جينات أحد الوالدين يمكن أن تؤثر في النجاح التعليمي للطفل، سواء ورثها أم لم يرثها – ترجمة عدنان أحمد الحاجي
A parent’s genes can influence a child’s educational success, inherited or not
(جامعة كلية لندن – University College London)
النجاح التعليمي للطفل يعتمد على الجينات التي لم يرثها من والديه، كما يعتمد على الجينات التي قد ورثها، وفقًا لدراسة جديدة قادها باحثو جامعة لندن كوليدج.
بتمويل من مؤسسة نوفيلد (Nuffield Foundation)، أكدت دراسة أن الجينات التي ورثها الشخص مباشرة تساهم على الأرجح في إنجازاته التعليمية. لكن جينات أحد الوالدين التي لم تُورَث بشكل مباشر، ولكنها لاتزال بعد تقرر مستويات تعليم أحد الوالدين نفسه وتؤثر لاحقًا في نمط الحياة والتنشئة الأسرية التي يقدمونها لأطفالهم، فهي أمر هام أيضًا ويمكن أن يؤثر في أداء الشخص في المدرسة وخارجها.
الدراسة، وهي مراجعة منهجية وتحليل تلوي للأدلة السابقة للتأثيرات الجينية في المخرجات التعليمية (1)، تم نشرها في المجلة الأمريكية للوراثيات البشرية (Human Genetics)(انظر 2)، الأطفال يشبهون والديهم وذلك بسبب العوامل الطبيعية / الخلقية (الجينات التي ورثوها من والديهم)، وكذلك العوامل التنشئة (التربية التي ينمون عليها). لكن التأثيرات الخلقية والكسبية (التنشئة) هي تأثيرات متداخلة ومتشابكة معًا [لا يمكن فصلها عن بعض].
الأب والأم كل منهما يورِّث (ينقل) نصف جيناته لأطفالهم، وعلى الرغم من أن النصف الآخر من جيناتهما لا تنتقل الى أطفالهما، إلا أنها لا تزال لها فاعليّة في سمات الوالدين وفي النهاية تؤثر في سمات أطفالهم. على سبيل المثال، الوالدان اللذان لديهما استعداد وراثي عالٍ للتعلم قد يكون لديهما اهتمام كبير بأنشطة كالقراءة التي بدورها تنشيء ذريتهم على التعلم.
هذا المفهوم – عندما تؤثر جينات الوالدين في مخرجات نسلهما [أولاد وبنات] وذلك بتشكيلها بيئة التنشئة التي يوفرونها لهم – وهذا المفهوم يُسمى المفهوم ‘التأثير الجيني في التنشئة’ (genetic nurture) (معلومات أوفى في 3، 4، 5). هذا المفهوم يصف كيف تؤثر جينات الوالدين بشكل غير مباشر في خصائص أطفالهم.
بالنسبة لهذه الورقة العلمية الحالية (2)، قام الباحثون بمراجعة وتحليل 12 دراسة في العديد من الدول واستخدموا طريقة تسمى ‘درجة (تقييم) متعددة الجينات’ (polygenic scoring) (انظر 6) لدراسة تأثير ملايين المتحورات الجينية في التحصيل الدراسي في ما يقرب من 40 ألف مجموعة متكونة من والدين واطفالهم.
وجد الباحثون أن التأثير الجيني في التنشئة له تأثير في نجاح التعليم (7) يعادل نصف تأثير الوراثة الجينية (الخلقية).
