السهل الممتنع في شعر الأبوذية




يستسهل الكثير من الشعراء النظم باللغة الدارجة، بوصفها لغة المحادثة والتعامل اليومي في كل مرافق الحياة، وقليل منهم ينظم بالعربي القريض مع انه عمود الشعر العربي، والنادر من هذا القليل من ينظم باللغتين القريض والدارج، فيحلق بهذين الجناحين عاليا في سماء الأدب العربي.
ولا يختلف الشعر الدارج عن القريض كثيرا من حيث الأوزان والبحور والقافية، وإنما جاءت مرونة النظم فيه من الاستعمالات اليومية لمفرداته، على خلاف المفردات العربية الفصيحة التي يحتاج البعض في معرفتها الرجوع الى معاجم اللغة وأهل الاختصاص ولذلك قل شعراء القريض وكثر شعراء الدارج، ساعدت بعض المؤسسات الحكومية والأدبية على انتشار الشعر الشعبي في حين يفترض في مثل هذه المؤسسات تشجيع الناشئة العودة الى جذور اللغة العربية وإشاعة الأدب العربي الرصين الذي يحفظ للأمة تراثها اللغوي والأدبي، ويجعل من اللغة العربية في مصاف اللغات العالمية الحية القابلة للانتشار والتعامل اليومي بها.

وبالطبع لا يعني الحديث عن السهولة في الشعر الشعبي، ان كلماته ومفرداته قابلة للفهم السريع، بل ان عدد غير قليل من المفردات العربية يسهل إرجاعها الى جذرها ومعرفة المعنى المراد في النص الفصيح نثرا أو نظما، في حين انه يصعب إرجاع مفردات شعبية الى جذر عربي وحتى لو تم إرجاعه قد يصعب معرفة المعنى الظاهر والمراد في النص الشعبي نثرا أو نظما، ولعل شعر الأبوذية من أنواع الشعر الشعبي الذي ينطبق عليه وصف "السهل الممتنع"، إذ ينبغي أن تتوفر في ناظم شعر الأبوذية القدرة على تطويع الكلمات بما يحقق الجناس في الأشطر الثلاثة من اشطر الأبوذية الأربعة، بحيث تتحد الكلمات الثلاث من حيث الرسم وتختلف من حيث المعنى، ولذلك يقع البعض في الخطأ، فمنهم من يختل عنده الجناس فيتحد الشكل والمعنى في لفظين وينفرد الثالث بمعنى مستقل، ومنهم من يتحد عنده الجناس لفظا ومعنى، وربما اعتبره البعض جانبا من التجديد في شعر الأبوذية، ولكنه سيخرج حينئذ عن اصل التعريف وان كانت التفعيلات واحدة، لان عنوان الأبوذية قائم على عمود الجناس، ومثال ذلك قول الشاعرة المعاصرة ثريا بنت عطية الجمري:
أَوفيتِ آوْ طِحِتْ هَآلْيومْ وَعْدَكْ
وَآدّيتِ وزِدِتْ وَآنْجَزِتْ وَعْدَكْ
نايِمْ بِآلشَّريعَه آو وَيْن وَعْدَكْ
مَعَ سِكْنَه يَبو نَفْسِ الأبِيَّه
فالشاعرة تتحدث عن لسان السيدة زينب بن علي (عليها السلام) تستنهض أخاها العباس في نصرة أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) وتشير الى الوعد الذي قطعه على نفسه بنصرة أخيه وسقاية النساء والأطفال، وقد أدى الوعد سلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
كما ان القول بان شعر الأبوذية من السهل الممتنع، لا ينحصر في الناظم فقط، بل في الأذن التي تتلقى الجناس، فهي بحاجة الى معرفة باللهجات الدارجة وبخاصة لهجة سكان الفرات الأوسط في العراق وجنوب إيران في خوزستان وعدد من مناطق الخليج، حيث يكثر فيها نظم الأبوذية، ولذلك يصعب على المتلقي الوقوف على كامل المعنى من شعر الأبوذية إذا لم يستطع التمييز بين معاني الجناس، وإذا لم يكن يمتلك مخزونا من المفردات الدارجة، أو لم يحتك بالبيئة الشعبية، لان الجناس في شعر الأبوذية أشبه بلعبة الكلمات المتقاطعة.

