انتقـلــت الى رحـمـــة الله كـلـمـــة (عــيـب)
المرحومـة (عيب)، كانت قائدة ورائدة في زمن الابآء والأجداد،
حـكـمــت العـلاقــات بالـذوق، ووضـعت حجر الأساس لأصول
التــربــيـــة الســـليـمــة.
تـحــياتي لتلـك الكلمة التي عرفـناها من أفواه الأمهات والابآء.
تقـبلــنـاهـــا بحب وتعلمــنـا أنـها ما قيلت إلا لتعديل سلوكنا،
فاعتبرناها مدرسة مختزلة في أحرف.
تحيـاتي لأكاديمية (عيب) التي خرّجت زوجات صابرات، صنعن
مجتـمعــات الذوق والاحتـرام وتخرج منها رجال بمعنى الكلمة
كانــوا قــادة في الشـهامة والرجـولة!!
أبـجــديــات (عيب) جامعة بحد ذاتها، وحروفها المجانية بألف
دورة مدفوعة التكاليف.
بحــروفك يا كلمة عيب قدَّر الصغير الكبير، واحترم الجار جاره، وتداولــنا صـلة الأرحام بمحبة وشوق.
كان الأب يقف ويقـول عيب عمك، خالك، جارك، سَلِّم، سامح.
كان يقــال للبنت (عيب) لا ترفعي صوتك، عيب لا تلبسي كذا،
فتربت البنات على الحشمة والستر والأدب.
وتربى الشــباب على غض البصر، عيب لا تنظر للنسآء، لا ترفع
صوتك بوجه استاذك، لا تهزأ من المسن.
وتــربى الصـــغــار على عــيـب لا تنــقــلـــوا ســـر الجار والدار
(عيب) كانت منبراً وخطبةً يرددها الأهالي بثقافتهم البسيطة،
لم يكونوا خطبآء ولا دعاة أو مُفتين، وإنما هي كلمتهم لإحياء
فضيلة وذم رذيلة.
كلمة (عيب) ثُرنا عليها ذات يوم عندما قلنا عَلَّمُونا العيب قبل (الحــرام) وتمردنا عليها ظـناً منا أنـنــا سـنـعلم الجيل بطريقة
أفضــل، فأخذنا الحرام سيفا بدون عيب، فنشأ جيل جديد لم
نفلـح في غـرس كلمة "عيب" ولا شقيقتهـا الكبرى "حرام" في التــفـاهــم مع ســلوكياته أو مع التطوير والتزوير المستمر في
العصــر والمفاهـيم والقيم حتى ماتت كلمة عيب وانتهت من
قاموس التربية.
تحيــة من القلب للمرحومة كلمة (عيب) ولكل الأجداد والآباء
الذيــن استطاعوا أن يجدوا كلمة واحدة يبنوا بها أجيالاً تعرف
الأدب والتقــديــر والاحترام في الوقت الذي أخفقت محاولاتنا
بكل أبجديات التربية المتطوره.