الطلب على الدم والصعوبات التي يواجهها مرضى بيتا ثلاسيميا الكبرى في شرق المملكة العربية السعودية – ترجمة عدنان أحمد الحاجي
Blood Demand and Challenges for Patients With Beta-Thalassemia Major in Eastern Saudi Arabia
الباحثون: الدكتور منير حسن البقشي (استشاري أمراض الدم و الأورام للأطفال ، قسم أمراض الدم ، مركز أمراض الدم الوراثية ، الأحساء ، المملكة العربية السعودية) وآخرون.
(مراجعة: الدكتور منير حسن البقشي – Muneer H. Albagshi)
بيتا ثلاسيميا الكبرى (β-thalassemia major) (انظر 1، 2) هو اضطراب وراثي ناتج عن خلل في تخليق خضاب الدم (الهيموغلوبين Hb)، مما يؤدي إلى فقر دم مزمن حاد. العُمدة في علاجها هي عمليات نقل منتظم لكريات الدم الحمراء المركزة (3) على مدى الحياة المقترن بعلاج استخلاب الحديد (4). على الصعيد العالمي، هناك فجوة بين التبرع بالدم والاحتياجات الفعلية للمرضى الذين يعتمدون على نقل الدم. مرضى بيتا ثلاسيميا الكبرى غير مستثنين من هذه الفجوة، حيث امكانيتهم محدودة للحصول على عمليات نقل دم منتظمة وآمنة. هذه الدراسة هدفت إلى تقييم الفجوة بين الطلب والعرض للدم للمعتمدين على نقل الدم من المصابين بالثلاسيميا الكبرى الذين يعالجون في مركز أمراض الدم الوراثية في الأحساء، شرق المملكة العربية السعودية.
منهجية العمل
كانت هذه الدراسة دراسة بأثر رجعي مستقطع (5، 6) بمراجعة طلبات الدم لكل مريض، أجريت في مركز أمراض الدم الوراثية في الأحساء، المملكة العربية السعودية، وانطوت على بيانات المرضى من يناير 2017 إلى ديسمبر 2019.
نتائج الدراسة
خضع ما مجموعه 158 مريضًا لعمليات نقل دم مزمنة. من إجمالي المرضى، 65 ٪ منهم كان من البالغين ، بينما نسبة ال 35 ٪ المتبقية كانت لأطفال. بلغ إجمالي عدد وحدات الدم [وحدة الدم الواحدة تساوي من 200 – 250 مل] المطلوبة والمستلمة خلال فترة الثلاث سنوات 14،509 و 9،530 على التوالي، مما يشير إلى وجود فجوة قدرها 4،979 وحدة دم (أي بنقص نسبته 34٪). كان عمر معظم الوحدات المستلمة أكثر من 14 يومًا: 36٪ من الوحدات كانت في عام 2017 ، و 49.9٪ منها كان في عام 2018 ، و 61.5٪ منها كان في عام 2019. فصائل الدم النادرة ضد مستضدات الصفائح الدموية (alloimmunization) شكلت أقل من 8٪ من المرضى.
وحدات كريات الحمراء السنوية المطلوبة والمستلمة خلال فترة الثلاث سنوات. (2017n- 2019)
عمر الدم المنقول للمريض
الاستنتاجات
كانت هناك فجوة بين الطلب والعرض على الدم للمرضى الذين يعانون من ثلاسيميا بيتا الكبرى الذين تم علاجهم في مركزنا. نقترح رفع مستوى الوعي المتعلق بالطلب المتزايد على كريات الدم الحمراء الجديدة لمرضى الثلاسيميا الكبرى ، الحث على التبرع الطوعي بالدم، وتعزيز سياسات واجراءات بنوك الدم الوطنية، والعمل على جعل خدمات الدم مركزيةً لتقليل الفجوة بين الطلب والمستلم منه.
مقدمة
متلازمات الثلاسيميا هي مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات التي تشمل مجموعة واسعة من الأعراض السريرية والاضطرابات الوراثية التي تنطوي على عيوب جينية ألفا وبيتا تؤدي إلى ثلاسيميا ألفا وبيتا على التوالي. تؤدي هذه العيوب الجينية إلى تخليق منخفض للهيموغلوبين (Hb) (انظر 7 ،8] ، وانحلال الدم (9) الناتج عن نقص خضاب الدم (Hb)، وعمر منخفض لخلايا الدم الحمراء مما يؤدي إلى فقر دم مزمن. في الأنماط الظاهرية (10) الحادة، يحدث توسع في نخاع العظم (11، 12). تُعد كل من ثلاسيميا ألفا وبيتا من الاضطرابات الصبغية المتنحية (13، 14، 15). وعلى الصعيد العالمي، يعتبر مرض الثلاسيميا أكثر الاضطرابات الوراثية شيوعًا، وهو منتشر في منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وشبه القارة الهندية والشرق الأقصى وأفريقيا الاستوائية. حاليًا، في العديد من المناطق التي لا ينتشر فيها المرض، سجلت فيها حالات اصابة بالثلاسيميا بوتيرة عالية نسبيًا (16).