واقعة الطف مثالاً
ويكثر النظم على منوال الأبوذية كما هو الظاهر في احد معاني الأبوذية (صاحب الأذى والألم والوجع) في التعبير عن زفرات النفس وآهاتها، ولما كانت الملحمة الحسينية في عاشوراء كربلاء في العام 61 هجرية فيها من الآهات والآلام ما فاق صبر رائدها صبر أيوب، فان النظم في وقائع معركة الطف وتفجعاتها كثير، والناظمين كثٍّر، وهذا ما تابعه المحقق الدكتور محمد صادق الكرباسي في الجزء الأول والثاني من سلسلة ديوان الأبوذية في إطار موسوعة دائرة المعارف الحسينية التي تفوق أعدادها الستمائة مجلد، وفي الجزء الثالث من "ديوان الأبوذية" الصادر عن المركز الحسيني للدراسات بلندن في 444 صفحة من القطع الوزيري، يلاحق الكرباسي مقطوعات الأبوذية التي نظمها أصحابها في النهضة الحسينية، ابتداءاً من قافية الزاي حتى الكاف الفارسية، وقد جاءت أكثر خطوطها في رسم معالم صورة معركة استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وصحبه ظهيرة العاشر من المحرم، ويقدم تصوراته في كل مقطوعة من حيث شرح ألفاظ الجناس وتقييم المقطع أو تقويمه ونقده من حيث القوة والضعف، وإظهار النص الأدبي من نظم أو نثر تبارى فيه شاعر الأبوذية أو اعتمده في نظمه أو تأثر فيه أو نظم على شاكلته، وهو ما يشبه بعملية قراءة أفكار الشاعر واستكناه ضميره الأدبي، ولذلك يقدم الكتاب معلومات غير قليلة تعين القارئ على تفهم الأبوذية وسهولة معرفة جذور الكلمات.

مساجلة شعرية
وما يلاحظ على شعر الأبوذية اشتهار المساجلات بين الشعراء والناظمين، بل ان المساجلة بحد ذاتها فن لا يقدر عليه كل شاعر، لأنها تعتمد البداهة والسرعة والفطنة والخزين الشعري الذي يساعد الشعراء على النظم الآني أو استرجاع النظم السابق، والشاعر القدير هو الذي يصرف المساجلة الشعرية الى النقطة التي يريد توجيه الأنظار إليها باعتبارها قطب الرحى، كما فعل عميد الشعر الشعبي، الشاعر المعاصر جابر بن جليل الكاظمي عندما أجاب على أبوذية مهداة من صديقه الأديب الدكتور عباس بن علي الترجمان بأبوذية جعل فيها كربلاء محورها حيث ألهبت معركة الطف كل قلب وكبد حتى صارت صفحة الخد أحر من الجمر تستمد حرارتها من صعيد كربلاء التي توسدها خد الإمام الحسين (عليه السلام) وصارت الرمال له دثاراً، يقول الشاعر الكاظمي:
أمِسْ بِآلطَّيفْ يا عَبّاسْ شِفْتَكْ
آوْ گِتْلَكْ جَرْحي ذاكِ آلطّابْ شِفْتَكْ
أخاَفْ لو بِسِتْني آتذوبْ شِفْتَكْ
آحْتِوَتْ وَجْناتي نارِ آلْغاضِرِيَّة
وهو يجيب على أبوذية الترجمان:
أريد اوصل اللندن بستكانه
واشرب وصل خمرك بستكانه
لو تحصل يجابر بستكانه
بوسه اترد شبابي اردود اليه
والجناس في "بستكانه" فالأولى من الاستقرار والثانية فارسية وتعنى إناء الشاي، والثالثة فارسية تعبير عن وحدة الحال، فالشاعر الترجمان يتمنى الوصول الى لندن حيث مقر إقامة الشاعر الجابري ويتناول الشاي معه حتى يستعيد ذكريات الشباب. أما الجناس فيقع في "شفتك" فالأولى بمعنى رأيتك، والثانية مركبة من "أشوف + أفتك" أي فتك وبطش، والثالثة أراد الشفّة.

