اكتشاف حفرية حوت بـ4 أقدام عاش في محافظة الفيوم المصرية قبل 43 مليون عام
خلال السنوات القليلة الماضية، ظهر اسم "سلام لاب" في الأوساط البحثية العالمية أكثر من مرة، بداية من اكتشاف الديناصور المصري "منصوراصورس" عام 2018.


تصور تخيلي للحوت ذي الأقدام الأربعة الذي عاش في محافظة الفيوم المصرية قبل 43 مليون عام
أعلن فريق دولي بقيادة علماء مصريين عن اكتشاف حفرية جديدة لحوت بـ4 أقدام عاش في محافظة الفيوم المصرية قبل 43 مليون عام، حيث كانت تلك المنطقة قاع محيط ضخم تفاعلت فيه أشكال الحياة المختلفة.
الحوت الفرعوني
يقول عبد الله جوهر، الباحث بمركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية والباحث الرئيس في هذه الدراسة في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني "فيوميسيتوس أنوبيس (Phiomicetus anubis) هو نوع رئيسي جديد من الحيتان، وقد حصل على لقب كامل جديد (جنس ونوع) لأن له صفات خاصة لا توجد في أي من أقرانه من العائلة نفسها، يجعله ذلك خطوة حاسمة في تاريخ الحيتان المصري والأفريقي".
جدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يقود فيها فريق عربي مصري توثيق جنس ونوع جديدين من الحيتان، و"فيّوميسيتوس" نسبة إلى مكان اكتشافه، محافظة الفيّوم المصرية، أما (أنوبيس) فترجع إلى إله الموت والتحنيط في الحضارة المصرية القديمة الذي امتلك رأس ابن آوى وجسد إنسان.
يعد منخفض الفيوم المصري كنزا بالنسبة لعلماء الأحافير بوجه عام، وأحافير الحيتان بشكل خاص، فهي تغطي فترة زمنية تبلغ حوالي 12 مليون سنة، بما يمكّن العلماء من متابعة التاريخ التطوري للعديد من السلالات، بداية من الحيتان شبه المائية التي تشبه التماسيح، وصولًا إلى الحيتان المائية العملاقة.



الأجزاء العظمية المكتشفة من حوت فيوميسيتوس باللون الأحمر (الجزيرة)
تشريح مختلف
والواقع أن للحوت من اسمه الفرعوني نصيبا، فهو بحسب الدراسة، التي نشرت يوم 25 أغسطس/آب الجاري بدورية "بروسيدنغز أوف رويال سوسايتي بي" (Proceedings (of the Royal Society B، كان أشرس كائن في منطقته، ويفترس كل من يقابله.
يقول جوهر في تصريحه للجزيرة نت "الحفرة الصدغية على جانبي جمجمة فيوميسيتوس كبيرة مقارنة بأقرانه من العائلة نفسها، يعني ذلك كم أكبر من العضلات في تلك المنطقة، مما ينتج قوة عض كبيرة تمكنه من التغذي على فرائس كبيرة نسبيا مثل سمك المنشار وعرائس البحر والحيتان الأخرى".
من جانب آخر، فإن منطقة اتصال الفكين ببعضهما أكبر من كل أقران الفيوميسيتوس في هذه العائلة، مما يضيف إلى الفرضية التي تقول أن الفيوميسيتوس كان متخصصا في نمط أو سلوك غذائي مختلف عن أقرانه، يضيف جوهر أن ذلك يثبت تنوعا كبيرا في هذه الفئة من الحيتان القديمة والتي سميّت "الحيتان الأولية" Protocetidae.
وبحسب الدراسة، فإن حجم حفريات الفقرات المكتشفة، وشكل وطول الضلوع يرجح أن طول هذا الحوت كان حوالي 3 أمتار، مع وزن جسم حوالي 600 كيلوغرام.



الفريق الذي قاد الدراسة مع الحفريات المكتشفة، من اليمين لليسار: هشام سلام، عبد الله جوهر، محمد سامح

ويتميز الفيوميسيتوس بخاصية أخرى تجعله استثنائيًا، فبحسب جوهر في تصريحه للجزيرة نت "هو الحوت الأكثر بدائية في أفريقيا من هذا النوع"، يضعه ذلك في مكانه المتوقع بالشجرة التطورية، قريبًا من عائلة الحيتان التي سبقته، والمسماة الحيتان الرمنغتونية Remingtonocetidae.
وبحسب الدراسة، فإن هذا الاستنتاج كان نتيجة لدراسات شجرة الأنساب الخاصة بهذا النوع، بالإضافة إلى البيانات الجغرافية المتاحة لخلق ما يسمى (الجغرافيا القديمة) الخاصة بالحيتان، والتي تتبع ظهورها بداية من منطقة الهند وباكستان، ثم سفرها إلى مصر وشمالي أفريقيا، ثم امتدادا للأميركتين.
دليل آخر مثير للاهتمام قدمه هذا الاكتشاف هو أن ضلوع فيوميسيتوس تظهر علامات متفرقة تشير إلى تعرضها للعض بشدة من قبل أسماك القرش، يقول جوهر في تصريحه للجزيرة نت "بناءً على شكل وموقع علامات العضة، نعتقد أنها صنعت بواسطة أسماك القرش الصغيرة التي من المحتمل أنها لم تكن كبيرة بما يكفي لاصطياد الفيوميسيتوس، وبدلاً من ذلك كان بإمكانها التغذي على جيفه".



ظهر اسم "سلام لاب" في الأوساط البحثية بداية من اكتشاف الديناصور "منصوراصورس" عام 2018 (الصحافة البريطانية)
الباحثون خلف تاريخ مصر القديم
اكتشفت حفريات فيوميسيتوس بواسطة بعثة استكشافية بقيادة عالم الحفريات محمد سامح مدير محميات المنطقة المركزية بجهاز شؤون البيئة المصرية، وهو مؤلف مشارك في الدراسة، ثم نقلت العينة بعد ذلك إلى مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية للبدء في دراستها.
وخلال السنوات القليلة الماضية، ظهر اسم "سلام لاب" في الأوساط البحثية العالمية أكثر من مرة، بداية من اكتشاف الديناصور المصري "منصوراصورس" عام 2018، والذي سبب اسمه المرتبط بجامعة المنصورة المصرية ضجة إعلامية، وهو نوع متوسط الحجم من التيتانوصورات، عاش في مصر في العصر الطباشيري، قبل حوالي مليون سنة مضت.
يضم المعمل فريقا من الباحثين الشباب بقيادة أستاذ الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة والجامعة الأميركية هشام سلام، وهو المصري الثالث الذي شارك في هذه الدراسة.