:
تقصر العديد من التشريعات الوطنية حق الترشيح للمناصب القيادية للمنظمات النقابية على العمال الوطنيين دون الأجانب، وذلك حرصاً منها على ضمان قيادة وطنية للمنظمات النقابية، خاصة مع الدور المتزايد للمنظمات النقابية على المستويين الاقتصادى والاجتماعى. إلا أن هذا الشرط يمس حق العمال فى اختيار قياداتهم النقابية بحرية تامة، لذلك فإن هذا الشرط إذا وُجد يجب أن يُطبق بالمرونة الكافية للتوفيق بين الاعتبارات المتعارضة.
الانتماء للمهنة :
تشترط بعض التشريعات انتماء القائد النقابى للمهنة التى تمثلها المنظمة النقابية، ويبدو هذا الشرط بديهياً ذلك أن انتماء القيادة النقابية إلى المهنة يجعلها أكثر قدرة على الوقوف على قضاياها ومعرفة مشاكلها واحتياجات العاملين بها.
على أن هذا الشرط قد يكون عرضة لسوء الاستعمال، ويترتب عليه إهدار الضمانات المقررة بموجب الاتفاقية رقم 87، ففصل أحد القادة النقابيين من عمله قد يترتب عليه فقدانه لصفته النقابية، مما يكون له أثر سلبى على عمل المنظمة النقابية، ويزيد من تدخل أصحاب الأعمال فى شئون المنظمات النقابية.
استبعاد المرشح بسبب نشاطه السياسى:
تقرر بعض التشريعات الوطنية استبعاد النقابيين ذوى اتجاهات سياسية معينة من الترشيح لتولى المناصب القيادية فى المنظمات النقابية، مثال ذلك استبعاد النقابيين الذين لا ينتمون إلى الحزب الحاكم، أو الذين ينتمون إلى أحزاب سياسية معارضة للحزب الحاكم.
والواقع أن استبعاد بعض النقابيين من الترشيح للمناصب القيادية فى المنظمات النقابية لأسباب سياسة يمثل اعتداءً مباشراً على مبدأ الحرية النقابية، فهو يتعارض مع حق العمال فى اختيار ممثليهم بحرية تامة.
إشراف السلطات العامة على الانتخابات :
يقتضى مبدأ الحرية النقابية أن تظل السلطات العامة بمنأى عن عملية اختيار القيادات النقابية، ولا تتدخل فيها بأى صورة من الصور، أو فى أى مرحلة من مراحلها.
إلا أن بعض التشريعات قد تشترط حضور ممثلى السلطات العامة لعملية الانتخابات والإشراف عليها ومراقبة عملية الاقتراع، أو قد تستلزم اعتماد السلطات العامة نتيجة الانتخابات مع إعطائها سلطة تقديرية واسعة.
وتكمن خطورة هذه الشروط فى أنها من الممكن أن تتحول من مجرد إجراءات شكلية تهدف إلى التأكد من احترام الشروط القانونية إلى أن تصبح وسيلة بيد السلطات العامة تتمكن بها من الموافقة على نتائج الانتخابات أو إلغائها.
2- حرية المنظمة النقابية فى تسيير شئونها الإدارية:
تتمتع المنظمة النقابية بحرية إدارة شئونها الداخلية، فلها حرية وضع القواعد التى تنظم من خلالها اجتماعاتها وطرائق عملها وتشكيل أجهزتها الداخلية وخطط نشاطها وبرامج تنفيذها ومساءلتها لأعضائها عما يقع منهم مخالفاً لنظمها.
وحرية المنظمة النقابية فى إدارة شئونها يجب أن تمارس فى إطار احترام القوانين، وعلى ذلك فمن المقبول وجود نوع من الرقابة على تصرفات المنظمة النقابية وأعمالها الداخلية، للتأكد من احترامها للقانون. وحتى تتسم هذه الرقابة بالحياد والموضوعية، ولا يكون من شأنها تقييد حق المنظمة النقابية فى إدارة شئونها أو إعاقة الممارسة المشروعة لهذا الحق، فإن هذه الرقابة يجب أن تمارس بواسطة القضاء.
