في الجش.. شابه أخاه فما ظلم.. يوسف آل اسعيد ارتقى المنبر في الـ13 وحسينية العباس تبنّته
بواسطة : معصومة آل حسين -
هل لنا أن نغيّر المثل المشهور فنقول: “من شابه أخاه فما ظلم”؟ فقد شدّت رفقة الشقيق الخطيب الحسيني ملا كاظم من عضد أخيه يوسف علي كاظم آل اسعيد حين كان يرافق شقيقه وهو لايزال ابن الثالثة عشر في قراءاتهِ المختلفة في مجالس بلدة الجش التي ينتسبُ إليها، فقد كان يصاحبهُ في شهر رمضان المبارك، فتترنّم أسماعه بصوتهِ الخاشع لآي القرآن الكريم في المجالس، ويشاركهُ كذلك احتفال الحسينيات بالموالد الشريفة، ويحضر معه مشاركًا لأهالي البلدة في مناسبات الأعراس ومراسم الزواج بإنشاد الموالد المباركة، حتى شجعهُ ابن أمه وأبيه ودفعهُ للمنابر لقراءة الموالد في بادئ مشواره.
حرص يوسف بعد ذلك على الاستماع لقراءة السيرة والمقتل في شهري الحزن والعزاء “محرم وصفر”، فكان كثيرًا ما ينصت منجذبًا لقراءة المقتل في مجالس بلدته، وخصوصًا من زوج عمته القارئ الملا عيسى المنصور الشريف، رحمه الله، الذي كان علمًا من أعلامها حينذاك، إضافة لأخيه الملا كاظم، فقد أحبت أذنه الذائقة صوتهما المميز في قراءة السيرة الحسينية، وكان لذلك الصوت وقعهُ الصامت الناطق في حياتهِ فيما بعد.
حسينية العباس
شهدت حسينية أبي الفضل العباس عليه السلام بدايات آل اسعيد في قراءة السيرة الحسينية وسيرة أهل البيت عليهم السلام، وقد شجعهُ على ذلك ما يمتاز به هذا المأتم من استمرارية القراءة فيه خلال شهري العزاء، فقد كانت المجالس تقام فيه من هلال ليلة الحادي من محرم وتنتهي برحيل هلال شهر صفر.
وقد شاءت ظروف التوفيق الإلهي وقتها أنّ أخاه الملا كاظم كان يعمل بشركة بدوام متغير، ويصادف أحيانًا أن يكون دوامه في الفترة المسائية، مما جعلهُ ينتهز الفرصة للقراءة مكان أخيه في الحسينية، واستمر الحال بهِ على ذلك، حتى أصبح متمكنًا من القراءة بمفرده دون رهبة، وخاصة بعد تفرّغ شقيقهُ للخطابة وممارستها.
الشيخ السلمان
كان أكثر ما يشجع آل اسعيد، ويأخذ بهِ في هذا الطريق المبارك هو الدعم الرفيق الذي تلقاه من أخيه طوال فترة تدرّبه فقد كان له الأخ النصوح والمعلم اللحوح، كما كان للقائمين على هذا المأتم وعلى رأسهم سماحة الشيخ منصور السلمان الصدى الحاني بتشجيعهِ والأخذ بيدهِ بكل رحابة صدر.
منح أهالي الجش الكرام ابن بلدتهم الفرصة تاليًا بعد أن ذاع صيتهُ في هذا الجانب، فطلبوه لقراءة السيرة في عشرة محرم الحرام في مجالسهم، فاندفع ملبيًا بحب هذه المجالس، وما زال مستمرًا في قراءتهِ ليومنا هذا.
مآتم البحرين
وعن سؤالهِ حول استماعهِ لقراءة المقتل واستفادتهِ من قارئي الدول العربية الأخرى، تحدث آل اسعيد لـ«القطيف اليوم» قائلاً: “نعم كنت أحيانًا أستمع للقراء في مآتم البحرين عبر مقاطع اليوتيوب، فمن الجيد للقارئ الحسيني أن يوسّع أفقهُ في مجاله، وقد وجدتُ أنّ قراءة المقتل لها أطوارها المختلفة من منطقة لأخرى، إلا أنها متقاربة نوعًا ما”.
ويتابع: “يتوجب دائمًا على قارئ النسخة أو السيرة أن يمارس القراءة بمفرده في المنزل قبل أن يبدأ القراءة في المجالس، فالتدريب المنزلي يساعدهُ ويطوّر مهاراته في الأداء والتنغيم والتلوين الصوتي، ويعطيه الدافعية، ويساعدهُ على تفادي الأخطاء في القراءة”.
ويضيف: “وعليه كذلك أن يستفيد من القرّاء السابقين في تصحيح بعض الكلمات التي قد تستصعب عليه، ومن المهم وبقوة أن يكون ذا سعة صدر ورحابة نفسٍ في تلقي الملاحظات من الآخرين، خصوصًا من الآباء والمشايخ الكرام”.
المنتخب
يعتمدُ آل اسعيد في قراءة السيرة وفضائل أهل البيت عليهم السلام على الكتب المُعتمدة التي اتفق عليها قراء السيرة؛ وهي كتاب (المنتخب) الذي ألفهُ الإمام الكبير والمصنف الشهير فخر الدين الطريحي النجفي، ويأتي الاعتماد عليه كتراثٍ قديم ومتوارث من الآباء، ويحوي الكثير من فضائل أهل البيت عليهم السلام، وخصوصًا سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام.
وظهر كتاب آخر في الآونة الأخيرة يرجع إليه القراء كما يذكر آل اسعيد وهو المجالس العاشورية في المآتم الحسينية الذي أعدهُ الشيخ عبدالله درويش التاروتي.
أما ليلة عاشوراء، فإنهُ يقتصر على قراءة مقتل الإمام الحسين عليه السلام الذي اشتهر به الشيخ عبدالزهرا الكعبي ليس في منطقتنا فحسب بل في جميع بقاع العالم.
مقاطعٌ محدودة
لم يسعف الوقت آل اسعيد في تقديم دورات تدريبية في قراءة السيرة والمقتل، إلا أنّه في بعض الأحيان يقدم إليه بعض الشباب لسؤالهِ عن بعض الملاحظات فيجيبهم بما يعرف وبما تعلمه ومارسهُ وبما يلاحظهُ أيضًا خلال قراءاته.
ورغم قراءاته المستمرة التي بدأت من عام 1418هـ إلا أنّه للأسف لا يملكُ تسجيلات خاصة، إلا القلة القليلة جدًا لبعض المقاطع الصغيرة التي تم تسجيلها بالهاتف النقال، أو مقاطع الفيديو القصيرة من بعض المستمعين، والتي تُعدّ سجلاً موروثًا وخالدًا لقراءة السيرة للمنطقة، فقراءة السيرة والمقتل لها بركاتها وآثارها في رأيهِ طالما كان الإنسان مخلصًا وعاشقًا لسيد الشهداء عليه السلام.
رد مع اقتباس
