ان ظهور الثورة الصناعية وتجمع العمال بأعداد كبيرة فى المصانع بدأوا فى التشاور والحوار حول الظروف القاسية والمجحفة التى يعملون من خلالها، فالأجور زهيدة، والعمل لساعات طويلة دون أى اعتراف بإجازات أو أوقات للراحة، بالإضافة لعدم توافر الرعاية الصحية للعمال وعدم وجود أى نوع من التأمينات، وانتشار أمراض المهنة وحوادث العمل دون حصول العمال على تعويضات. ونتيجة لهذه الظروف القاسية للعمل والتي كان العمال يقبلونها كبديل وحيد عن البطالة بدأت تظهر روح التضامن بين العمال فى محاولة منهم لإقامة نوع من التوازن بينهم وبين أصحاب الأعمال، مالكى رؤوس الأموال المتحكمين فى سوق العمل والذين يفرضون شروط قاسية للعمل بكل حرية واطمئنان، وقد رأى العمال فى اتحادهم تعويضاً عن الضعف الذى يعانيه كل منهم منفرداً.
وبدأ العمال يتحدون فى تكتلات للدفاع عن مصالحهم ويعلنون من خلالها الإضراب لتحقيق مطالبهم، إلا أن هذه التكتلات كانت وقتية تنشأ لتحقيق مطالب محددة.
ومع استمرار ظروف العمل القاسية ومعاناة العمال بدأوا فى التفكير فى إنشاء تجمعات لهم تتسم بالدوام والاستمرارية، وكافح العمال كثيراً، وصمدوا فى مواجهة محاربة أصحاب الأعمال ومن خلفهم الحكومات لتجمعاتهم، حتى اعترف لهم بالحق فى تكوين النقابات العمالية فى القرن التاسع عشر، ومع الوقت اعترف للنقابات بالشخصية المعنوية والحق فى تمثيل المهنة، وتم الاعتراف بمبدأ الحرية النقابية وأصبح من المبادىء الأساسية فى القانون المعاصر.
وفى مصر ومع إلغاء نظام الطوائف بالقانون الصادر فى 9 يناير 1890 والذى قرر حرية العمل للجميع، نشأت بعض الصناعات مثل صناعة السجائر والسكر والنسيج، وشعر عمال الصناعة بضرورة اتحادهم لتحسين ظروف العمل بالغة السوء، وبدأت أول محاولة لإنشاء نقابة عمالية فى مصر عام 1899 حينما اتحد عمال السجائر وأعلنوا إضراباً عاماً لزيادة أجورهم، وبعد محاولات متعددة ظهرت إلى الوجود أول نقابة عمالية فى مصر وهى النقابة التى كونها عمال شركة ماتوسيان عام 1908. ومنذ هذا التاريخ توالى تكوين النقابات، وبدأت الحركة النقابية فى الانتشار.
وكان أول قانون للنقابات العمالية فى مصر هو القانون رقم 85 لسنة 1942، ثم المرسوم بقانون رقم 319 لسنة 1952، ثم تضمن الباب الرابع من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الأحكام الخاصة بالنقابات، ثم استبدل القانون رقم 62 لسنة 1964 بالباب المذكور، ثم صدر القانون الحالى للنقابات رقم 35 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1981، والقانون رقم 12 لسنة 1995.
وتختلف النقابات العمالية عن النقابات المهنية، فهذه الأخيرة تنشأ كل نقابة منها بقانون مستقل، ويكون اشتراك الأعضاء فيها إجبارياً، فلا يجوز ممارسة المهنة التى تمثلها النقابة دون الانضمام إليها ، أما النقابات العمالية فتتكون بالإرادة الحرة لأعضائها، وتكون العضوية فيها اختيارية .
تعريف المنظمة النقابية
لم يورد المشرع المصرى تعريفاً للمنظمة النقابية L'organisation syndicale واكتفى ببيان أهدافها إذ تقرر المادة الثامنة من قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 أن «تستهدف المنظمات النقابية حماية الحقوق المشروعة لأعضائها والدفاع عن مصالحهم وتحسين ظروف وشروط العمل ...».
وفى الفقه تعددت التعريفات التى قيلت فى شأن المنظمة النقابية، إلا أنه يمكن القول أن أى تعريف للمنظمة النقابية يجب أن يتضمن العناصر الآتية:
أ- أن المنظمة النقابية جماعة إرادية تتكون بطريقة حرة ومستقلة بعيداً عن أى وصاية سواء من جانب الدولة أو من جانب الجماعات الأخرى.