اعتمادًا على الأعراض السريرية، تُصنف ثلاسيميا بيتا إلى الفئات الثلاث التالية: الحالة الحاملة للثلاسيميا بيتا والثلاسيميا الوسطية والثلاسيميا الكبرى (15، 16). ثلاسيميا بيتا الكبرى مميتة في حال لم يتم علاجها بفعالية. يعتبر النقل المنتظم لكريات الدم الحمراء جنبًا إلى جنب العلاج باستخلاب الحديد (التقاط الحديد الزائد ونقله بعيدا عن الجسم) هو العلاج المألوف عالميًا، في حين يعتبر زرع نخاع العظام هو العلاج الناجع الوحيد للثلاسيميا في حالة توفر متبرع مناسب بخلايا جذعية. قد يقترب متوسط العمر المتوقع للمرضى من العمر الطبيعي مع استخدام أي من خياري العلاج الآنفي الذكر (17). على الصعيد العالمي، يبلغ العدد السنوي لوحدات الدم المتبرع بها حوالي 120 مليون وحدة؛ ومع ذلك، لا يزال هناك نقص في العرض مقابل الزيادة في الطلب، ولا يحصل العديد من المرضى على الدم الآمن في الوقت المناسب، خاصة في الدول منخفضة الدخل.
النقاش
العلاج الأساس للثلاسيميا الكبرى يتمثل في نقل وحدات كريات الدم الحمراء المنتظم و المزمن؛ و بدون هذا العلاج، غالبًا ما تكون الوفاة حتمية للمرضى قبل سن البلوغ. نقل الدم إلى المصاب يرفع من خضاب الدم ويصحح من فقر الدم ويحفز النمو الطبيعي ويوقف انتاج الدم المصاب ويمنع تشوهات العظام ويعمل على تراجع تضخم الطحال والكبد. والهدف الرئيس من ذلك هو تحسين جودة الحياة للمريض، مع ذلك، فنقل الدم لا يخلو من مشاكل مترتبة عليه، كردود الفعل الحادة والانحلالية المؤقتة أو المزمنة والتحسس من مكونات الدم واحتمال نقل الألتهابات الفيروسية وغيرها من الجراثيم، في وجود شروط جودة عالية.
المشكلة الرئيسة المتأتية من نقل الدم هو تراكم الحديد في انسجة المريض، خصوصًا في الغدد الصماء، وهو السبب الرئيس للوفاة المبكرة والمراضة، مثل تأخر النمو أو تأخر البلوغ وكسل الغدد الصماء كالغدة الدرقية والبنكرياس والغدة الجار درقية.
عندما يبدأ العلاج مبكرًا وبانتظام لطرد الحديد فهو يعمل على منع او تقليل المضاعفات المذكورة سابقًا مما يؤدي الى تحسين جودة الحياة.
من المعروف أن العلاج مكلف جدًا، و في الكثير من الدول تتحمل الحكومات جميع التكاليف وتكون مسؤولة عن ادارة بنوك الدم وتوفير المستلزمات المتعلقة بذلك.
أُنشئت مراكز الثلاسيميا في المملكة لتركيز الجهود لخدمة المرضى وتوحيد طرق العلاج ومراقبة المرضى عن كثب وترشيد تكلفة العلاج.
بعد اكمال 3 سنوات من دراسة نقل الدم لكل المرضى (158 مريضًا)، فقد طلبت 14508 وحدة دم، لكن تم استلام ونقل 9530 وحدة دم فقط إلى المرضى، وهذا يعنى أن هناك عجزًا بمقدار 34% مما انعكس سلبًا على علاج المرضى. هذا النقص ليس فقط مشكلة محلية بل هو مشكلة عالمية ولا تنحصر في دولة بعينها وإنما تتباين هذه النسب بحسب الدولة.
من الأمور المهمة التي استنتجتها هذه الدراسة أن عمر 50% من الدم المنقول للمرضى كان أكثر من 14 يومًا، وهذه الفترة تُعتبر طويلة نسبيًا ومن شأنها أن تؤدي الى نقص في عمر الدم المنقول، وبالتالي إلى سرعة انحلاله وترسبه في انسجة جسم المريض، وفي النهاية إلى عدم فعاليته كعلاج. ولهذا يكون هناك ارتفاع في عدد مرات الطلب على الدم.
هذا الدراسة بيّنت الفجوة بين الدم المطلوب والمنقول لهذه الفئة الخاصة من المرضى. هناك أسباب عامة تؤدي في العادة إلي تفاقم هذه الفجوة ، منها نقص في الميزانيات المعتمدة أو خلل في السياسات أو في تطبيقها أو تعدد جهات اصدار القرار وعدم وجود بنية تحتية متكاملة لخدمات نقل الدم أو توفيره عن طريق بنوك الدم.
الخلاصة
لإنجاح مشروع الإكتفاء في الدم لمرضى الثلاسيميا نحتاج الى رفع الوعي العام بالمصاعب التي يواجهها المرضى وحاجاتهم الماسة للتبرع المستدام بالدم سواء من المجتمع العام أو المجتمع الطبي، واستغلال الاعلام ووسائل التواصل للحث على زيادة مراكز وحملات التبرع بالدم في المجتمع ودعمها لتكون أكثر جاذبية للمتبرعين. من المهم أيضًا توحيد سياسات بنوك الدم وجعلها خدمة مركزية لتقليص الفجوة بين الطلب والاستهلاك وترشيد الاستهلاك.