شذرات من الأبوذية
ومع ان الغموض يلف جناس الأبوذية وهو في الوقت نفسه يعبر عن قوة في شاعرية الشاعر وإبداعه، فان الكثير من شعراء الأبوذية يحاولون رفع العجمة عن الجناس وتعريبه، خلال استحضار مفردات من نص أدبي نثري أو نظمي أو نص قرآني أو حديثي أو تراثي، بما يقرب المعنى للمتلقي، وهو في الوقت نفسه يكشف حجم ثقافة الشاعر وتمكنه من أدوات الأدب ومفاصله.
ولعل المباراة الشعرية واحدة من معالم استحضار مفردات النص، بحيث يحفز لدى المتلقي مستمعا أو قارئا استحضار كامل للمعاني التي يعبر عنها الشاعر في الأبوذية، بخاصة إذا كان المتلقي على دراية بالنص الأول، فتقوم الأبوذية باستنهاض ذاكرته للامساك بما تبقى من خيوط الذاكرة في النص الأول والتي أخفتها عقد الزمان.
وفي هذا الجزء من الديوان الكثير من الأبوذيات التي بارى فيها الشاعر شاعرا أو نصا، أو انه ألمح الى نصوص وأشار إليها وترك لفراسة المتلقي وجدانها والركون إليها، وقد عمد المحقق الكرباسي الى إرجاع مفردات كل أبوذية الى منابعها الأصلية واضعا نفسه كوسيط بين الشاعر والمتلقي لمعرفة الخلفية الأدبية والثقافية التي انطلق منها شاعر الأبوذية في نظمه، والنص الذي بارى فيه الشاعر في أبوذيته، ومن ذلك قول أمير شعراء الأبوذية حسين بن علي الكربلائي (ت 1328 هـ)، وهو يباري بيت الشاعر الشيخ محسن بن محمد أبو الحب الكبير (ت 1305 هـ):
إن كان دين محمد لم يستقم ** إلا بقتلي يا سيوف خذيني
فينشد:
أريد اَبْچي آوْ أهِلِّ آلدَّمِعْ يا سيفْ
آبْجُبِّ آهويتْ يِشْبَه لَعِدْ يا سيفْ
لَوَنْ بِيَّه آستِقامِ آلدِّينْ يا سيفْ
إخِذْني آوْ خَلْ يِتِمّ آلْشَّمِلْ بِيَّه
والجناس في "يا سيف" حيث الاولى محرفة يؤسف من التأسف، والثانية محرفة من النبي يوسف بن يعقوب، والثالث من ياء النداء وسلاح السيف.
ومن المفارقات الباعثة على الفخر وتحسب لصالح الشاعر أبو الحب الكبير، ان هذا البيت أخذ شهرة منقطعة النظير، بما يمثله من لسان حال صاحب النهضة الكربلائية، حتى صار ومنذ عقود ينسب الى الإمام الحسين (عليه السلام) مباشرة، مع ان الفاصلة الزمنية التي تبعدنا عن الشاعر ليست بطويلة، بل ان البعض يصاب بالصدمة عندما يكتشف أن البيت عمره قرن واحد، وقد أحسن صنعا حفيد الشاعر، الأكاديمي الدكتور جليل بن كريم أبو الحب عندما أخرج الديوان المخطوط الى النور في طبعة أولى صدر العام 2003م عن "بيت العلم للنابهين" في بيروت، وتربع هذا البيت قلب الغلاف.