وتجدر ملاحظة أنه لا يوجد ما يمنع من أن تتضمن التشريعات بعض القواعد التنظيمية لصالح المنظمات النقابية، شريطة ألا تؤدى هذه القواعد القانونية إلى تدخل السلطات العامة فى نشاط المنظمات النقابية، وعلى أن تقتصر هذه النصوص التشريعية على المسائل الأساسية دون التطرق للتفصيلات مثال ذلك : أن تحدد هذه النصوص قيمة الاشتراك فى المنظمة النقابية، أو تحدد الأغلبية المطلوبة عند التصويت على مسائل جوهرية مثل تعديل النظام الأساسى أو فصل أحد الأعضاء.
3- حرية المنظمة النقابية النقابية فى إدارة أموالها :
وفقاً لمبدأ الحرية النقابية فإن للمنظمة النقابية حرية كاملة فى وضع لائحتها المالية، فيجب أن تتمتع بالاستقلال إزاء الدولة، ولا تُفرض رقابة حكومية على إدارتها لأموالها. إلا أن السلطات العامة قد تفرض نوع من الرقابة على مالية المنظمات النقابية متعللة برغبتها فى منع إساءة التصرف فى أموال المنظمات النقابية ومنع اختلاسها. فإذا كانت هذه الرقابة لا تحد من حرية المنظمة النقابية فى إدارة أموالها أو تعوق هذه الحرية، فإنها لا تمثل خروجاً على مبدأ الحرية النقابية، خاصة وأنها تهدف – فى النهاية – إلى الحفاظ على الأموال النقابية.
وقد تتعدى رقابة السلطات العامة على مالية المنظمات النقابية حدود حماية أموال المنظمات النقابية إلى تدخل السلطات العامة فى شئونها المالية رغبة منها فى إخضاع المنظمات النقابية إلى سيطرتها فى هذا المجال، مثال ذلك : أن يتطلب القانون اعتماد السلطات العامة لميزانية المنظمات النقابية، أو تعيين إدارة مالية للمنظمات النقابية من قبل السلطات العامة، أو إعطاء الحق لوزارة العمل فى التدخل فى كيفية إدارة المنظمات النقابية لأموالها. والواقع أن مثل هذا التدخل من جانب السلطات العامة يمثل تدخلاً صريحاً فى الشئون الداخلية للمنظمة النقابية، ويعتدى على حرية المنظمة النقابية فى إدارة أموالها، مما يُعد خروجاً على مبدأ الحرية النقابية.
رابعاً: عدم جواز حل المنظمة النقابية بالطريق الإدارى
وفقاً لمبدأ الحرية النقابية فإنه لا يجوز أن تكون المنظمات النقابية عرضة للحل أو لوقف نشاطها بواسطة السلطة الإدارية. فالمنظمة النقابية تتكون بالإرادة الحرة لأعضائها، وهذه الإرادة هى وحدها التى تملك تقرير إذا كان هناك مقتضى لحل هذه المنظمة من عدمه.
فلا يجوز بأى حال من الأحوال منح السلطة الإدارية حق حل المنظمات النقابية أياً كانت الأسباب، فإذا خالفت المنظمة النقابية القانون أو النظام الأساسي أو خرجت عن الأهداف النقابية، فإنه يجوز حل المنظمة النقابية أو وقف نشاطها بواسطة حكم قضائى.
فالسلطة القضائية جهة محايدة وموضوعية، ومن شأن إسناد الاختصاص بحل المنظمة النقابية أو وقف نشاطها إليها توفير الأمن والاستقرار للمنظمة النقابية والحفاظ على حقوقها، كما يحول دون تعرض المنظمة النقابية لتهديد جهة الإدارة أو تعسفها.