سرعتها تتجاوز 60 كلم في الساعة وتستطيع دخول الأزقة الضيقة.. شاب عراقي يصنع عربة "همر" عسكرية
الظروف المعيشية الصعبة لم تمنع نعيم من صناعة الهمر العسكرية ورافعة التصوير السينمائي ذي التحكم عن بعد وقلاب وغيرها.
نعيم يطمح في تطوير أعماله وتحويلها إلى مشاريع تجارية
بإمكانياته البسيطة والمتواضعة، استطاع شاب عراقي من سكان منطقة "أم الودع" في محافظة ذي قار جنوبي العراق صناعة عربة "همر" (Hummer) عسكرية مصغرة تعمل بمحرك دراجة نارية.
واعتمد الشاب نعيم جبر نعيمة على نفسه وإمكانياته الذاتية لصناعة هذه العربة، حيث جمع قطع غيار السيارة من السوق المحلي، واستخدمها للتنقل وقضاء حوائجه والاستمتاع بوقته.
على ترك مقاعد الدراسة من الصف الأول الابتدائي، وتفرغ للعمل من أجل توفير المصاريف لأهله.
نعيم صنع الهمر العسكرية من محرك دراجة نارية وعجلات دراجة جبلية، إضافة إلى الحديد
مواهب معطلة
ويتحدث نعيم نعيمة للجزيرة نت عن حبه وشغفه الكبير بصناعة الأشياء، حيث صنع شفلا (قلابا) صغيرا، ثم قرر صناعة الهمر العسكرية تزامنا مع الأحداث التي كانت يشهدها العراق بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء واسعة من شمالي وشمالي غربي البلاد عام 2014.
ويؤكد نعيم عدم تلقيه أي دعم من الدولة، مضيفا "عندما قابلت وزير الصناعة والمعادن أعطاني 250 ألف دينار فقط (أقل من 200 دولار) وهذا غير كاف لدعم المجال الذي أعمل فيه".
ويشير إلى أن التجاهل الحكومي جعله يضطر إلى التغاضي عن موهبته ويتجه للعمل في إحدى الشركات النفطية، وأصبح من أفضل الحدادين العاملين في الشركة.
ظروف نعيم المعيشية الصعبة أجبرته على ترك مقاعد الدراسة ودخول سوق العمل (الجزيرة+أسوشيتد برس)وعن تفاصيل الهمر التي صنعها، يقول إن سرعتها تتجاوز 60 كيلومترا في الساعة، وتستطيع دخول الأزقة الضيقة لصغر حجمها، فهي تتكون من محرك دراجة نارية، وعجلات دراجة جبلية، إضافة إلى الحديد، وبلغت تكلفتها 750 ألف دينار (500 دولار).
وحول حجم الدعم الذي تلقاه، يبيّن نعيم أنه صنعها لوحده، وساعده بعض الحدادين في إعطائه قطعا مستعملة من الحديد مجانا لعدم قدرته على شرائها، كما حصل على تشجيع كبير من الناس في الشارع.
ويلفت نعيم إلى أنه كان يطمح في تطوير أعماله وتحويلها إلى مشاريع تجارية، ولديه طموحات كبيرة في الصناعات العسكرية والمدنية، وله أفكار كثيرة للصناعات المتنوعة، لكن تجاهل المسؤولين لموهبته جعله يترك أعماله الإبداعية.
عادل دعا إلى دعم موهبة نعيم وغيره من الشباب واستثمار طاقاتهم في تكوين مؤسسات صناعية
قصة نجاح فريدة
ويقول الصحفي مصطفى عادل إن نعيم كتب قصة نجاح مميزة وفريدة من نوعها، وهو واحد من عشرات الشباب الموهوبين في العراق عامة ومحافظة ذي قار خاصة.
ويضيف عادل للجزيرة نت أن ما يميز نعيم أنه مخترع خرج بموهبته الفريدة من صلب المعاناة كونه من عائلة كادحة تسكن منطقة "أم الودع" وسط الأهوار في قضاء كرمة بني سعيد، ويوضح أنه استغل ورشته الخاصة في تصليح مولدات الكهرباء والحدادة باستثمار مواهبه، وصنع سيارة الهمر العسكرية باستخدام أدوات بورشته المتواضعة، ولم يقف عند هذا الإنجاز، بل تمكن من صناعة أشياء وأدوات أخرى، كالتحكم في المصابيح عن بعد وصناعة رافعة متحركة خاصة بالتصوير، كما قام بتحوير بعض الأسلحة، ولديه أيضا أدوات صنعها بنفسه.