ومن المباراة واستحضار نص تراثي شهير قول الشاعر المعاصر عباس بن كريم الحلي الشهير بـ "أبو يقظان الحلي" مباريا البيتين المنسوبين للإمام الحسين (عليه السلام):
تركت الخلق طرّاً في هواكا ** وأيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطّعتني في الحب إرباً ** لما مال الفؤاد إلى سواكا
فينشد:
تِخَضَّبِ بِالدِّمَه جِسْمَه وَراكَه
وِتْرَكْتِ آلْخَلَگْ كِلْهَا وَراكَه
أيَتْمِ آعْيالِي بَسْ تِرْضَه وَراكَه
إعْيالِي وِآلْنَفِسْ لَجْلَكْ ضَحِيّه
فالجناس في "وراكه"، فالأولى أصلها ورك من الركاكة بمعنى الضعف، والثانية محرفة وراءك بمعنى خلفك، والثالثة أصلها أراك أي انظر إليك.
وكما يحصل "التناص" في الأدب المنثور يحصل مثله في المنظوم، حيث تتشاكل الخواطر في حدث واحد من قبل كاتبين أو شاعرين فيأتي النص الثاني محاكياً للنص الأول كأنه يصدر عن كاتب واحد، وقد يتحدان زمانا ومكانا أو يفترقان، وفي الشعر تأتي بعض المفردات كقاسم مشترك، وفي الغالب فان المفردات دالة على معنى كبير يلجأ الشاعر لاستخدامها حتى تحرك في المتلقي مشاعره وأحاسيسه.
ومن ذلك قول الشاعر المعاصر السيد سعيد بن كاظم الصافي وهو يتناول فضيلة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام):
آبْذِكْرِ حْسَينْ اَظَلْ ألْهَجْ وَطافه
آوْ يِلْهَبْ جَمُرْ دَلاّلي وَطافه
هِنْيالَه آلْوِصَلْ گَبْرَه وَطافَه
طَوافِ آلْحَجْ تاسِعْ مِنْ ضَحِيَّه
والجناس في "وطافه" فالأولى وأصلها طفّ وهي من أسماء مدينة كربلاء، والثانية محرفة أطفأه، من أطفأ النار إذا أذهب لهبها، والثالثة من طاف أي دار حول المكان.
فالشطر الثاني تناص مع الشطر الأول لأبوذية الشاعر علي بن شمخي اليوسفي التي يقول فيها:
يلهب جمر دلالي ولطفه
على اللي انتظر عطفه ولطفه
ايحضن أمه وأناغيله ولطفه
اگول ايصير صار وخان بيه
والجناس في "ولطفه"، فالأولى من إطفاء لهيب النار، والثانية من اللطف، والثالثة من الملاطفة والتلاطف.
أما الشطر الرابع فقد تناص مع نظيره في أبوذية الشاعر حسين الكربلائي حيث يقول:
نحت لك ما نحت لمي ولبي
الخمسة رزهن لچبدي ولبي
أطوفن بين نهدينك ولبي
السعي واجب ابتاسع من ضحيه
والجناس في "ولبي"، فالأولى وتعني الأب، والثانية الفؤاد او العقل، والثالثة من التلبية.
كما ويكثر البعض من استعمال مفردات قرآنية أو حديثية لتأخذ الأبوذية موقعها المناسب في قلب المتلقي، ومن ذلك قول الشاعر عباس الترجمان:
أهَلْ بَيتِ آلرِّسالَه بابْ حِطَّه
آلْيِحِبْهُمْ ذَنْبَه آلْمَعْبودْ حَطَّه
وِآلْيِبْچي آلْمُصابِ آحْسينْ حَطَّه
بِآلْفِرْدوسْ يَمْ سَيْدِ آلْبَرِيَّه
والجناس في "حطه"، فالأولى من الحط وهو الوضع يقال حط عن ذنبه أي غفر له، وفي الآية 58 من سورة البقرة: (وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم)، وفي الحديث النبوي الشريف: "مثل أهل بيتي فيكم، مثل باب حطة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك"
وقد يستخدم بعض الشعراء مثلا شهيرا ليقوي لدى المتلقي وقع ابوذيته ويختصر المسافات الى مشاعره، بخاصة وان المثل حظه من التأثير حظ الخط المستقيم الذي هو اقصر الطرق لنيل المراد، ومن ذلك قول الشاعر جابر الكاظمي:
سَنَدْ ما سِنَدْ دَوْلَتْهُمْ وَلا مناصْ
وِجَبْ تَفْجيرْ هَآلثّورَه وَلا مناصْ
آلسِّكوتِ آعْلَه آلْعَدو آلْغاشِمْ وِلا مناصْ
مِثِلْ خَرْطِ آلْقِتادْ اَصْبَحْ عَلَيَّه
والجناس في "ولا مناص"، فالأولى مخففة ومركبة من "ولا + من + نص" النص من الكلام هو الصيغة الأصلية والذي لا يحتمل التأويل، والثانية المناص هو الملجأ والمفر، والثالثة من الناصي وهو الداني.
