السيدة زينب عليها السلام والصبر
محمد يوسف ال مال الله19 / 8 / 2021م - 10:43 ص
قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾البقرة/ 155 - 157
الصّبر حالة من القُدرة على التحمّل في ظل ظروف صعبة، ويعني المثابرة في مواجهة الاستفزاز، ويعني الصمود المستمر على الأشياء المؤلمة نفسياً وتحمّلها بروح عالية ونفس طيّبة دون إظهار ملامح الاستياء والانفعال على الوجه، بحيث لا تكون مرئية أو محسوسة من قبل الآخرين وهو واجب عند المصائب.
لقد جسّدت السيدة زينب الصّبر بأروع صوره ولم تجزع أو تهن. لقد ضربت لنا أروع المُثل في الصّبر وهي ترى إخوتها وأبنائهم وجميع أصحاب الإمام الحسين مجزّرين على الرمضاء تصهر أجسادهم حرارة الشمس. ألا يكفي أنّها ترفع جسد أخيها الإمام الحسين من على الأرض وهي تخاطب ربّها: اللهم تقبّل منّا هذا القربان.
تقف صامدة كالطود الشامخ أمام الطاغية عبيدالله بن زياد لترّد عليه بكلام بليغ يعجز عنه جهابذة العلم والكلام… ”والله ما رأيتُ إلّا جميلا“. كلمة اهتزت لها جدران المجلس فضلًا عن مَنْ كان حاضرًا بين يديه، حتى غدا كالنعامة يُدخل رأسه بين أكمامه. لم يكن هذا الرد الوحيد، بل كان الرد الأعظم حين خاطبها يزيد بن معاوية: ”كيف رأيتِ صنع الله في أخيك؟“، معتقدًا أنّه بذلك القول يستطيع كسرها وإذلالها، فأجابته بقول بليغ لا يقل بلاغة عن أبيها.
إليك بعض الكلمات الجميلة في الصبر:
• الصّبر صبران صبر على ما تكره، وصبر على ما تحب.
• إنّ الصّبر بالله بقاء، والصّبر مع الله وفاء، والصّبر عن الله جفاء.
• إنّكم لا تنالون ما تُحبون إلّا بترك ما تشتهون، ولا تدركون ما تأملون؛ إلّا بالصبر على ما تكرهون.
• كن على يقين أنّ هنالك شيء ينتظرك بعد الصبر، ليبهرك ويُنسيك مرارة الألم.
نحن في حاجة ماسّة لهذه السمة، التي يصف الله أصحابها بالصابرين المهتدين، في ظل هذه الجائحة التي تفتك بالمؤمنين والعالم في كل يوم، علينا أن نتقي شّرها وأن نكون على قدر المسؤولية وأن نتحلّى بالصّبر في جميع شؤون حياتنا، في السرّاء والضّراء. علينا أن نستلهم الصّبر من بطلة كربلاء، تلك السيدة التي هزّت عروش الطغاة بصبرها وأسقطت مخططاتهم بعزمها وشدة بأسها.
ما أعوزنا لهذه السمة، الصبر، وهذه الإرادة وهذه العزيمة في ظل هجمة شعواء علينا، تنهش في جسد أمتنا وتستهدف ثقافتنا وديننا وتنفث السم في عقول أبنائنا وبناتنا