‘التأثيرات الجينية في التنشئة’ (genetic nurture) الذي تعكسه ‘درجات متعددة الجينات’ في الدراسات فسرت ما لا يقل عن 1.28٪ من التباين في النتائج التعليمية، بينما فسرت التأثيرات الجينية المباشرة ما لا يقل عن 2.89٪ من التباين في المخرجات التعليمية (1). يقول الباحثون إن النتائج لم تُعطى ما تستحق من التقدير وذلك لأن ‘درجات متعددة الجينات’ (6) لا تأخذ في الاعتبار سوى جزء بسيط من قابلية التوريث في المخرجات التعليمية (1)؛ التأثيرات الجينية الفعلية قد تكون أعلى من ذلك بعدة مرات، لكن التأثيرات الجينية المباشرة [التي تنتقل من الوالدين الى أطفالهم] من المحتمل أنها لا تزال تمثل ما يعادل ضعف ‘التأثير الجيني في التنشئة’ (genetic nurture).
قال الباحث الرئيس الدكتور جان بابتيست بينجولت (Jean-Baptiste Pingault) من قسم علوم النفس واللغة في جامعة كوليدج لندن: “لقد اكتشفنا أن ‘التأثير الجيني في التنشئة’ (genetic nurture) له تأثير كبير في التحصيل التعليمي للطفل. وتعزى هذه التأثيرات بشكل أساس إلى تعليم الوالدين وكيف يؤثر في التنشئة التي يوفرانها لطفلهما. وجدنا أيضًا أن لدى كل من الآباء والأمهات تأثيرات مشابهة في ‘التأثير الجيني في التنشئة’ (genetic nurture)، مما يفيد بأن كلا الوالدين لهما نفس القدر من الأهمية في تشكيل وتعزيز بيئة (تنشئة) مواتية لتعلم الطفل.
توضح هذه الدراسة مدى تعقيد العلاقة بين الجينات والتنشئة [بين الخلقي والكسبي]. على الرغم من أن دراستنا استخدمت أساليب جينية [المترجم: مجموعة من هذه الطرق موجودة في 8] ، إلا أنها قدمت دليلًا قويًا على أن عوامل التنشئة، بالإضافة إلى العوامل الوراثية، هامة بالفعل عندما نتحدث عن التعليم.
هناك جانبان متكاملان هنا. أولاً، بعضها يعتمد على اليانصيب الجيني (genetic lottery) (راحع 9 لواحد من الشروحات الواردة في معنى المصطلح)، لذلك، لا يمتلك الوالدان سيطرة كاملة وليس كل شيء يُعزى إلى كل ما يفعلانه. ومع ذلك، يبدو أن ما يفعله الوالدان وخياراتهما أمور هامة. تثبت النتائج التي توصلنا إليها أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي وتعليم الوالدين ربما تكون أساسية في هذا الشأن.
“من الأمور الهامة بالفعل هي فهم كيف يُنقل (يُورث) التحصيل العلمي (سنوات التعليم ، أعلى درجة حُصل عليها) والإنجازات (التقييمات والدرجات التي حصل عليها) من خلال العائلات، وكيف يمكن أن تساعدنا هذه المعرفة في كسر دورات الحرمان عبر الأجيال”.
قال المؤلف الأول للورقة، الدكتور بياو وانغ (Biyao Wang) (من قسم علوم النفس واللغة في جامعة كوليدج لندن): “من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان أكثر الأمور أهمية هو ما يحدث داخل الأسرة (كقراءة الوالدين لأطفالهم) أو خارج الأسرة (كاختيار الوالدين أفضل مدرسة وأفضل أنشطة لأطفالهم). بعد ذلك، نأمل في تحديد المسارات التي يعمل من خلالها ‘التأثير الجيني على التنشئة’، إذا تغيرت خلال مراحل مختلفة من نمو وتطور الأطفال، وتحديد جوانب التنشئة الأكثر أهمية. سيكون هذا أساسًا لتصميم تدخلات جديدة لتشجيع ودعم جميع الأطفال لتحقيق النجاح”.
أجرى الدراسة باحثون في حامعة كوليدج لندن و وكينغز كوليدج لندن وجامعات ليستر وبريستول وأوسلو، وبدعم من مؤسسة نوفيلد Nuffield وغيرهما من مؤسسات.