فالشاعر استخدم المثل العربي الشهير "دونه خرط القتاد" الدال على استحالة تحقق أمر ما حتى وان أعد له المرء عدته، والخرط التقشير، والقتاد هو شجر صلب له شوك كالإبر.

الصورة الشعرية
ويستظهر المحقق الكرباسي من خلال تناوله للأبوذيات الخاصة بالنهضة الحسينية، استلهام الشاعر لبيت أو أبيات من شعراء ماضين أو معاصرين من دون أن يشعر المتلقي بذلك، وهذا النوع من الاستلهام يختلف عن التضمين حيث يقوم الشاعر بتضمين صريح لبيت شعر أو شطر من بيت لشاعر آخر، إما ان يؤطره بمعكوفين أو ان يتركه لنباهة المتلقي، وفي الاستلهام لا يتمكن كل متلقي من اكتشاف ذلك، لان الشاعر في هذه الحالة يستلهم من شاعر آخر الصورة الشعرية وليست مفردات بعينها، وهذه الصورة يكتشفها المتلقي الحذق الذي يملك مصرفا من النصوص الشعرية، تتيح له فرصة الفرز السريع، لان الشاعر بقوته الشعرية يستحضر الصورة الأدبية أو انه يعيد خلق صورة جديدة من صورة سابقة، وهذا بحد ذاته نوع من الإبداع، لان الصورة الجديدة هي مخاض انفعال مع صورة سابقة والتفاعل معها لإنتاج صورة أدبية ومخيلة شعرية جديدة.
والمحقق الكرباسي الذي عمد الى ملاحظة الجزئيات في كل أبوذية له اكتشافاته في هذا المجال، ومن ذلك قول الشاعر مهدي بن حسن الخضري (ت 1347 هـ):
مَتَى آتْهَلْهِلْ الْغِيدِ السُمُرْ وَالْبيضْ
او تِتْخالَفِ آرْماحِ السُمُرِْ وَالْبيضْ
آوْ نِسْمَعْ مِنْ رِنْينِ الطوسْ وَالْبيضْ
نَفْخِ الصّورْ بآرضِ الغاضريَّه
والجناس في "البيض"، فالأولى من البيض واحدها البيضاء أو الأبيض، والثانية السيوف، والثالثة مخففة ومركبة "الذي + به + ضوء" قالها مجازا عن السيوف لما فيها من بريق، وفيها قال عنترة بن شداد العبسي (ت 22 ق. هـ) من الكامل:
فوددت تقبيل السيوف لأنها ** ومضت كبارق ثغرك المتبسم
كما ان الشاعر استحضر في الشطر الرابع صورة النفخ في الأموات أو "نفخ الصور"، قال تعالى في الآية 73 من سورة الأنعام: (يوم ينفخ في الصور).

