مشاريع تقربنا من حلم طاقة الاندماج النووي النظيفة
ضمان التمويل الجيد للمشاريع التي تعمل على تطوير أبحاث الاندماج أمر ذو أهمية حيوية للجهود العالمية لحل أزمة المناخ.


العلماء سعوا منذ عقود إلى إنتاج طاقة نظيفة من خلال ما يعرف بالاندماج النووي (الفرنسية)
جعل التقدم العلمي العالمَ أقرب إلى الطاقة النووية الوفيرة من دون النفايات المشعة، إذ سعى العلماء عبر عقود إلى إنتاج طاقة نظيفة من خلال ما يعرف بالاندماج النووي (Nuclear fusion)، وهي العملية التي تمد الشمس بالطاقة. وفي حال أمكن استخدامها في المفاعلات النووية على نطاق تجاري فستُمكن من إنتاج إمدادات غير محدودة تقريبا من الطاقة.
وذكر تقرير لصحيفة "التايمز" (The Times) البريطانية أن الهدف يُعد مثيرا للإعجاب، لكن احتمالات النجاح في تطوير مفاعلات الاندماج النووي العاملة تعدّ بعيدة المنال أو على الأقل كانت تبدو كذلك حتى الآن.



الباحثون تمكنوا في مختبر لورانس ليفرمور الوطني الأميركي من إثبات الاشتعال الاندماجي لأول مرة (جاسون لوريا-التايمز)


لورانس ليفرمور والاندماج النووي

ففي الأسبوع الماضي، تمكن الباحثون في مختبر لورانس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا (Lawrence Livermore National Laboratory in California) من إثبات الاشتعال الاندماجي لأول مرة، وهي النقطة التي يصبح عندها تفاعل الاندماج مستداما ذاتيا. وأشاد العلماء بالاكتشاف بوصفه أهم اختراق في الاندماج النووي على مدار 50 عاما الماضية.
ويعدّ الاندماج النووي العملية التي تمد النجوم بالطاقة، مما يجبر الذرات على الاندماج معا في كتل أكبر، وإطلاق كميات كبيرة من الطاقة، وتختلف عن الانشطار النووي المستخدم في محطات الطاقة النووية التي تنطوي على انقسام الذرات.
علاوة على ذلك، فمن الصعب للغاية تحقيق الاندماج النووي على الأرض لأنه يتطلب الحفاظ على درجات حرارة تزيد على 100 مليون درجة. وأثارت هذه العملية الاهتمام نظرا لقدرتها على إنتاج طاقة نظيفة بأقل قدر من التأثير البيئي، وتقريبا من دون أن تخلّف نفايات مشعة.
وتضمّنت التجربة الأخيرة تركيز شعاع ليزر مدعوم من مصنع في منشأة الإشعال الوطنية بحجم 3 ملاعب كرة قدم، في توجيه كبسولة مستهدفة بحجم حبة الفلفل تحتوي على الديوتيريوم والتريتيوم، اللذين يمثلان أشكالا مختلفة من الهيدروجين. وقام شعاع الليزر بدمج الذرتين لتشكيل الهيليوم، مما خلق نقطة ساخنة بقطر شعرة إنسان، ولّدت أكثر من 10 كوادريليون واط من قوة الانصهار لمدة 100 تريليون جزء من الثانية.وورغم أن التجربة التي تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار -حسب الصحيفة- لم تطلق سوى طاقة كافية لغلي إبريق، وأن إنتاج طاقة قابلة للاستخدام يتطلب نوعا مختلفا تماما من المفاعلات؛ فإن أهمية الاكتشاف قد تكون ضخمة.



في مايو/أيار الماضي أعلنت هيئة الطاقة الذرية نجاحها في حل أحد تحديات الاندماج (هيئة الطاقة الذرية بالمملكة المتحدة)


حلم الطاقة النظيفة

خلال التجربة، تم إطلاق نحو ثلثي الطاقة التي يوفرها الليزر في الاندماج النووي، لكن تحقيق المعادلة سيجعل حلم الطاقة النظيفة شبه اللامحدودة حقيقة؛ وسيساعد لذلك البلدان في جميع أنحاء العالم على تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري وتحقيق انبعاثات صافية صفرية. واعتمد هذا البحث على التطورات العلمية الأخرى الموجودة في مجال الاندماج النووي، التي زادت إمكانية تحقيق هذا الشكل الواعد من الطاقة النظيفة.
وفي مايو/أيار الماضي، أعلنت هيئة الطاقة الذرية في المملكة المتحدة نجاحها في حل أحد أكبر تحديات الاندماج؛ وهو تبديد حرارة بلازما النفايات، الذي سيسمح نظريا بتصنيع أجهزة نووية أصغر حجما وأكثر كفاءة، ومن المتوقع أن تكون هناك المزيد من الاكتشافات العلمية في الأفق.
وخلال أغسطس/آب الماضي، أعلنت شركة "ديب مايند" (DeepMind) -التي صممت نظاما للذكاء الاصطناعي الذي استطاع إنشاء قاعدة بيانات للبروتينات- تركيزها على حل المشاكل المتعلقة بالاندماج النووي. وفي مركز كولهام، يحاول العلماء البريطانيون -الذين يعملون في مشروع "ماست أبغرايد" (Mast Upgrade)- جعل المفاعلات قابلة للتطبيق تجاريا، وبالتالي جعل الطاقة النظيفة في متناول الجميع.
وأشارت الصحيفة إلى أن ضمان تمويل جيّد للمشاريع التي تعمل على تطوير أبحاث الاندماج أمر ذو أهمية حيوية للجهود العالمية لحل أزمة المناخ؛ إذ تعد الجهود المبذولة للحد من البصمة الكربونية التي تولدها المنازل ووسائل النقل ضرورية.