قد يُساعِدُ تأثيرٌ وقائيٌّ عندَ الإناث على تفسيرِ واحدٍ من أكبر أسرار مرض التوحُّد: لماذا يكون الأطفالُ الذكُور أكثرَ ميلاً للإصابة بهذا الاضطراب بخمس مرَّاتٍ مُقارنةً بالإناث.
تُشير دراسةٌ حديثةٌ إلى أنَّ الإناثَ في فترة النموِّ يكنَّ أفضلَ بكثير من الذكور في محاربة الضغط الوراثيِّ للإصابة بأعراض التوحُّد.
قالت المُعدَّة الرئيسيَّة للدراسة إيليس روبنسون، المُشرفةُ في كليَّة الطبِّ بجامعة هارفارد في بوسطن: "النتائجُ ليست نهائيَّة، ولا تُشيرُ إلى مُعالجة أو شِفاء. ومع ذلك, تبقى مثل هذه الخطواتُ الأولى مهمَّة، ويُمكن أن تقودَ إلى فهمٍ أوسع لمرض التوحُّد".
يُقدَّرُ أنَّ طفلاً من بين كلِّ 88 طفلاً في الولايات المتَّحدة لديه "أحد اضطرابات طيف التوحُّد". وتتميَّزُ هذه الحالةُ، التي يُمكن أن تتراوحَ بين المُعتدلة والشديدة, بضعف التواصل والتفاعل على الصعيد الاجتماعيِّ.
ترى المراكزُ الأمريكيَّة لمُكافحة الأمراض والوقاية منها أنَّ الأولادَ أكثر ميلاً من البنات للإصابة بشكلٍ من أشكال اضطراب التوحُّد، وبخمسة أضعاف تقريباً.
هناك العديدُ من النظريَّات التي تُفسِّر وجودَ هذه الثغرة بين الجنسين بخصوص اضطراب التوحُّد؛ إحداها تقول إنَّ الذكورَ مُهدَّدون في الرَّحم بالتعرُّض إلى هرمون التِّستوستيرون الذكوريِّ؛ بينما تقول نظريةٌ أخرى إنَّ الإناثَ قد يكُنَّ في طبيعتهنّ أفضل وقايةً بعضَ الشيء ضدَّ خطر هذه الحالة.
وقد يُناسِبُ هذا الفكرةَ القولُ بأنَّ الذكورَ في الرحم أضعفُ من الإناث؛ فالذكورُ بشكل عام أكثر ميلاً للإصابة بالاضطرابات العصبيَّة مُقارنةً بالإناث، مثلما ما نوَّه الدكتور أندريو زيمرمان، مُديرُ قسم التجارب السريريَّة لدى مركز لوري للتوحُّد في مستشفى ماساشوستس العام.
"نحن الذكور المساكين أكثر عرضةً للمرض؛ حيث تمتلك الأنثى اثنينٍ من الكروموسوم إكس. لهذا، إذا كانت هناك مُشكلةٌ في واحد منهما, فلديها احتياطي. من جهةٍ أخرى, يمتلك الذكورُ كروموسوم إكس واحداً وكروموسوم واي يحتوي على عددٍ قليلٍ من الجينات".
هَدَف الباحِثون من الدراسة إلى فهم كيف سارت - بشكل جيِّد - أمورُ الإناث اللواتي وُلِدنَ في عوائل بدا أنَّ لديها خطراً وراثياً أعلى بخصوص أعراض التوحُّد. درس الباحِثون حالات أكثر من 3800 زوج من التوائم غير المُتماثلة (غير الحقيقية) في بريطانيا، وأكثر من 6000 زوج من التوائم غير المُتماثلة في السويد. ثم حاولوا فهمَ كيف أثَّر خطرُ أعراض التوحُّد (وليس وجود المرض بحدِّ ذاته) في التوائم.
ووجدوا دليلاً على أنَّ الفتاةَ تحتاج إلى خطر أعلى ضمن العائلة (أي حِمل جينيّ أعلى) كي تُصابَ بأعراض التوحُّد؛ وبعبارةٍ أخرى, بدت الفتياتُ أكثرَ مُرونةً ضدَّ خطر أعراض التوحُّد مُقارنةً بالأولاد.
قال زيمرمان: "هناك ضغطٌ أشدَّ على الأولاد كي يُصابوا بأعراض التوحُّد؛ وحالما يُصابون به, يبدو عندهم أكثرَ وضوحاً من أقربائهم".
أشار الباحِثون إلى ضرورة أن تهتمَّ الأبحاثُ الجينيَّة أكثر بدراسة العائلات التي لديها فتياتٌ مُصابات بالتوحُّد، من أجل الوصول إلى فهمِ أفضل لهذا الاضطراب، والتعرُّف إلى طرق الوقاية منه.
هيلث داي نيوز, راندي دوتينغا, الاثنين 18 شباط/فبراير