دون الحاجة لإعادة الشحن بشكل متكرر، وهو ما سيعد حلًا لمشكلة رئيسية تدفع بعض المشترين للتراجع عن اختيار سيارة بمحرك يعمل بالطاقة الكهربائية حاليًا.