تاجُ الحسين والسُلَّاب الصَّعاليك!
المهندس هلال حسن الوحيد 19 / 8 / 2021م - 10:00 ص
عظماءُ الرِّجالِ لهم أحذية ضخمة وتيجانًا وملابس، لا يلبسها إلا واحدٌ من أمثالهم، والحسين عليه السَّلام من أكبر العظماء، فماذا ينفع السُّلاب الأقزام أن يسلبوا عمامته أو حذاءه أو سيفه، أو أي حليةٍ كان يلبسها؟ َ! كلها لا تصلح لهم، وهذا بالفعل ما حصل للصَّعاليك واللصوص بعد أن سلبوه متاعه! ﴿لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِى ٱلْأَلْبَٰبِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَىْءٍۢ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ﴾.
يروي التاريخ أن القتلة أقبلوا على سلبِ الحسينِ عليه السَّلام فأخذ قميصه إسحاق بن حوية الحضرمي فلبسه فصار أبرصًا، وامتعطَ شعره. وأخذ سراويله أبجر بن كعب التيمي وصار زمنًا مقعدًا من رجليه، وأخذ عمامته أخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي وقيل: جابر بن يزيد الأودي فاعتمَّ بها فصارَ معتوهًا، وفي غير رواية: فصارَ مجذومًا، وأخذ درعه مالك بن بشير الكندي فصارَ معتوهًا.
وأخذ نعليه الأسود بن خالد، وأخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي فقطعَ أصبعه عليه السَّلام مع الخاتم، وهذا أخذه المختار فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط في دمهِ حتى هلك. وأخذ قطيفةً له عليه السَّلام كانت من خزّ قيس بن الأشعث فكان يسمى قيس القطيفة، وأخذ درعه البتراء عمر بن سعد، فلما قتل عمر بن سعد وهبها المختارُ لأبي عمرة قاتله، وأخذ سيفه جميع بن الخلق الأزدي ويقال: رجلٌ من بني تميم، يقال له: الأسود بن حنظلة، وفي رواية أخرى: أنه أخذ سيفه القَلافس النهشلي وزاد محمد بن زكريَّا أنه وقع بعد ذلك إلى بنت حبيب بن بديل، وهذا السَّيف المنهوب ليس بذي الفقار، وإن ذلك كان مذخورًا ومصونًا مع أمثاله من ذخائر النبوة والإمامة.
وأحدقَ أعداءُ الحسين بخيمته، ومعهم شمر، فقال: ادخلوا فاسلِبوا بزّتهن، فدخلوها وأخذوا ما كان في الخيمة حتى أفضوا إلى قرطٍ كان في أذن أم كلثوم أخت الحسين عليه السَّلام فأخذوه وخرَموا اذنها، حتى كانت المرأة لتنازع ثوبها على ظهرها حتى تُغلب عليه. ثم مالوا على الورسِ والحليّ والحلل والإبل فانتهبوهَا!
بالإجمال، لم يهنأ الصعاليكُ والسرَّاق بما أخذوه من الحسين ومن رحله شيئًا، إلا الخزيَ والعارَ في الدّنيا وحرّ النَّارِ الدَّائم في الآخرة، فهل من متَّعظ؟ فحتى فرسه - الحيوان - عندما أرادوا أن يأخذوه، صارَ يذبّ عن سيِّده وقتلَ منهم جماعةً كما تروي كتبُ التأريخ!