العلماء يتوصلون أخيرا لأصل الجسم الضخم الذي ارتطم بالأرض وقضى على الديناصورات
حوالي 60% من المؤثرات الأرضية الكبيرة تأتي من النصف الخارجي لحزام الكويكبات، لذلك هناك احتمال أن تكون الكويكبات القادمة من نفس المنطقة
كويكب عملاق اصطدم بشبه جزيرة يوكاتان المكسيكية منذ حوالي 66 مليون سنة (غيتي إيميجز)
في دراسة علمية جديدة كشف باحثون من معهد "ساوث ويست للأبحاث" (Southwest Research Institute) "إس دبليو آر آي" (SwRI) في كولورادو بالولايات المتحدة عن أصل ومصدر الجسم الضخم الذي اصطدم بالأرض قبل نحو 66 مليون سنة وتسبب في انقراض الديناصورات وما يقارب من 75% من الحياة على الأرض.
وحسب التقرير، فقد توصل الفريق إلى هذا الاكتشاف بعد تحليل تكوين الصخور الفضائية في الفوهة البركانية "تشيكسولوب" (Chicxulub Crater) التي تشكلت بفعل اصطدام هذا الكويكب.
تسبب الاصطدام في انقراض الديناصورات وحوالي 75% من الحياة على الأرض (غيتي إيميجز)
القضاء على الديناصورات
من المعروف أن الجسم الضخم الذي ضرب الأرض كان قد اصطدم في منطقة بشبه جزيرة يوكاتان المكسيكية، وأدى إلى حدوث فوهة بركانية تعرف بفوهة "تشيكسولوب"، وهي فوهة دائرية يبلغ قطرها نحو 180 كيلومترا ويقع مركزها قرب بلدة تشيكسولوب وإليها تنسب.
وبحسب التقرير المنشور عن الدراسة على موقع "لايف ساينس" (Live Science)، فقد كانت دورية نيتشر "ساينتفك ريبورتس" (Scientific Reports) قد نشرت في فبراير/شباط الماضي دراسة افترضت أن الجسم الضخم الذي ضرب الأرض كان مذنبا.
لكن هذه الدراسة تعرضت للنقد منذ ذلك الحين وفقا لورقة بحثية نشرت في يونيو/حزيران الماضي في دورية "أسترونومي آند جيوفيزيكس" (Astronomy & Geophysics) بعنوان "تشيكسولوب.. مذنب أم كويكب؟" والتي استندت إلى الصخور الموجودة في فوهة تشيكسولوب.
واستبعدت هذه الدراسة تأثير المذنبات في حدوث الفوهة، حيث توصلت إلى نتيجة مفادها أن معدل تأثير شظايا المذنبات أقل احتمالية بكثير من الاصطدامات بواسطة الكويكبات، وقد وفرت دراسة يونيو/حزيران المجال للدراسة الجديدة لمعهد ساوث ويست للأبحاث في الكشف عن مصدر الكويكب الذي ضرب الأرض.
اختلفت الدراسات حول ماهية الجسم الضخم هل هو نيزك أم كويكب (غيتي إيميجز)
كويكب بدائي مظلم
رجح الباحثون في أحدث دراسة والتي تنشر في عدد نوفمبر/تشرين الثاني 2021 من دورية "إيكاروس" (Icarus) أن يكون الجسم الذي ضرب الأرض هو كويكب بدائي مظلم من حزام كويكبات النظام الشمسي الرئيسي الواقع بين المريخ والمشتري، وهي المنطقة التي تعتبر موطنا لكثير من الكويكبات الداكنة، وهي الصخور الفضائية ذات التركيب الكيميائي الذي يجعلها تبدو أكثر قتامة (تعكس القليل جدا من الضوء مقارنة بأنواع الكويكبات الأخرى).ويقول ديفيد نيسفورنو الباحث بمعهد ساوث ويست والذي قاد الدراسة الجديدة في تصريح له "كان لدي شك أن النصف الخارجي من حزام الكويكبات (حيث يوجد الجزء البدائي المظلم) هو مصدر الكويكب الذي اصطدم بالأرض، لكنني لم أتوقع أن النتائج ستكون حاسمة للغاية".
وأشار إلى أنه قبل أن يصطدم الكويكب بجزيرة يوكاتان اندفع نحو الشمس بفعل جاذبية المشتري أكبر الكواكب في النظام الشمسي.
قوى حرارية وقاطرات جاذبية من الكواكب تقذف بشكل دوري كويكبات من الحزام (غيتي إيميجز)
محاكاة حاسوبية وتحليل الصخور
وحسب تقرير لايف ساينس، فقد استخدم الباحثون في معهد ساوث ويست نماذج حاسوبية لمعرفة عدد المرات التي تكون فيها كويكبات الحزام الرئيسية متجهة نحو الأرض، وما إذا كانت تلك الكويكبات الهاربة يمكن أن تكون مسؤولة عن القضاء على الديناصورات، وقد طبق الباحثون المحاكاة على مدى مئات الملايين من السنين، وأظهر النموذج أن قوى حرارية وقاطرات جاذبية من الكواكب تقذف بشكل دوري كويكبات من الحزام.
ووجد الباحثون أن كويكبا عرضه يقترب من 10 كيلومترات في الحافة الخارجية لحزام الكويكبات كان يُقذف في مسار تصادم مع الأرض كل 250 مليون سنة، مما يجعل الأمر أكثر تكرارا مما كان يعتقد سابقا بـ5 مرات، وهو ما يتوافق مع فوهة تشيكسولوب التي حدثت منذ 66 مليون عام فقط، وهي الحفرة الوحيدة المعروفة التي يعتقد أنها نتجت عن مثل هذا الكويكب الكبير في آخر 250 مليون سنة.
وعلاوة على ذلك، نظر النموذج في أنواع الأجسام في حزام الكويكبات وأظهر أن نصف الكويكبات المطرودة كانت عبارة عن كوندريت كربوني غامق، وهو ما يتطابق مع النوع الذي يعتقد أنه تسبب في إحداث فوهة تشيكسولوب، والذي بدوره يتطابق مع الأدلة الصخرية التي وجدت قبل ذلك مدفونة في حفرة تشيكسولوب على عمق 145 كيلومترا.وقال رئيس الفريق العلمي نيسفورنو "وجدنا أن حوالي 60% من المؤثرات الأرضية الكبيرة تأتي من النصف الخارجي لحزام الكويكبات، ومعظم الكويكبات في تلك المنطقة مظلمة وبدائية"، لذلك هناك احتمال أن تكون الكويكبات القادمة من نفس المنطقة".