تعريف العقد في اللغة وبيان مفهومه في الفقه الإسلامي
أولاً:تعريف العقد في اللغة
ذكر علماء اللغة) أن لفظ العقد يرد على عدة معانٍ منها الشد والربط والعهد والضمان والجمع والعزم والتأكيد والإحكام والتوثيق.
قال ابن فارس(:"العين والقاف والدال تدل على شد وشدة وثوق وإليه ترجع فروع الباب كلها".
وقال الراغب في مفرادات القرآن:"العقد الجمع بين أطراف الشيء ويستعمل في الأجسام الصلبة كعقد الحبل وعقد البناء،ثم يستعار ذلك في المعاني نحو:عقد البيع
والعهد وغيرهما فيقال:عاقدته وعقدته وتعاقدنا". (
وقال القرطبي :"العقود الربوط وأحدها عقد يقال:عقدت العهد والحبل وعقدت العسل فهو يستعمل في المعاني والأجسام".
وقال ابن العربي:"أصل العقد الربط والوثيقة .............وتقول العرب:عقدنا أمر كذا وكذا أي ربطناه بالقول كربط الحبل بالحبل.
قال الشاعر:
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم شدوا العناجوشدوا فوقه الكربا"(
فمادة (عقد) في اللغة العربية تعني ما يأتي:
الأول:أن الفرد يلزم نفسه بشيء معين أو أن يلتزم عدة أطراف تجاه بعضهم على شيء معين.
الثاني:أنها ترد على الأشياء المحسوسة كشد الحبل والأشياء غير المحسوسة(المعنوية) كعقد النكاح وعقد البيع.
الثالث:أنها ترد على أمور مستقبلية.
وما يعنينا في بحثنا أن من معاني العقد في اللغة العربية:
أن يلتزم طرفان أو أكثر،تجاه بعضهم البعض على أمر غير محسوس في المستقبل.
ثانياً:تعريف العقد في الفقه الإسلامي
تعريف العقد في الفقه الإسلامي يرد على معنيين؛المعنى الأول معنى عام والثاني معنى خاص.
وسبب ذكر الفقه الإسلامي لهذين المعنيين يرجع إلى نظرة علماء الفقه الإسلامي للمعنى اللغوي للعقد؛فمن نظر إلى معنى العقد في اللغة على أنه العهد وإحكام الشيء وتقويته أخذ بالمعنى العام؛لأن العقد لا يخلو من عهد وتقوية،ومن نظر إلى معنى العقد في اللغة بأنه الربط أطلق العقد على المعنى الخاص؛لأن الربط يستلزم شيئين فأطلقوا العقد على الربط،والإيجاب،والقبول،وإ ن كان ربطا حكميا شرعيا لا حسيا(
فينصرف معنى العقد لدى علماء الفقه الإسلامي بمعناه العام إلى كل ما عزم المرء على فعله سواء كان ذلك:
أولا:بالإرادة المنفردة كالوقف،والإبراء،والطلاق،و اليمين،والنذر.
قال الشافعي(في بيان المراد في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ْأَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}قوله سبحانه: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ
تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }():"عام على كل عقد ويشبه والله أعلم أن يكون الله تبارك وتعالى أراد أن يوفوا بكل عقد كان بيمين أو غير يمين وكل نذر عقد".
الثاني:ما عزم المرء على فعله وكان محتاجا إلى إرادة أخرى في إنشائه كالبيع و الإيجار والتوكيل والرهن.
واستعمال العقد بهذا المعنى العام نجده ظاهراً في كتب علماء الفقه الإسلامي من المالكية والشافعية والحنابلة دون علماء المذهب الحنفي().
وهذا المعنى هو المراد عند إطلاق الفقه الإسلامي للفظ العقد فهم يعنون به صيغة
الإيجاب والقبول الصادرة من المتعاقدين،وهذا هو المعنى الشائع في كتبهم) "حتى يكاد ينفرد بالاصطلاح،وهو المتبادر عند الإطلاق ولا ينصرف إلى المعنى العام إلا
بتنبيه يدل عليه،ويتضح ذلك من تتبع كتب الفقهاء عند الكلام على العقود"(لأن"المناط في وجود العقد على وجه الإجمال هو التحقق من وجود إرادتي العاقدين وتوافقهما على أنشاء التزام بينهما بما يدل على ذلك من عبارة أو كتابة أو إشارة أو فعل" (]).
منقول