بالرصد الفلكي متعدد الأطوال الموجية.. الكشف عن أصل النظائر المشعة في مجموعتنا الشمسية
يأمل الباحثون أن تساعد النتائج على تحقيق فهم أدق لتاريخ المجموعة الشمسية السحيق، وعلى فهم درجة تفرّدها مقارنة بالمحيط الكوني الواسع.
صورة بالأشعة تحت الحمراء لكوكبة الحواء باستخدام ماسح "فيجنز" (جواو ألفيس - المرصد الأوروبي الجنوبي)
تمكن فريق بحثي أميركي نمساوي مشترك من التوصل إلى حل لغز عمره 50 سنة في الأوساط الفلكية يتعلق بمصدر النظائر المشعة الموجودة في مجموعتنا الشمسية؛ هل هو من مستعر أعظم أم رياح نجمية صادرة من جرم قريب؟
وجاءت النتائج -التي نشرت في دورية "نيتشر أسترونومي" (Nature Astronomy) وأعلنت عنها "جامعة كاليفورنيا سانتا كروز" (University of California Santa Cruz) المشاركة بالدراسة- في بيان صحفي رسمي في 16 أغسطس/آب الجاري؛ لتقول إن الاحتمال الأكبر بنسبة 68% هو أن مصدر تلك النظائر هو مستعر أعظم بشكل أساسي، لكن مع مصادر أخرى متعددة.
والمستعرات العظمى هي انفجارات هائلة تحدث في المراحل النهائية من حياة النجوم العملاقة، بكتلة أكبر من 8 شموس كالتي نعرفها، وهي انفجارات من الضخامة بحيث يمكن أن نراها على مسافة عشرات الملايين من السنوات الضوئية.
صورة لمنطقة السحب الجزيئية في كوكبة الحواء (جواو ألفيس – وكالة الفضاء الأوروبية)
أسرار الحوّاء
لكن الأكثر إثارة للانتباه هو الآلية التي استخدمها هذا الفريق البحثي للتوصل إلى تلك النتائج، حيث قاموا بعمل دراسة مفصلة لمنطقة زاخرة بالسحب النجمية في كوكبة "الحواء" (Ophiuchus)، تقع إلى جوار مجموعة متجاورة من النجوم التي تُصدر العناصر المشعة.
وقد استخدم الفريق البحثي علم الفلك متعدد الأطوال الموجية لفحص العلاقة بين السحب النجمية والنجوم القريبة، وبشكل خاص بحثوا عن نظير مشع للألمونيوم يسمى "ألمونيوم-26" (Aluminium-26).
وفي علم الفلك متعدد الأطوال الموجية يجب أن يستخدم الباحثون نطاقات رصد متنوعة لالتقاط صور بنطاقات متنوعة للطيف الكهرومغناطيسي، مثل نطاق الضوء المرئي، والأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية ونطاقات الراديو وأشعة جاما، وغيرها، وكل من هذه النطاقات يعطي بيانات مختلفة عن نفس المنطقة في السماء.
يعطي علم الفلك متعدد الأطوال الموجية بيانات مختلفة عن نفس المنطقة في السماء (وكالة الفضاء الأوروبية)ولهذا السبب استخدم الباحثون -بشكل رئيسي- بيانات من ماسح "فيجنز" (VISIONS) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية "إيسا" (ESA) ويتواجد بصحراء أتاكاما في دولة تشيلي.
وقد شاركت في المهمة تلسكوبات أخرى مثل المرصد الأوروبي الجنوبي "فيستا" (VISTA)، ومرصد "هيرشل" (Herschel) الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، والقمر الصناعي "بلانك" (Planck) لنفس الوكالة، ومرصد "كومبتون" (Compton) التابع لوكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا" (NASA).
وباستخدام صور مختلفة من كل تلك المصادر، تمكن الباحثون من رصد الآلية التي مر بها "الألومنيوم-26" بين النجوم القريبة ومنطقة السحب الجزيئية في كوكبة الحوّاء، وباستخدام التحليلات الإحصائية المعقدة أمكن التنبؤ بالسيناريو الشبيه في مجموعتنا الشمسية، بناء على النجوم القريبة من الشمس ونسب توفر نفس النظير المشع.
ويأمل باحثو الدراسة أن تساعد تلك النتائج على تحقيق فهم أدق لتاريخ المجموعة الشمسية السحيق، الأمر الذي قد يساعد مستقبلا على فهم درجة تفرّدها مقارنة بالمحيط الكوني الواسع.