التحليل الكيميائي يكشف.. ربع النجوم الثنائية الخارجية تلتهم كواكبها
هناك الملايين من النجوم القريبة المشابهة للشمس. ومن دون طريقة لتحديد الأهداف الواعدة سيكون البحث عن كواكب شبيهة بالأرض مثل البحث عن إبرة في كومة قش.
نحتاج لمعايير لتحديد أي الكواكب في أي النظم النجمية القريبة يصلح للحياة (غيتي)
توصل فريق دولي من علماء الفلك إلى أن بعض النجوم الشبيهة بالشمس والخارجة عن المجموعة الشمية تلتهم كواكبها. جاء ذلك في تقرير نشره موقع "ذا كونفرسيشن" (The Conversation) للباحث لورنزو سبينا، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه، في المعهد الوطني الإيطالي للفيزياء الفلكية (Italian National Institute for Astrophysics).
تناول الباحث فيه نتائج الدراسة التي نشرت في "نيتشر أسترونومي" (Nature Astronomy) يوم 30 أغسطس/آب الماضي، والذي يدرس طبيعة نظام الدوران لأنظمة الكواكب الخارجية التي تتكون من نجوم شبيهة بالشمس، وأيضا دراسة خصائص هذه الكواكب من خلال فحص التركيب الكيميائي لأنظمتها. وتأتي مثل هذه الدراسة في سياق الأبحاث حول كيفية تشكل كواكب المجموعة الشمسية وخصائصها.
ما بين 20% و35% من النجوم الشبيهة بالشمس تأكل كواكبها (غيتي)
فوضوية أنظمة الكواكب الخارجية
يقول الباحث لورنزو في مقاله إنه في غضون 30 عاما تقريبا منذ اكتشاف الكواكب لأول مرة تدور حول نجوم غير شمسنا، وجدنا أن أنظمة الكواكب شائعة في المجرة.
وأضاف أن تلك الكواكب التي تدور حول شموسها تختلف تماما عن الدوران في نظامنا الشمسي الذي نعرفه، حيث تدور الكواكب في نظامنا الشمسي حول الشمس في مسارات مستقرة وشبه دائرية، مما يشير إلى أن المدارات لم تتغير كثيرا منذ تشكل الكواكب لأول مرة.
لكن العديد من أنظمة الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى عانت من ماض فوضوي للغاية. في حين ساعد التاريخ الهادئ نسبيا لنظامنا الشمسي على ازدهار الحياة على الأرض، وهذا ما قد يساعد في البحث عن عوالم أخرى قد تحتوي على حياة.
وبحسب مقالة لورنزو فقد تناول الفريق الدولي دراسة مشكلة فوضوية الأنظمة الكوكبية الأخرى، وقد وجدوا أن ما بين 20% و35% من النجوم الشبيهة بالشمس تأكل كواكبها، وأن ما يزيد عن ربع الكواكب (27% تحديدا) التي تدور حول نجوم شبيهة بالشمس كان لها ماض فوضوي وديناميكي للغاية.
ويستطرد لورنزو أن علماء الفلك شهدوا العديد من أنظمة الكواكب الخارجية التي تحركت فيها الكواكب الكبيرة أو المتوسطة الحجم بشكل كبير، وقد تسببت جاذبية هذه الكواكب المهاجرة في اضطراب مسارات الكواكب الأخرى أو حتى دفعها إلى مدارات غير مستقرة.
في أنظمة النجوم الثنائية، عندما يلتهم أحدها كوكبا يؤدي ذلك لاختلاف تركيبته الكيميائية (المرصد الأوروبي الجنوبي)
دراسة وتحليل أنظمة الكواكب الخارجية
تعرف أنظمة الكواكب الخارجة عن النظام الشمسي بأنها أنظمة نجوم ثنائية (Binary stars)، وهذه الأنظمة تتكون من نجمين يدوران حول بعضهما بعضا، وأن النجمين عادة ما يتشكلان من الغاز نفسها، لذلك من المتوقع أنهما يحتويان على مزيج العناصر نفسه.
وبالتالي، إذا سقط كوكب في أحد النجمين، فإنه يذوب في الطبقة الخارجية للنجم. ويمكن أن يؤدي هذا إلى تعديل التركيب الكيميائي للنجم، مما يعني أننا نرى المزيد من العناصر التي تشكل الكواكب الصخرية -مثل الحديد- أكثر مما كنا نشاهده بخلاف ذلك.
وقد قام الفريق بتحليل وفحص التركيب الكيميائي للنجوم في الأنظمة الثنائية، وشمل الفحص 107 أنظمة ثنائية تتكون من نجوم شبيهة بالشمس من خلال تحليل طيف الضوء الذي تنتجه، ومن هنا تم تحديد عدد النجوم التي تحتوي على مواد كوكبية أكثر من نجمها المصاحب. وكان من نتائج الفحص والتحليل 3 أمور تضيف أدلة لا لبس فيها على الاختلافات الكيميائية التي لوحظت بين الأزواج الثنائية، وهي:
هناك 3 اختلافات كيميائية بين النجوم التي التهمت الكواكب وقريناتها التي لم تفعل (غيتي)
أولا، أن النجوم ذات الطبقة الخارجية الرقيقة أكثر ثراءً بالحديد من رفيقتها، ويتوافق هذا مع تناول الكواكب، حيث إنه عندما يتم تخفيف مادة الكواكب في طبقة خارجية أرق، فإنها تُحدث تغييرا أكبر في التركيب الكيميائي للطبقة.
ثانيا، أن النجوم الأكثر ثراءً بالحديد وعناصر الكواكب الصخرية الأخرى تحتوي أيضا على كمية من الليثيوم أكثر من رفاقها، حيث يتم تدمير الليثيوم بسرعة في النجوم، في حين يتم حفظه في الكواكب. لذا لا بد من أن مستوى عاليا من الليثيوم في النجم قد وصل بعد تشكّل النجم، وهو ما يتناسب مع فكرة أن الليثيوم كان يحمله كوكب إلى أن يأكله النجم.
ثالثا، تحتوي النجوم التي تحتوي على حديد أكثر من رفيقاتها، تحتوي أيضا على حديد أكثر من النجوم المماثلة في المجرة، رغم ذلك فإن النجوم نفسها لديها وفرة قياسية من الكربون، وهو عنصر متطاير، ولهذا السبب لا تحمله الصخور، لذلك تم إثراء هذه النجوم كيميائيا بالصخور من الكواكب أو المواد الكوكبية.
نتائج الدراسة تمثل طفرة في الفيزياء الفلكية النجمية واستكشاف الكواكب الخارجية (غيتي)
آفاق تفتحها الدراسة
يقول لورنزو إن نتائج الدراسة تمثل طفرة في الفيزياء الفلكية النجمية واستكشاف الكواكب الخارجية، حيث إنها لم تكشف فقط أن أكل الكواكب يمكن أن يغير التركيب الكيميائي للنجوم الشبيهة بالشمس، ولكن أيضا أن جزءا كبيرا من أنظمتها الكوكبية خضع لماض ديناميكي للغاية على عكس نظامنا الشمسي.
كما تفتح الدراسة إمكانية استخدام التحليل الكيميائي لتحديد النجوم التي من المرجح أن تستضيف نظائر حقيقية لنظامنا الشمسي الهادئ.
في الختام يؤكد لورنزو أن هناك الملايين من النجوم القريبة نسبيا المشابهة للشمس. ومن دون طريقة لتحديد الأهداف الواعدة، سيكون البحث عن كواكب شبيهة بالأرض (Earth 2.0) مثل البحث عن إبرة في كومة قش.