النهجُ المُرتل...
أحلام علي عبد الله
النهجُ المُرتل...
أقْبلْتُ شَهْرَ الحُزْنِ شهر مُحرمٍ ...
ليَضُجَّ بالتَّهْليْل صَمْتٌ يَنْتَثِرْ
ألمُ المُصَابِ سَرَىَ بقَلبِ مُحَمَّدٍ ...
حتى دَمُ التَّسْبِيْحِ سَالَ على الصَّخَرْ
وَغَدى بِحُزنٍ قَلبَهُ مُتَفَطِّرًا...
وَالوَجْدُ فِيْ ذِكْرَى البَتُولةِ قَدْ حَضَرْ
نَاداهُ يا جَدُّ السّنَانِ بِمُهْجَتِيْ...
أفْدِيْكَ يَا رُوْحِيْ بِأوْدَاجِ النَّحَرْ
مَازال نَهْجُكَ مُصْحَفًا مُتَرتِلًا...
أنْتَ الحُّرُوْفُ وَ أنْتَ مَنْ شَقَّ السّوَرْ
*
وَأقِيْسُ بِالتَّقْدِيْسِ حُبُّكَ سَيّدِيْ...
يَا نُورُ مِنْ مَسَكَ الشَّرِيْعَةِ كَالجَمُرْ
وَحَمَامُ رُسُلِ الخَيْرِ تُنصّبُ مُسْلِمًا ...
مِنْ بَيْتِ طَوعَةَ كَانَ أمْرًا مُسْتَقَرْ
قَدْ لاحَتْ الرَّاياتُ تَنْظُرُ بُشْرَهَا...
أرْوَاحٌ تَسْمُو وَالجِنَانُ سَتَنْتَظِرْ
وَ حَبِيْبُ رَمْزُ العِشْقِ جَادَ بِرُوْحِهِ ...
وَ نَرَى بِجُونٍ عِطْرَ مِسْكٍ يَنْتَشِرْ
ذَا قَاسِمُ العُّرْسِ عَرِيْسُ الصّبَا ...
حَنَّاهُ سَيْلٌ مِنْ دِمَا رَأسِ القَمَرْ
*
أنْفَاسُهَا مَوْتُ الزُّهُورُ وَ تَرْتَجِيْ ...
بِرَذَاذِ مَاءٍ مِنْ سِقَا ذَاكَ النَّهَرْ
وَالبَدْرُ مِنْ زِنْدَيْهِ تَمَّ سُجُودَهُ ...
وَالعَيْنُ تَشْهَدُ وسْطَ هَامَتِهِ انْطَبَرْ
ليْلى تُرَاقِبُ وَرْدَةً للمُصْطَفَى ...
غِصْنٌ تَوَزَّعَ بَيْنَ أبْنَاءِ الغَدِرْ
وَيُخَضِبُ السَّهمُ الرَضِيْعَ بِنَبْلةٍ ...
تُبْكِيْ السَّمَاءَ فَتَرْجَمَتْهَا بِالمَطَرْ
خلَّفَتْ أشْلاءً على حَرّ الثَرَى ...
هِيَ بَذْرَةٌ تُؤتِيْ بِزَهْرِ مُنْتَصِرْ
*
وَ خِضَابُ شِيْبِيْ بالشّفَاهِ وَ وَجْنَتِيْ ...
وَ الصَّدْرُ مِنْ رَكْضِ الخِيُولِ قَدْ انْكَسَرْ
وَ تَضِجُّ مِنْ رَوعِ الخِيَامِ صِغَارُهَا ...
فَزَعًا تُهَرْوِلُ حِيْنَ سَهْمٌ يَسْتَعِرْ
وَارَيِتَنْا جُثَثًا على حرّ الثَرَى...
وَكَأنَهَا لِلدَّفْنِ صَارَتْ تَعْتَذِرْ
أخْتَاهُ تَرْمِقُ فِيْ الفُرَاتِ بِلوْعَةٍ...
وَصُمُودُهَا يُحْيِيْ الإِبَاءَ وَ يَخْتَصِرْ
رَأسٌ على رَأسِ القَنَاةِ و نَاظِرٌ ...
لِعَبَاءَةِ الحَوْرَا بِحُزْنٍ يَعْتَصِرْ
*
قَطَعُوا وَرِيْدِيْ بَالسَّيُوفِ وَ مَا اكْتَفَوا ...
جَلبَ القَضِيْبَ وَ رَاحَ يَضْرِبُ بِالثَّغَر
بِنْتُ الصَّلاةِ بُكَاؤهَا فِيْ خِرْبَةٍ...
وهُدُوْؤهَا عُمْرٌ بِرُوْحٍ تَحْتَضِرْ
ذِكْرَاكِ يَا رُوُحُ السُّجُودِ وَ ثَورَتِيْ ...
و طِيُوفُ فِكْرِيْ فِيْ السَّلاسِل مُفْتَخَرْ
قُرْبَانُ حَرْبٍ وَ الشَّهَادَةُ كَعْبَتِيْ ...
كَفٌّ تُتَوجُهَا البَتُولةُ فِيْ الحَشُرْ
سَأظَلُ صَوتًا فِيْ الأنَامِ مُكبّرًا ...
كُلَّ الدُّهُورِ إليّ تَنْقَادُ البَشَرْ