كيف جنّب بروتوكول حماية طبقة الأوزون الأرضَ من سيناريو كارثي للاحترار العالمي؟
تتجاوز نجاحات بروتوكول مونتريال الحفاظ على طبقة الأوزون لتشمل حماية قدرة النباتات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي الحد من الاحترار العالمي.
بروتوكول مونتريال جنب الأرض سيناريو أسوأ للاحترار العالمي (ماكسبيكسل)
توصلت دراسة علمية جديدة إلى أن الأرض تجنبت السيناريو الأكثر كارثية في الاحترار العالمي، بفضل إمضاء بروتوكول مونتريال لحماية طبقة الأوزون في ثمانينات القرن الماضي.
وكشف الباحثون أن قدرة الكوكب على امتصاص الكربون من الغلاف الجوي كانت ستتدهور أكثر مما هي عليه الآن فيما لو تواصل استخدام المواد الكيميائية المدمرة للأوزون مثل مركبات الكربون الكلورية فلورية "سي إف سي" (CFC).
ونشرت نتائج دراسة جديدة، قام بها فريق دولي من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية ونيوزيلندا، مؤخرا في دورية "نيتشر" (Nature) العلمية.
أدى تطبيق بروتوكول مونتريال إلى تعافي طبقة الأوزون (ناسا)
ما هو بروتوكول مونتريال؟
في سبتمبر/أيلول 1987، وقعت حوالي 200 دولة على بروتوكول مونتريال الشهير. تعهدت الحكومات بموجبه بخفض إنتاج المواد التي تستنفد طبقة الأوزون، مثل مركبات الكربون الكلورفلورية.
وكانت هذه المركبات الكيميائية طويلة العمر قد استخدمت على نطاق واسع في إنتاج المبردات والهباء الجوي والمذيبات الكيميائية وعزل المباني.
وعند إطلاقها في الجو ترتفع هذه المواد إلى طبقة الستراتوسفير، حيث يتم تفكيكها بواسطة الأشعة فوق البنفسجية للشمس، مطلقة ذرات الكلور.
وهذه الذرات تدمر جزيئات الأوزون التي تحمي الحياة على كوكبنا عن طريق امتصاص الأشعة فوق البنفسجية الضارة. فعلى سبيل المثال، يمكن للأشعة فوق البنفسجية أن تسبب سرطان الجلد وإعتام عدسة العين كما أنها تضر بالنباتات.
وللحد من مركبات الكربون الكلورفلورية، تم إنشاء بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون (اختصار بروتوكول مونتريال). وتوقفت الدول بموجبه عن إنتاج المزيد من المواد التي تضر بطبقة الأوزون، مما أدى إلى تعافيها تدريجيا.
مركبات الكربون الكلورفلورية "سي إف سي" أحد غازات الدفيئة المدمرة للأوزون (بيكسابي)
البروتوكول حد من الاحترار العالمي
تظهر نماذج المحاكاة التي قام بها الباحثون في الدراسة الجديدة، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك أليرت" (EurekAlert) العلمي، أنه لو تركت المواد الكيميائية المدمرة للأوزون، مثل مركبات الكربون الكلورفلورية، دون إجراءات للحد منها، فإن استخدامها المستمر والمتزايد كان سيساهم في ارتفاع متوسط درجات حرارة الهواء العالمية بمقدار 2.5 درجة مئوية إضافية مع نهاية هذا القرن.
وكشفت النتائج كذلك أن حظر مركبات الكربون الكلورفلورية قد حمى المناخ بطريقتين: الأولى من خلال الحد من تأثير الاحتباس الحراري، والثانية عبر حماية الأوزون، مما جنب النباتات من التعرض لزيادات ضارة في الأشعة فوق البنفسجية، وأدى بشكل حاسم لحماية قدرة النبات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وبالتالي منع زيادة تسارع تغير المناخ.
تجنب الأسوأ
تظهر نتائج المحاكاة كذلك أن استمرار النمو في مركبات الكربون الكلورفلورية كان من الممكن أن يؤدي إلى انهيار عالمي في طبقة الأوزون بحلول أربعينيات القرن الحالي، وأن تصبح قوة الأشعة فوق البنفسجية في خطوط العرض الوسطى أقوى من المناطق المدارية الحالية بحلول عام 2050.
الاتفاق جنب الأرض احترارا إضافيا بـ 2.5 درجة مئوية نهاية القرن (ماكسبيكسل)
ومع نهاية القرن، وبدون اتفاق مونتريال، كانت كمية الكربون المخزن في الغابات والنباتات والتربة ستنخفض بمقدار 580 مليار طن.
وكانت هذه الكمية الهائلة ستنتشر في الغلاف الجوي وترفع تركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو البالغة حاليا 420 جزءا في المليون جزء، بين 40 و50%، وتساهم في ارتفاع متوسط درجة الحرارة بحوالي 0.8 درجة مئوية إضافية.
إضافة إلى ذلك، تعتبر المواد المستنفدة للأوزون، مثل مركبات الكربون الكلورفلورية، بدورها غازات دفيئة قوية. وقد أظهرت الدراسة أن حظرها منع مساهمتها في ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال تأثير الاحتباس الحراري بمقدار 1.7 درجة. مما يعني أن تطبيق بروتوكول مونتريال سيجنب الأرض احترارا إضافيا بحوالي 2.5 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن.
ويقول الباحثون إن الدراسة الجديدة تمكننا من إدراك نجاحات بروتوكول مونتريال بشكل محسوس. وتتجاوز هذه النجاحات الحفاظ على طبقة الأوزون وحماية البشرية من زيادة الأشعة فوق البنفسجية لتشمل كذلك حماية قدرة النباتات والأشجار على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، والحد بالتالي من الاحترار العالمي. كما تذكرنا الدراسة بأهمية الاستمرار في حماية طبقة الأوزون من الاستخدام غير المنظم لمركبات الكربون الكلورفلورية.