ب- أن المنظمة النقابية تتكون من مجموعة من العمال الذين ينتمون إلى مهنة واحدة أو إلى مجموعة مهن متماثلة أو مرتبطة.
ج- أن المنظمة النقابية تدافع عن مصالح أعضائها، وتقوم بتمثيلهم أمام السلطات العامة والجماعات الأخرى.
د- أن المنظمة النقابية تستخدم فى سبيل تحقيق أهدافها أساليب متعددة، بعضها ذو طابع تنازعى مثل الإضراب، والبعض الآخر ذو طابع تعاونى مثل المشاركة فى رسم خطط وسياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ﻫ- أن المنظمة النقابية تتمتع بالشخصية المعنوية، وذلك حتى يتسنى لها مباشرة مهامها بحرية واستقلال.
وعلى ضوء ما سبق يمكن – فى تقديرنا – تعريف المنظمة النقابية بأنها جماعة ذات شخصية اعتبارية تتكون بطريقة حرة من مجموعة من العمال ينتمون إلى مهنة واحدة أو مجموعة مهن متماثلة أو مرتبطة، بهدف تمثيل أعضائها مهنياً وحماية حقوقهم والدفاع عن مصالحهم.
الشخصية المعنوية للمنظمة النقابية
تتمتع المنظمات النقابية بالشخصية المعنوية la personnalité morale وقد نصت المادة الرابعة من قانون النقابات على ذلك صراحة، إذ قررت أن «تثبت الشخصية المعنوية للمنظمة النقابية من تاريخ إيداع أوراق التشكيل...» ، وقد جعل المشرع المصرى اكتساب المنظمات النقابية للشخصية المعنوية حقاً دستورياً فقد نصت المادة 56 من الدستور المصرى على أن «إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون وتكون له الشخصية الاعتبارية».
وقد ثار خلاف فى الفقه حول مدى تمتع اللجان النقابية بالشخصية المعنوية فقد ذهب رأى فى الفقه إلى أن اللجان النقابية لا تعدو أن تكون فروعاً للنقابة العامة ولا يمكن اعتبارها منظمات نقابية ذات شخصية معنوية مستقلة. وقد استند هذا الرأى إلى أن قانون النقابات بعد تعديله بالقانون رقم 1 لسنة 1981 قد قصر الإجراءات الشكلية لتأسيس المنظمة النقابية على النقابة العامة، ومن جهة أخرى فقد حدد قانون النقابات – بعد تعديله بالقانون رقم 1 لسنة 1981 – أسباب انتهاء العضوية فى النقابة العامة، ومن جهة ثالثة فإن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 1 لسنة 1981 قد أوضحت نية المشرع إلى اعتبار اللجنة النقابية فرع للنقابة العامة.
وقد ذهب الرأى الراجح فى الفقه إلى الاعتراف للجان النقابية بالشخصية المعنوية شأنها فى ذلك شأن النقابة العامة والاتحاد العام لنقابات العمال فقد نصت المادة الرابعة من قانون النقابات على أن «تثبت الشخصية المعنوية للمنظمة النقابية من تاريخ إيداع أوراق التشكيل ... وللمنظمة النقابية أن تباشر نشاطها اعتباراً من هذا التاريخ». فعمومية النص تجعل حكمه يسرى على جميع المنظمات النقابية بلا استثناء سواء فى ذلك اللجان النقابية أو النقابة العامة أو الاتحاد العام لنقابات العمال، بالإضافة لذلك فقد تضمن قانون النقابات بعض النصوص التى تعترف بجلاء للجان النقابية بالشخصية المعنوية وباستقلالها عن النقابة العامة، من ذلك نص المادة السابعة، الذى يورد اللجنة النقابية ضمن المنظمات النقابية التى تشكل البنيان النقابى، ونص المادة الثانية عشر التى تعدد اختصاصات اللجان النقابية، ونص المادة الحادية والثلاثين التى توضح كيفية تكوين الجمعية العمومية للجنة النقابية.
وقد اعترفت محكمة النقض للجنة النقابية بالشخصية الاعتبارية إذ قررت أن «البنيان النقابى يقوم على شكل هرمى، ذى ثلاث طبقات تقع فى الطبقة الأولى منه اللجنة النقابية...، ثم تعلوها النقابة العامة ... ويقوم على رأسها جميعاً الاتحاد العام لنقابات العمال، وأن كل طبقة فى هذا البنيان منظمة نقابية مستقلة تثبت لها الشخصية الاعتبارية فور اتخاذها الإجراءات الشكلية المنصوص عليها فى المادة (63) من القانون».
