فقدت الأمة العربية المؤرخ الإسلامي السوري الشيخ “أبو أسامة محمود بن شاكر شاكر” عن عمر ينهاز 86 عامًا، بعدما أثرى المكتبة الإسلامية بعشرات الكتب كان أبرزها موسوعة كتاب التاريخ الإسلامي بتسعة عشر مجلدًا، كما عُرف باهتمامه البالغ بأحوال الأقليات المسلمة حول العالم.

وعرف الشيخ محمود شاكر رحمه الله بتركته العلمية في مجال التاريخ الإسلامي، حيث نُشر له سلسلة العالم الإسلامي والتي تقع في 22 مجلدًا، بالإضافة إلى سير بعض الصحابة والصحابيات، وسلسلة الخلفاء في العهد الراشدي والعهد الأموي والعهد العباسي، كما قدم رحمه الله الكثير من الإصدارات العلمية القيمة التي تركز على جغرافية العالم الإسلامي وتاريخه.

كما أنَّ للشيخ أكثر من مائتي مصنَّف في التاريخ والفكر الإسلامي والجغرافيا، بالإضافة إلى مشاركته في وضع مناهج وخطط دراسية في عِلمي التاريخ والجغرافيا.

مولد الشيخ محمود شاكر
ولد الشيخ محمود شاكر في حرستا بالشام، شمال شرقي العاصمة السورية دمشق في شهر رمضان عام 1351هـ، وتربَّى وترعرع في بيتٍ اشتهر بالدين والعلم والكرم.

أنهى الشيخ رحمه الله دراسته الثانوية عام 1371هـ، وتلقى العلوم الشرعية على بعض أهل العلم في مساجد بلدته، والتحق بالجامعة السورية بدمشق قسم الجغرافيا، ثم تخرج منها عام 1957م، وحصل على شهادة الجغرافيا بأنواعها البشرية، والطبيعية، والإقليمية.

ثم التحق الشيخ محمود شاكر رحمه الله بالخدمة العسكرية حتى عاد بعدها إلى التدريس عام 1960م، حيث درَّسَ في مناطق عديدة في سوريا، ثم غادر إلى المملكة العربية السعودية في منتصف السبعينيات من القرن الماضي.

التحق بالخدمة العسكرية الإلزامية بكلية الضباط، وتخرج ضابطًا برتبة ملازم، ثم انتقل إلى الجبهة كضابط مدفعية على الحدود مع فلسطين في القطاع الشمالي وذلك عام 1381هـ، عاد بعدها إلى التدريس، حيث درَّسَ في مناطق عديدة في سوريا.

تميز الشيخ محمود شاكر بحدة الذهن وصفاء الذاكرة مما ساهم في تنوع محفوظاته العلمية، وقد أقلقته حال الأمة الإسلامية وما آلت إليه من ضعف وذل وهوان وتخلف وبُعد عن دين الله تعالى، وشغِفَ بدراسة علم التاريخ بفنونه، ونهضَ بالتاريخ الإسلامي وبرزَ فيه، وأصبحَ علمًا من أعلام مؤرخيه، وصنَّف فيه بطريقة مبتكرة، وامتازَ بصياغة تاريخه في ماضيه وحاضره صياغةً دقيقةً من المنطلق الإسلامي مع عرض الأحداث وتحليلها، وتصدَّى لردِّ شبهات وافتراءات المستشرقين وأتباعهم.

اهتمَّ الشيخ محمود شاكر بدراسة علم الأنساب، وبرعَ فيه كما اهتمَّ بدراسة حاضر العالم الإسلامي وبمعالجة حال وواقع المسلمين في أنحاء العالم، وبالأخص حال الأقليات الإسلامية، وشارك في كتابة الفكر الإسلامي الصحيح، وردَّ على الأطروحات والمبادئ الفكرية الهدَّامة.

وفاة الشيخ محمود شاكر
انتقل الشيخ محمود شاكر رحمه الله إلى المملكة العربية السعودية عام 1392هـ، وتعاقد مع إدارة الكليات والمعاهد العلمية التي غَدت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وعمل أستاذًا للجغرافيا والتاريخ الإسلامي في كلية العلوم الاجتماعية بالرياض والقصيم.

كما شارك الشيخ محمود شاكر في وضع مناهج وخطط دراسية في علمي التاريخ والجغرافيا وأشرف على العديد من الرسائل العلمية (الماجستير، الدكتوراه)، وأعدَّ برنامجًا إذاعيًا في إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية باسم (جغرافية العالم الإسلامي).

واتَّصفَ الشيخ محمود شاكر رحمه الله بالتمسك بالسنة النبوية وبذل العلم والكرم والحلم والورع والتواضع الجمِّ والبُعد عن الشهرة والأضواء.

له أكثر من مائتي مصنَّف في التاريخ والفكر الإسلامي والجغرافيا، حيث كتب الله لها القبول، وتهافت الكبار والصغار في مختلف الأقطار

هشام عبد المنعم