ويشدد عادل على أهمية دعم موهبة نعيم وغيره من الشباب الموهوبين واحتوائهم وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، واستثمار تلك الطاقات في تكوين مؤسسات صناعية حكومية أو قطاع خاص يساهم في دعم المنتج المحلي ودعم الصناعات الوطنية، وعدم الاعتماد على الاستيراد الخارجي في كل شيء.
بجهود ذاتية وإمكانيات بسيطة نجح نعيم في صناعة سيارة الهمرويشير عادل إلى إمكانية تحويل إبداعات الشباب إلى مشاريع تجارية وصناعية مدرة للربح لو تم الاهتمام بالمبدعين ودعمهم من قبل الجهات الحكومية المختصة، وخاصة توفير الإمكانيات المادية والورش الخاصة بعملهم.
ويرى أن أبرز ما يواجه الشباب العراقي هي المعوقات المادية وغياب الاهتمام الحكومي بسبب التوجه للاستيراد لضمان ديمومة الكسب غير المشروع للمتنفذين من خلال الاستيراد بالاتفاق مع شركات ومؤسسات دولية، و"هذا أهم سبب بعدم دعم المنتج الوطني".
ويوجه عادل نصيحته إلى نعيم بالاعتماد على نفسه بالدرجة الأساس، وعدم الاعتماد على الجهات الحكومية لتطوير موهبته، وأن يسعى للحصول على شراكة ودعم من القطاع الخاص.
حنون: يجب دعم مواهب الشباب في كل المجالات من أجل تحويل الإبداعات إلى مشاريع تخدم المجتمع
ضرورة دعم المواهب
بدوره يقول التربوي أحمد شاكر حنون إن أغلب الشباب العراقي هم مبدعون ولديهم طاقات، لكن لعدم توفر إمكانيات سواء المادية أو اللوجستية أو الاهتمام الحكومي بهذه الطاقات لا نرى إبداعا واضحا ومتجليا إلا في حالات فردية.
ويبيّن حنون للجزيرة نت أن الشاب نعيم يمتلك رغبة ذاتية في الإنجاز والإبداع رغم أنه لا يقرأ ولا يكتب، فقرر صناعة همر من بقايا الدراجات النارية المعطلة بجهوده الشخصية، ويشدد على ضرورة دعم مواهب الشباب العراقي في كل المجالات سواء الصناعية أو الأدبية أو الثقافية أو حتى الاقتصادية من أجل تنمية المجتمع وتحويل الإبداعات إلى مشاريع تخدم المجتمع وتخدم الشباب، وذلك يتأتى من خلال استقطاب أكبر عدد منهم ودعمهم ماديا ومعنويا وتشجيعهم وإظهارهم للرأي العام وللإعلام في سبيل العبور بهم إلى الضفة التي من الممكن أن تخدم المجتمع.
وينصح حنون الشباب العراقي بمواصلة الطموح وتحدي الزمن والظروف لكي ينحتوا أسماءهم في الصخر ويثبتوا إبداعاتهم رغم المعوقات الكبيرة.
أبو حنا أكد أن نعيم لديه طموحات في صناعات متعددة لكن ظروفه الصعبة تمنعه من ذلك
من جهته، يقول الطالب في هندسة النفط عباس أبو حنا إن الظروف المعيشية الصعبة لم تمنع صديقه نعيم جبر نعيمة من صناعة الهمر العسكرية ورافعة التصوير السينمائي يمكن التحكم بها عن بعد والشفل (الجرافة) وغيرها.
ويكشف أبو حنا في حديثه للجزيرة نت أن نعيم لديه طموحات في صناعة الطائرات المصغرة وغيرها من الأفكار، لكن سوء الظروف تمنعه من ذلك، مؤكدا أن مثل هذه الأفكار الصناعية يمكن أن تتحول إلى مشاريع ناجحة.