أولاً : طبيعة الشخصية المعنوية للمنظمة النقابية
ثار خلاف حول الطبيعة القانونية للشخصية المعنوية للمنظمة النقابية، فرغم أن المنظمة النقابية تعتبر شخص من أشخاص القانون الخاص بالنظر إلى الاعتبارات الآتية:
أ- أن تكوين المنظمة النقابية يتعلق بإرادة أفراد المهنة التى تمثلها ولا تقوم الدولة بإنشائها، أو تعيين القائمين على إدارتها بل يختارهم أعضاؤها بأنفسهم.
ب- لا تملك المنظمة النقابية فى علاقتها بأعضائها حقوق السلطات العامة، كإرغام أفراد المهنة على الانضمام إليها، أو على البقاء فيها.
ج- لا تملك المنظمة النقابية تحصيل حقوقها بطريق الحجز الإدارى.
إلا أنه لا يمكن اعتبار المنظمة النقابية شخصاً خالصاً من أشخاص القانون الخاص وذلك بالنظر إلى طبيعة المهام التى تضطلع بها المنظمة النقابية فى الوقت الحالى، فبالإضافة إلى دورها فى الدفاع عن المصالح المهنية لأعضائها، وإبرام اتفاقيات العمل الجماعية، فإنها تشارك فى تخطيط السياسة العامة للعمل، وتشترك فى مناقشة المسائل المتعلقة بالأجور، كما أنها تملك سلطة التأديب على أعضائها. وبعبارة أخرى فإن المشرع قد منح المنظمة النقابية جانباً من خصائص وامتيازات السلطة العامة. إلا أنه تجدر ملاحظة أن وسائل السلطة العامة التى تملك المنظمة النقابية بعض جوانبها لا تحيلها إلى شخص من أشخاص القانون العام، وهذا ما قررته المحكمة الدستورية العليا «أن المنظمة النقابية - بالنظر إلى أغراضها، وعلى ضوء طبيعتها وكيفية تكوينها – تعد من أشخاص القانون الخاص فلا تباشر نشاطها أصلاً إلا وفقاً لقواعد هذا القانون، ولو كان المشرع قد منحها جانباً من خصائص السلطة العامة وامتيازاتها – كتلك التى تخولها حق اللجوء إلى الطريق الإدارى لرد العدوان على أموالها – ذلك أن وسائل السلطة العامة التى تمارس المنظمة النقابية بعض جوانبها لا تحيلها إلى جهة إدارية فى مقوماتها، ولا تلحقها بها، أو تجعلها من فروعها، بل تظل المنظمة العمالية حتى مع تمتعها ببعض خصائص السلطة العامة محتفظة بتكوينها الخاص».
وعلى ذلك فإنه يمكن اعتبار المنظمات النقابية بالنظر إلى طبيعة الدور الذى تؤديه، والحقوق التى تتمتع بها جماعات شبه عامة para - public.
ثانياً : حقوق وأهلية المنظمة النقابية
تنص المادة "53" مدنى على أن : «1- الشخص الاعتبارى يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية، وذلك فى الحدود التى قررها القانون.
2- فيكون له:
أ- ذمة مالية مستقلة،
ب- أهلية فى الحدود التى يعينها سند إنشائه، أو التى يقررها القانون،
ج- حق التقاضى،
د- موطن مستقل، ويعتبر موطنه المكان الذى يوجد فيه مركز إدارته...».
ومن ثم يترتب على الاعتراف للمنظمة النقابية بالشخصية المعنوية تمتعها ببعض الحقوق، واكتسابها للأهلية فى حدود معينة، فضلاً عن تمتعها بذمة مالية مستقلة.
حقوق المنظمة النقابية
للمنظمة النقابية باعتبارها شخص اعتبارى التمتع بحقوق الشخصية فيكون لها اسم وموطن وجنسية.
أ- اسم المنظمة النقابية:
للمنظمة النقابية باعتبارها من الأشخاص الاعتبارية الحق فى أن تحمل اسماً، ويختار اسم المنظمة النقابية أعضاؤها المؤسسون، ويشترط أن يوافق عليه أعضاء الجمعية التأسيسية. ويتضمن اسم المنظمة النقابية اسم المهنة التى تمثلها مسبوقاً بعبارة النقابة العامة أو اللجنة النقابية مثل النقابة العامة لعمال الغزل والنسيج أو النقابة العامة لعمال المناجم. ويجب أن يُنص على اسم المنظمة النقابية فى نظامها الأساسى.
