عبد الله المعاتيق
قمر كربلاء
عَجَباً بِأنَّ الشّمسَ لَم تَتَوارَىٰ
وَالبَدرُ أَضْحَىٰ ساطِعاً يَتَبَسَّمُ
كُلُّ الأَعادِي أَدبَرَتْ مِن ذُعْرِها
إِذ أَبصَرَتْ قَمَرَ العَشِيرَةِ يَقْدِمُ
أَفَما عَلِمتُمْ أَنَّني العَبّاسُ أَمْ
مِن ذُعرِكُم قد هالَكُم أَنْ تَعلَموا
هُوَ مَنْ أَبُوهُ وَمَنْ أَخُوهُ وَمَنْ إِذا
عُدَّتْ مِنَ النِّسوانِ أُمٌّ تُكْرَمُ
قُلْ لِلْمَنِيَّةِ أَنَّني مِنْ ضَيْغَمٍ
أَفَهَلْ يَخافُ مِنَ المَنِيَّةِ ضَيْغَمُ
فَجَثَتْ إِلَيهِ سُيُوفُهُمْ تُلْقِي التَّحِيَّـ
ـيةَ خَشْيَةً وَلِجَأشِهِ تَستَسلِمُ
وَتَناثَرَتْ كُلُّ الصُّفُوفِ أَمامَهُ
أَقَسَمتُ أَن لَوْ جَابَهَتْهْ سَتُهْزَمُ
لَمْ يُضْنِهِ الجَيشُ العَتِيدُ لِمَا لَهُ
مِن عَزْمَةٍ فِي الحَرْبِ لا تَتَبَرَّمُ
فَأَبَادَ وهوَ الفَردُ أَلْفَ مُعَانِدٍ
وَبِهِ أُنُوفُ بَنِي الضَّلالَةِ تُرْغَمُ
عَجَباً لِمَن يَشْكُو الظَّمَا وَبِمِلْكِهِ
ساقِي العُطاشَىٰ وَالفُراتُ الأَعظَمُ
أَقْسَمْتُ بِاللّٰهِ القَديرِ وُحُكمِهِ
لَولا القَضَا يَمْحُو الوُجُودَ وَيَحْكُمُ
لَٰكِنَّما بُدِئَ القَضاءُ بِأَمرِ كُنْ
فَيَكُونُ ما يُبْدِي الإِلٰهُ وَيَخْتِمُ
فَهَوَىٰ بِجَنبِ النَّهرِ يَسْبَحُ فِي دَمٍ
مِنْ هامِهِ الغَرَّاءِ قَدْ سَالَ الدَّمُ
وَلَطالَما كَفَّاهُ جادَتْ بِالسِّقا
تِلكَ الكُفُوفُ تَقَطَّعَتْ وَالمِعْصَمُ
وَبِسَهْمِ غَدْرٍ لَم يُحِدْ عَن عَيْنِهِ
عَيْنُ الحَقِيقَةِ أَصبَحَتْ تَتَأَلَّمُ
لِلّٰهِ ماحالُ الحُسَينِ بِما رَأَىٰ
وَأَخُوهُ يَفْحَصُ فِي التُرابِ وَيَجثُمُ
نادَىٰ عَلَيْهِ بِصَوتِ مَن صُبَّتْ عَلَيـ
ـهِ نَوائِبٌ أَو ظَهْرُهُ مُتَقَصِّمُ
أَأُخَيَّ مَن لِي بَعدَ فَقدِكَ ناصِراً
قَد كُنتَ لِي نِعمَ المُعِينُ الأكرَمُ
مَن لِليَتامَىٰ بَعدَ عَينِكَ حارِساً
مَن لِلعَقِيلَةِ بَعدَ عِزٍّ تُظلَمُ
مَن لِلحَرائِرِ إِذ تَسِيرُ لِظالِمٍ
مِن بَعدِ سَبْيٍ فِي المَجالِسِ تُرْغَمُ
أَأُخَيَّ مَن يَرعَىٰ خَفارَةَ زَينَبٍ
مِن بَعدِنا فِي أَرضِ رِجْسٍ تُشْتَمُ
أَأُخَيَّ تَرضَىٰ زَينَبٌ تُسبَىٰ إِلَىٰ
شَرِّ الخَلِيقَةِ فِي الوَرَىٰ لايَرحَمُ
لَٰكِنَّما قُضِيَ القَضَاءُ بِحِكمَةٍ
والعَبدُ يَرضَىٰ بِالقَضا وَيُسَلِّمُ
أَأَبَا الإِباءِ وَمَن فَدَى ابْنَة فاطِمٍ
يَأبَىٰ الإِباءُ بِذِكرِ إِسمِكَ يُفطَمُ