كيف تختلف الأم المصابة بالتوحد عن غيرها في تربية أطفالها؟
الأم المصابة بالتوحد قد تفتقر لبعض القدرات التي يتمتع بها الأشخاص النموذجيون (شترستوك)
بصفتها أمًا مصابة بالتوحد، لطالما شعرت لويز تايلور بوصمة العار لعدم امتثالها للتوقعات المجتمعية حيال دورها بوصفها أمًّا. لكنها أخيرا استطاعت التنصل من نظرة المجتمع المؤذية لتحتضن التنوع العصبي لديها ضمن أسلوب تربيتها لأطفالها، وهي الآن تسعى لمساعدة الآخرين لفعل المثل.
وفي مقالها الذي نشرته مجلة "سايكولوجي توداي" (Psychologytoday) الأميركية، تقول لويز تايلور إن الأب أو الأم المصاب بالتوحد قد يفتقر إلى بعض القدرات التي يتمتع بها الأشخاص النموذجيون، لكن يمكن تعويض ذلك بمهارات وقدرات أخرى تجعلهم أمهات وآباء قادرين على حسن تربية أطفالهم.
وأقرّت تايلور بأنها لطالما وجدت صعوبة في تكوين العلاقات مع من حولها. لكن الصلة التي تربطها بأطفالها مختلفة تمامًا لأنها تحبهم حبا غير مشروط وخال من التوقعات، وهم مثاليون في عينيها. وأشارت إلى أن أطفالها يعرفونها بأنها أمهم فحسب، ولا يعني التوحد الكثير بالنسبة لهم. وحتى إن أحسوا باختلافها عن الأمهات الأخريات، فإن ذلك لم يمنعهم من حبها وتقبلها كما هي.
لاحظت تايلور أن أكبر اختلاف بينها وبين بقية الآباء الآخرين يكمن في العقوبات والانضباط. فنادرا ما توبّخ أطفالها ويستحيل أن تضربهم. بدلا من ذلك، تعاملهم على قدم المساواة وتراهم أشخاصًا عاقلين ومستقلين، بحيث يتمثل دورها في دعمهم خلال رحلتهم لتكوين شخصياتهم الحقيقية والمميزة.
وذكرت الكاتبة "إصابتي بالتوحد تعني أنني مختلفة، مما يعني أن أسلوب تربيتي مختلف أيضًا. أنا ممتنة لأنني استطعت أن أشارك تربية أطفالي مع والدهم بطريقة إيجابية ومرنة، حيث يحترم أسلوبي التربوي. أذكر ولادة أطفالي والتحديات التي صاحبت الحمل والولادة والأشهر القليلة الأولى بعد ولادتهم، وأتذكر مدى خوفي من أن أفعل أي شيء قد يعرضهم للخطر".
وأشارت الكاتبة إلى أن دور الأم لا يقتصر على حماية الأطفال فحسب، بل يشمل أيضا رعايتهم وتنمية شخصياتهم. على مدى الأعوام الأربعة الماضية، قامت تايلور بتعليم أطفالها في المنزل باستخدام نهج يركز على الطفل. وكثيرا ما تلقت المساعدات من الزوار الصحيين والموظفين التربويين والأهالي الآخرين، الذين واصلوا تقديم ملاحظات حول أسلوبها في التربية وما تعرفه بشأن نماذج وممارسات التعليم التقدمي والفعال. ومع أن أسلوبها التربوي مختلف بعض الشيء، إلا أنه سيقاس بسعادة أطفالها ونجاحهم المستقبلي.
دور الأم لا يقتصر على حماية الأطفال فحسب، بل يشمل أيضا رعايتهم وتنمية شخصياتهم (شترستوك)
لا شك في أن الأبوة والأمومة بين المصابين باضطراب طيف التوحد تنطوي على العديد من التحديات، وبالنسبة لتايلور تتمثل أكبر التحديات في قدرتها على إدارة مخاوفها حيال تعرض أطفالها للأذى وسوء المعاملة من قبل الآخرين.
تقول تايلور إن دورها بوصفها أمّا يقتضي رعاية أطفالها وحمايتهم، وأن تكون الداعمة والحليفة الأولى لهم، مؤكدة أن قيامها بهذه الأدوار قد غيّر حياتها، فعلى الرغم من أنها تجد صعوبة في التوافق مع الصور النمطية للأم الطبيعية، فإن الأمومة والأبوة مرحلة يمكن المرور بها وتخطيها بنجاح بالنسبة للبالغين المصابين بالتوحد، طالما أحيطوا بالدعم المناسب والناس المناسبين لمساعدتهم.