ويمكن تغيير اسم المنظمة النقابية بقرار من الجمعية العمومية حتى يتوافق مع التغييرات التى قد تحدث على النطاق الجغرافى أو المهنى الذى تباشر فيه النقابة نشاطها أو ليتماشى مع انضمام النقابة لأحد الاتحادات.
وقد حرص المشرع على حماية اسم المنظمة النقابية، ونص على عقوبة جنائية لمن يعتدى على هذا الاسم.
ب- موطن المنظمة النقابية:
للمنظمة النقابية باعتبارها شخص اعتبارى موطن مستقل عن مواطن أعضائها، ويجب تحديد موطن المنظمة النقابية فى نظامها الأساسى. ويتحدد هذا الموطن بالمكان الذى يوجد فيه مركز إدارتها فهو المكان الذى يجتمع فيه مجلس إدارة المنظمة النقابية وجمعيتها العمومية، ويوجد به الأجهزة الدائمة التى تتولى الأعمال اليومية للمنظمة النقابية.
ولا يترتب على الانتقال المؤقت للجمعية العمومية أو لمجلس الإدارة إلى مكان آخر، لأسباب عملية كضيق المكان أو إعداده، تغيير موطن المنظمة النقابية، فتغيير الموطن لا يتم إلا بنقل مركز إدارة المنظمة النقابية وأنشطتها الاجتماعية وأعمالها القانونية إلى مقر آخر بصفة دائمة.
ويتعين فى حالة تغيير موطن المنظمة النقابية إدراج هذا التعديل فى لائحة النظام الأساسى، وإبلاغ الجهة الإدارية المختصة. والاتحاد العام لنقابات العمال، باعتباره تعديل طارىء على النظام الأساسى للمنظمة النقابية.
ج- جنسية المنظمة النقابية :
للمنظمة النقابية، مثل كل الأشخاص الطبيعية والاعتبارية، الحق فى التمتع بجنسية دولة ما، وغالباً ما تكتسب المنظمة النقابية جنسية الدولة التى تأسست فيها وطبقاً لقانونها، ووفقاً للقانون المصرى فإن المنظمات النقابية التى تنشأ فى مصر وفقاً لأحكام قانون النقابات المصرى تكتسب الجنسية المصرية.
أهلية المنظمة النقابية
يترتب على اكتساب المنظمة النقابية للشخصية الاعتبارية تمتعها بذمة مالية مستقلة، واكتسابها الأهلية اللازمة لتحقيق أهدافها ، وعلى ذلك تثبت للمنظمة النقابية أهلية التعاقد، وأهلية التملك، وأهلية التقاضى، وقد نص المشرع صراحة على أهلية التقاضى للمنظمة النقابية، أما أهليتها فى التعاقد والتملك فتستخلص من الاعتراف لها بالشخصية الاعتبارية.
وتجدر الإشارة إلى أن أهلية المنظمة النقابية مقيدة بمبدأ التخصص، وهو المبدأ الذى يقضى بقصر حقوق الشخص المعنوى على القدر اللازم لتحقيق الغرض الذى أنشىء من أجله.
أ- أهلية التعاقد :
تتمتع المنظمة النقابية بأهلية التعاقد، فلها أن تبرم كافة العقود اللازمة لتحقيق أغراضها، فلها أن تبرم عقد إيجار المكان اللازم كمقر لإدارتها، أو عقود نقل لتنظيم رحلات وأنشطة اجتماعية لأعضائها وعقود عمل للعاملين اللازمين لها. ويُمثل المنظمة النقابية قانوناً رئيس مجلس إدارتها أو من ينوب عنه بقرار من مجلس الإدارة.
وللمنظمة النقابية – أيضاً – أن تُبرم اتفاقيات العمل الجماعية، ويُشترط أن تُعرض هذه الاتفاقيات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ توقيعها على مجلس إدارة النقابة العامة أو الاتحاد العام لنقابات العمال على حسب الأحوال، وتكون الموافقة عليها من أيهما بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس الإدارة وذلك خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ توقيع الاتفاقية، ويترتب على تخلف أى شرط من الشروط السابقة بطلان الاتفاقية.
وقد أورد المشرع بعض القيود على أهلية المنظمة النقابية فى التعاقد:
فلا يجوز للمنظمة النقابية التبرع بأموالها سواء أكانت عقاراً أم منقولاً إلا لغرض نقابى أو قومى وبموافقة الاتحاد العام لنقابات العمال، وفى الحدود وطبقاً للأوضاع التى يحددها النظام الأساسى للمنظمة وقد اشترطت اللائحة النموذجية أن تكون موافقة الاتحاد العام لنقابات العمال – فى هذه الحالة – بأغلبية ثلثى أعضائه. والحكمة من هذا القيد واضحة وهى رغبة المشرع فى الحفاظ على أموال المنظمات النقابية وحمايتها من الضياع.