شعراء الأبوذية
أما الشعراء الذين تضمنهم ديوان الأبوذية في جزئه الثالث واستأثروا بنحو 260 قطعة أبوذية فهم حسب الأبجدية العربية: باقر بن حبيب الخفاجي (ت 1381 هـ)، باقر الحلي (ق 14 هـ)، ثريا بنت عطية الجمري (ق 15 هـ)، جابر بن جليل الكاظمي (ق 15 هـ)، جابر بن هادي أبو الريحة (ت 1403 هـ)، حسن بن حسين الموسوي (ق 15 هـ)، حسن بن محمد الكاظمي (ق 15 هـ)، حسين بن علي الكربلائي (ت 1328 هـ)، سعيد بن كاظم الصافي (ق 15 هـ)، صالح بن حسين الحلي (ت 1359 هـ)، عباس بن علي الترجمان (ق 15 هـ)، عباس بن علي الحزباوي (ق 15 هـ)، عباس (أبو يقظان) بن كريم الحلي (ق 15 هـ) عباس بن ناصر البحراني (ق 15 هـ)، عباس الحميدي (ق 15 هـ)، عبد الأمير بن علي الفتلاوي (ت 1380 هـ)، عبد الحسين بن حسن أبو شبع (ت 1399 هـ)، عبد الرحيم بن خزعل المقدم (ق 15 هـ)، عبد الرضا الحجار (ق 14 هـ)، عبد السادة بن حبيب الديراوي (ق 15 هـ)، عبد الصاحب بن ناصر الريحاني (ق 15 هـ)، عبد العال الرميثي (ت 1414 هـ)، عبد العظيم بن حسين الربيعي (ت 1398 هـ)، عبد المنعم الربيعي (ق 14 هـ)، عبود بن جابر البحراني (ق 15 هـ)، عطية بن علي الجمري (ت 1401 هـ)، علوان بن مجيد الخميسي (ق 15 هـ)، فاخر بن طاهر الموسوي (ق 15 هـ)، قاسم بن محي الدين (...)، كاظم بن حسون المنظور (ت 1394 هـ)، كاظم بن حسين العنبگي (ق 14 هـ)، كاظم بن حمزة السلامي (ت 1391 هـ)، لطيف بن صالح النزاري (ق 15 هـ)، محسن بن مجيد قره غولي (ق 14 هـ)، محمد بن حسين السراج (ت 1361 هـ)، محمد بن سعيد المنصوري، محمد (أبو مؤيد) بن قاسم الچراخ (ق 15 هـ)، محمد حسن بن عيسى دكسن (ت 1354 هـ)، محمد سعيد بن موسى المنصوري (ق 15 هـ)، محمد علي بن راضي المظفر (ق 15 هـ)، مهدي بن حسن الخضري (ت 1347 هـ)، مهدي بن راضي الأعرجي (ت 1359 هـ)، مهدي بن محمد السويج (ق 15 هـ)، ناصر بن عيسى الصخراوي (ق 15 هـ)، هاشم بن ناصر العقابي (ق 15 هـ)، وياسر بن نعمة الساري (ق 15 هـ).

تحقيق منقطع النظير
والى جانب هذه الكوكبة من الشعراء انتهى الكتاب بمجموعة فهارس في موضوعات شتى، وبخاصة فهرس الكلمات الدارجة وفهرس الجناسات، حيث يقف القارئ على جذر الكلمة المحلية، مع قراءة نقدية باللغة الروسية للأكاديمي الطاجيكي، الآشوري المعتقد، الدكتور طارونا أرسانيس أجور، الذي يقر ان اللهجة المستعملة في الشعر الشعبي: "غير مفهومة لكثير من متكلمي اللغة العربية"، وتأسيسا على ذلك: "عمد المؤلف الى شرح تلك الكلمات وتفسيرها" ووجد: "ان المؤلف محمد صادق محمد الكرباسي قام بتنظيم وترتيب أبيات الأبوذية بأحسن الوجوه، كما علق عليها وفسر كلماتها بشكل دقيق وبأسلوب فني رائع"، ومن رأي الدكتور طارونا ان ديوان الأبوذية يمثل: "جهد مشكور وعمل تحقيقي عظيم"، وعنده: "أن المؤلف باحث قدير ومحقق ماهر، قد أنجز عمله بشكل متقن لا نظير له، كما يظهر ذلك جليا من خلال مطالعتي لهذا المصنف