حَنانِيكَ، أَنتَ المُلهِمُ الشَّاعِرُ الآسي
نُدامايَ وَلَّوا، واختَفى كُلُّ جُلَّاسي
فَبِتُّ وَحيدًا، إِذ جَفَوني أَقارِبي
وأَهلي، فَهَلْ حَقًّا هُمُ النَّاسُ للنَّاسِ؟
وأُبدِلْتُ مِنْ بَعدِ الصَّفاءِ تَعاسَةً
ورُدِّيتُ بُردَ الكَربِ، والمَوئِلِ القاسي
قَطَعتُ بُحورًا للهُمومِ، عَريضَةً
ومَركبُ عَزمي، فَوقَ أَمواجِها راسي
وعايَنتُ أَهوالًا عِظامًا، ثَقيلةً
وكَلكلَ بُؤسٍ، كادَ يُخمِدُ أَنفاسي
تَحَمَّلتُ، حَتَّى أَكبَرَ النَّاسُ هِمَّتي
وكابَدتُ، حَتَّى قِيلَ: ما فِيهِ مِنْ باسِ
ولو عَلِموا، ما بِتُّ أَخفِيهِ جاهِدًا
مِنَ الهَمِّ قالوا: كَيفَ تحيا مَعَ الياسِ؟!
خَليليَّ! دَمعي في الكُروبِ وَسيلتي
بِها أَدفَعُ الهَمَّ الثَّقيلَ، وقِرطاسي
أَخُطُّ بِهِ شِعري الَّذي هُوَ صَاحِبي
يُؤانِسني، إِنْ بَدَّدَ الدَّهرُ إِيناسي
ويَمسَحُ دَمعي، إِنْ تَحَدَّرَ، طالما
كَتَبتُ، يكُونُ الدَّمعُ فِكري، وإِحساسي
أقولُ لِمَنْ يَدري عَظيمَ مَواجعي:
حَنانِيكَ، أَنتَ المُلهِمُ الشَّاعِرُ الآسي!
أكثم حرب