رضي منصور العطيف 8 / 9 / 2021م - 11:36 ص
«1»
رأيته في المنام واضعاً يديه على عينيه... يصرخ عيناي تحترقان..
قلت له لقد حذرتك مراراً..
اقترب مني طالباً المساعدة... قائلاً: ساعدني في إطفاء هذه النيران..
بحثت عن قارورة ماء... لم أجد..
قلت له: لا يوجد ماء..
ابكي حتى تنطفئ هذه النيران..
اجابني: ليس لدي دموع..
استيقظت من هذا الحلم المرعب... وقلت: ”عذت بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون، من شر ما رأيت، ومن شر الشيطان الرجيم“.
بدأت أفكر... هل هذا الحلم حقيقة... هل أتصل بصديقي وأخبره بهذا الحلم... لكن الوقت متأخر إنها الساعة الثانية بعد منتصف الليل... سأنتظر حتى بزوغ الفجر... سألتقي به في العمل...
لم أستطع النوم حتى سمعت آذان الفجر..
تهيأت للصلاة... وقرأت القرآن والدعاء..
«2»
لقد تأخر عن العمل... ليس من عادته..
سأنتظر نصف ساعة لعله يحضر... ربما كان الازدحام في الشارع هو سبب تأخره..
بدأ القلق يساورني... الساعة العاشرة ولم يحضر..
لابد أن أتصل عليه..
بدأت أتصل الجوال يرن ولكن لا يرفعه
كررت الاتصال مرة أخرى... لا جواب
بدأ القلق يزداد..
عاودت الاتصال... وتم الرد... لكن هذا صوت آخر
سألته من معي؟!
أجابني بصوت حزين... هذا أنا «سعيد» ابن عبدالعزيز..
سألته: أين والدك لماذا لم يحضر للعمل..
أجابني: والدي في المستشفى مغمى عليه..
سألته: ما الذي حدث... منذ متى وأنتم في المستشفى؟
أجابني وهو مختنق بعبرته: نحن هنا من يوم أمس المغرب..
قلت له: لا تحزن سوف أحضر لكم حالا..
«3»
وصلت المستشفى..
التقيت ب ابنه سعيد... هدأته قائلاً: لا بأس عليكم... إن شاء الله يكون عارض صحي بسيط ويعود إليكم والدكم بصحة وعافية..
ماذا قال لكم الطبيب؟
أجابني: قال إنه مصاب بنزيف في المخ بسبب ارتفاع في ضغط الدم..
سوف تجرى له عملية جراحية بعد ساعة..
قلت له: اهدأ الآن وعلينا أن نتوجه الى الله بالدعاء..
ثم سألته أين هي والدتك..
أشار إليها..
وجدتها تبكي وتتمتم بكلمات لماذا يا زوجي..
سألت سعيد أخبرني ماذا حدث؟
قال: عاد أبي من عمله... تناول وجبة الغذاء معنا..
ثم توجه لغرفته ليأخذ قسطاً من الراحة..
بعد ساعة سمعت صرخة من ناحية غرفة والدي «راسي»... توجهت مسرعاً لغرفته فوجدته مغماً عليه..
توقف عن الكلام..
جرت دموعه على خديه..
وجدته ماسكاً بجواله الذي كان يعرض مشاهد..
نكس رأسه..
رتبت على كتفيه وقلت: علينا أن ندعو له بالشفاء..
«4»
اتصلت بصديقي وهو طبيب يعمل في العناية المركزة... سألته عن حالة المريض عبدالعزيز..
اجابني: سوف نجري له عملية جراحية في المخ..
سألته هل هي خطيرة؟
أجابني: أكيد خطيرة... ولكن الأطباء سيبذلون جهدهم... فلا تقلق... لدينا كادر طبي لديه من الخبرات ما يكفي لنجاح العملية... العملية ستستغرق 8 ساعات... ونسأل الله النجاح والشفاء للمريض..
قلت له: على الله نتوكل... ابذلوا جهدكم
توجهت لعائلة عبدالعزيز وقلت لهم: لقد تحدثت مع الطبيب وطمأنني على نجاح العملية..
«5»
في المساء اتصل بي صديقي الطبيب وأخبرني بنجاح العملية إلا أنه قلق على سلامة العين... فقد تكون تأثرت بسبب ارتفاع ضغط الدم ما يسبب له اضطراب في الرؤية او فقدان البصر كاملا..
قلت: ”إنا لله وإنا إليه راجعون“
بقي عبدالعزيز في غيبوبة لمدة أسبوع... وكنت على تواصل مع ابنه سعيد ليخبرني ما هو الجديد...
في صباح اليوم الثامن..
اتصل بي سعيد ليخبرني بأن والده أفاق من غيبوبته..
فقلت: الحمد لله على السلامة... سوف أحضر لكم بعد الانتهاء من العمل..
توجهت للمستشفى مباشرة لأرى صديقي عبدالعزيز..
دخلت الغرفة... سلمت عليهم..
اقتربت من عبدالعزيز... وجدته قد وضع شاش على عينيه..
قلت له: الحمد لله على السلامة يا صديقي..
أجابني بصوت ضعيف... خسرت عيني يا صديقي... خسرت عيني..
نظرت لـ سعيد وسألته ماذا جرى... ماذا قال الطبيب؟
اجابني سعيد: لقد فقد والدي عينيه للأبد... هذا ما قاله الطبيب..
توجهت لـ عبدالعزيز وقلت له: لا يزال هناك أمل لتصحيح البصيرة يا صديقي..
بكى عبدالعزيز... وقال: ”قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي“
مسكت يديه ودموعي على خدي وقلت له: ﴿فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ مريم/16