الملا عبدالغني برادر يتقدم قادة الحركة- رويترز
في غياب مطبق لزعيم طالبان الحالي هبة الله أخوند زاده، بدا اسم الرجل الثاني في الحركة يطفو على السطح، متقدما خطوات لرئاسة أفغانستان.
ليس هذا الرجل سوى الملا عبدالغني برادر، الذي عاد لأفغانستان مساء أمس الثلاثاء، بعد 20 عاما، ظل فيها الرجل بين الاعتقال والمطاردة، والتفاوض في طريق السلام.
برادر الذي ترأس خلال السنوات الأخيرة المكتب السياسي لطالبان، يبدو الأوفر حظا لتولي رئاسة أفغانستان، أو "الإمارة الإسلامية"، كما تسميها أدبيات الحركة.
فرضية ترؤس برادر لأفغانستان، بعد سيطرة الحركة على مقاليد الحكم، رجحتها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، ودلّت عليها المؤشرات المتوفرة.
فقد قاد الملا برادر المفاوضات الطويلة مع واشنطن العام الماضي، حتى توصلت طالبان والولايات المتحدة لاتفاق يقضي بسحب واشنطن قواتها من أفغانستان.
وفتح هذا الجهد الطريق أمام برادر ليكون أول قائد في طالبان يتواصل مباشرة مع الرئيس الأمريكي حينها دونالد ترامب، وحين سيطرت الحركة على كابول، خاطب الأفغان رئيس المكتب السياسي، وليس الملا أخوند زاده.
وقال برادار في بيانه، إثر فرار الرئيس أشرف غني الأحد الماضي: "لقد حققنا نصرًا لم يكن متوقعًا. الآن يتعلق الأمر بكيفية خدمتنا لأبناء شعبنا وتأمينهم وضمان مستقبلهم بأفضل ما في وسعنا."
فمن هو برادر صهر الملا عمر؟
ولد في ولاية أورزغان، عام 1968، لكنه نشأ في قندهار، التي حلّ بمطارها الدولي أمس الثلاثاء، منهيا 20 عاما من المنفى، كأول قائد بارز يعود لأفغانستان، بعد الاستيلاء على الحكم.
على غرار العديد من الأفغان، تغيرت حياة الرجل إثر الغزو السوفيتي عام 1979 وأصبح مسلحا، وقاتل إلى جانب الملا عمر؛ الذي تربطه به علاقة مصاهرة، حيث إن برادر زوج أخت الزعيم الأول لحركة طالبان.
ظل برادر أحد قيادات الصف الأول للحركة، فهو من مؤسسي طالبان مع قائدها الملا عمر، الذي توفي في 2013، وظل دائما في واجهة الأحداث، قبل وأثناء قتال القوات الأمريكية في أفغانستان.
في عام 1989 وبعد مغادرة السوفيت وتمزق البلاد في الحرب الأهلية، أنشأ برادر في قندهار مدرسة دينية، كانت إحدى نوى حركة طالبان، وحين وصلت الحركة إلى السلطة، سنة 1996، أصبح نائباً لوزير الدفاع في حكم السنوات الخمس.
بعد التدخل الأمريكي وسقوط نظام طالبان، ذكرت تقارير أنه كان جزءا من مجموعة صغيرة من المسلحين المستعدين لاتفاق يعترفون فيه بإدارة كابول الجديدة، لكن هذه المبادرة باءت بالفشل.
بعدها فر الملا برادر من أفغانستان، بعد اشتداد الوطأة على قوات طالبان، ثم اعتقل في 2010 بمدينة كراتشي الباكستانية، وظل في السجن 8 سنوات، قبل أن يطلق سراحه، بضغط من واشنطن، كما تقول تقارير إعلامية.
رجل المرحلة "المرن"
وتقول التقارير الإعلامية إن برادر يلقى احتراماً لدى مختلف فصائل طالبان، لذلك تولى رئاسة مكتبها السياسي في الخارج، وفوض لتوقيع اتفاق مع الولايات المتحدة.
يعدّ الملا برادر أكثر قادة طالبان مرونة، إضافة إلى مهارته في المفاوضات، ما يؤهله حسب المتابعين ليكون رجل المرحلة، ويترأس دولة أفغانستان الجديدة.
فعلى عكس باقي قادة طالبان، كان برادر يظهر دائما اختلافه، فهو الوحيد -مثلا- الذي يبدي التعويل على الدعم الشعبي، فقد كان 2009 صاحب "مدونة السلوك"، الذي وزعه على مقاتلي الحركة عن كيفية كسب قلوب وعقول القرويين.
وبعد 20 سنة، عاد نفس الرجل ليخاطب المقاتلين في الحركة، في رسالة يقول فيها "إن التحدي بدأ لتوه حيث سيتعين على طالبان حكم البلاد"، ثم رجع إلى حيث نشأ في قندهار بعد ثلاثة أيام من السيطرة على الحكم.