هناك بعض الأشياء التي ولدت مع الإنترنت والتي لا يعرف المستخدمون سبب نشأتها؛ منها وجود الارتباطات التشعبية باللون الأزرق (مواقع التواصل)
رسخ الإنترنت نفسه في كل جانب من جوانب حياتنا، ولكن هناك جانب واحد من العالم الرقمي أراهن أنك تعتبره أمرا مفروغا منه. هل سبق لك أن لاحظت أن العديد من الروابط -وتحديدا الارتباطات التشعبية- باللون الأزرق؟
ولكن لماذا الروابط زرقاء؟ هل هي مجرد حقيقة من حقائق الحياة مثل لون العشب الأخضر؟ والروابط باللون الأزرق متغلغلة في فكرنا كثيرا لدرجة أنه في عام 2016، عندما غيرت "غوغل" (Google) روابطها إلى اللون الأسود تسببت في حدوث اضطراب كبير.
لكن من قرر جعل هذه الروابط زرقاء؟ ومتى تم اتخاذ هذا القرار، وكيف كان لهذا القرار تأثير دائم؟
بداية الإنترنت
في أبريل/نيسان عام 1969، بدأ العمل فيما سيصبح في يوم من الأيام الإنترنت. ففي ذلك الوقت، كان المشروع يعرف باسم "داربانت" (DARPAnet)، وكان متاحا لعلماء وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة التابعة للحكومة الأميركية.
أما الآن فالإنترنت في كل مكان وكل شيء. ومن الصعب تخيل الحياة بدونه، حتى لو كنت تتذكر الحياة بدونه بالفعل. من السهل أن نشعر أن الويب الذي نعرفه قد تم إنشاؤه بواسطة حالمين رؤوا الصورة الكبيرة.
وفي العودة إلى أحد أقدم متصفحات الويب مثل متصفح "موزايك" (Mosaic) لنظام التشغيل "ويندوز" (Windows)؛ نجد أن خلفية المتصفح رمادية، والنص أسود، والألوان الفاتحة لا تظهر بشكل جيد على نظام الألوان الأسود والأبيض في ذلك الوقت؛ لذلك كانت الخيارات هي الأحمر والأزرق والأخضر.ولكن الكشف عن اللون الأحمر والأخضر يتم بواسطة نفس الخلايا في العين، وهو السبب في أحد أكثر أشكال عمى الألوان شيوعا؛ وهو عمى الألوان الأحمر والأخضر، حيث يصيب 7% من الرجال و0.4% فقط من النساء، لكن هذا المرض لا يزال يصيب شخصا من كل 25 شخصا بشكل عام؛ لذلك كان من المنطقي اختيار لون يمكن للجميع رؤيته وعدم الخطأ في اختيار اللون الأسود.
ويوضح جو كلارك -في كتابه "بناء مواقع سهلة التصفح 2002" (Building Accessible Websites 2002) أن الأحمر والأخضر هما أكثر الألوان تأثرا بنقص رؤية الألوان. بينما لا أحد يعاني من مشاكل في رؤية اللون الأزرق. وفقا لذلك، يمكن للجميع تقريبا رؤية اللون الأزرق، أو بشكل أكثر دقة يمكن للجميع تقريبا تمييز اللون الأزرق باعتباره لونا مختلفا عن الآخرين.
لذلك كان هناك اجتماع؛ حيث جلس جميع أعضاء داربانت ورواد الإنترنت الأوائل حول طاولة وتحدثوا عن اللون الذي يجب إنشاء الروابط فيه، وقرروا اللون الأزرق بسبب مشكلات إمكانية الوصول.
مخترع الويب "تيم بيرنرز لي" لا يتذكر السبب الحقيقي وراء اللون الأزرق للروابط (رويترز)
هناك نظرية أخرى
يعتبر "تيم بيرنرز لي" المسؤول عن اختراع الإنترنت والارتباطات التشعبية الزرقاء، ولكنه لا يتذكر حتى من اختار اللون.
قال بيرنرز لي -في الإجابة عن سؤال بموتمر "اتحاد شبكة الويب العالمية" (World Wide Web Consortium)- "لا يوجد سبب معين يدفع المرء لاستخدام اللون للدلالة على الروابط، إن قصة استخدام الأزرق بسبب الوضوح هو مجرد افتراض"، ويضيف "أعتقد أننا استخدمنا السطر أسفل الكلمة لتمثيل الرابط في النسخة الأولى من المتصفحات، لأنه كان شكلا إضافيا للتأكيد".إن هذا ينسجم مع ما يتذكره تيد نيلسون، وهو أيضا رائد شبكة الإنترنت في عام 1965، حيث قال –لموقع "ميشابل" (Mashable)- "كانت الروابط عبارة عن سطور مرئية بين الصفحات، لا شيء أكثر من ذلك، ولم يكن هناك ألوان، فالشاشات الملونة لم تكن قد ظهرت بعد".
ويذكر بيرنرز لي أن اللون الأزرق "جاء عندما أصبحت المتصفحات ملونة، لا أتذكر أيهما كان أول من استخدم اللون الأزرق.. أعتقد أن اللون الأزرق هو اللون الداكن والأقرب للأسود؛ ولذا فهو أوضح على المتصفحات الملونة".