ومن جهة أخرى فقد حظر المشرع على المنظمات النقابية قبول الهبات أو التبرعات أو الوصايا، إلا بقرار من وزير العمل، يصدر بعد موافقة الاتحاد العام لنقابات العمال، متى كانت هذه الهبات أو التبرعات أو الوصايا مقدمة من أشخاص أجنبية. وقد نص المشرع على هذا القيد خشية منه أن تستخدم الهبات والتبرعات كوسيلة للضغط على المنظمة النقابية أو لإغرائها لاتخاذ سياسات معينة تخدم جهات أجنبية.
ب- أهلية التملك :
للمنظمة النقابية أن تمتلك الأموال اللازمة لتحقيق أهدافها - سواء كانت عقارية أو منقولة – وأهلية المنظمة النقابية للتملك مشروطة بعدم تجاوز أغراض المنظمة النقابية وما قد يرد فى نظامها الأساسى أو لائحتها المالية من قيود، والواقع أن هذه القيود تُرد جميعاً إلى مبدأ التخصص.
وعلى ذلك فلا يجوز للمنظمة النقابية توظيف أموالها فى أعمال مالية أو تجارية أو صناعية أو اقتناء أوراق مالية إلا بموافقة الاتحاد العام لنقابات العمال، كما لا يجوز لها إنشاء أو شراء المبانى اللازمة لمباشرة أوجه نشاطها إلا بناء على قرار من جمعيتها العمومية. ويُحظر – تماماً – على المنظمة النقابية الدخول فى مضاربات مالية أو تجارية.
ج- أهلية التقاضى:
تتمتع المنظمة النقابية بأهلية التقاضى، فلها أن تباشر الدعاوى المرفوعة منها أو عليها بواسطة ممثلها القانونى. وللمنظمة النقابية أن ترفع الدعاوى للدفاع عن حقوقها ومصالحها كشخص معنوى مستقل سواء فى مواجهة صاحب العمل أو أحد أعضائها أو الغير.
وللمنطقة النقابية أن ترفع الدعاوى للدفاع عن المصالح الجماعية les intérêts collectifs لأعضائها والناشئة عن علاقات العمل. والمصلحة الجماعية لأعضاء المنظمة النقابية هى مصلحة مجموع الأعضاء أو فريق منهم ولو تعلقت المنازعة بأحدهم، ففصل أحد الأعضاء أو توقيع جزاء تأديبى عليه بما يتضمن من اعتداء على الحرية النقابية يمس مصلحة جماعية لأعضاء المنظمة النقابية ويجيز لها رفع الدعوى النقابية.
وتجدر الإشارة إلى أن دعوى المنظمة النقابية – فى هذه الحالة – هى دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء، وتختلف عنها فى موضوعها وفى سببها وفى آثارها وفى الأشخاص، إذ تتصل بحق الجماعة ويتأثر بها مركزها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها لا باعتبارها نائبة أو وكيلة عنهم. وعلى ذلك فإن دعوى المنظمة النقابية لا تمنع أحد أعضائها من رفع الدعوى بحقه ولا تتعارض معها، على أن الحكم الصادر فى دعوى المنظمة النقابية لا يكون له حجية فى النزاع القائم بين العامل وصاحب العمل.
ولا يجوز للمنظمة النقابية أن تباشر الدعاوى الخاصة بأعضائها إلا بتوكيل منهم، أو إذا اعتبرتها النصوص وكيلة عنهم، ومن أمثلة الحالة الأخيرة نص المادة "165" من قانون العمل على أن للمنظمة النقابية التى تكون طرفاً فى الاتفاقية الجماعية أن ترفع لمصلحة أى عضو من أعضائها جميع الدعاوى الناشئة عن الإخلال بأحكام الاتفاقية، وذلك دون حاجة إلى توكيل منه بذلك. وللعضو الذى رفعت الدعوى من المنظمة لمصلحته أن يتدخل فيها، كما يجوز له رفع هذه الدعوى ابتداء مستقلاً عنها.
وجدير بالذكر أن المشرع قد أعفى جميع الدعاوى التى ترفعها المنظمات النقابية أو أحد أعضائها والمتعلقة بتطبيق أحكام قانون النقابات من الرسوم القضائية ورسوم الدمغة فى كافة مراحل التقاضى.
منقول