بلِادٌ بِلا رَأسٍ.. وشَعبٌ “مُسَارِبُ”
وجَيشٌ.. ولا يَدري لِماذا يُحارِبُ!
وضَربٌ على ظَهرِ التي اعوَجَّ ظَهرُها
مِن الضَّربِ، واعوَجَّت عليهِ المَضارِبُ
ولَيلٌ كَمَوجِ الحِبْرِ مِن غَيرِ ساحِلٍ
ولا مَرفَأٍ تَهفُو إِليهِ القَوارِبُ
وعَيشٌ كأَنَّ المَوتَ يَلقاهُ قائِلًا:
إِلى أَيِّ تابُوتٍ أَنا مِنكَ هارِبُ!
لَقَد طالَ عُمرُ اللَّيلِ، واحمَرَّ رِيشُهُ
وجَفَّت لأَنهارِ الدِّماءِ المَغاربُ
وبَاتَ الذي يَنجُو مِن القَتلِ عاطِلًا
عَنِ العَيشِ.. لا حَبلٌ ولا ثَمَّ غارِبُ
وأَقسَى مِن الإِمعَانِ في القَتلِ فِتنَةٌ
يُريدُ الأَعادِي زَرْعَهَا والأَقارِبُ
حُرُوبٌ.. وما في الدَّارِ إِلَّا جِيَاعُها
تُعَادَى وتُستَعدَى عليهِم مَآرِبُ
متى يُؤمِنُ السَّاعُونَ لِلمَوتِ أَنَّهُم
ضَحَايا لِحَيَّاتٍ غَذَتْها المَسارِبُ؟!
متى يُدرِكُ الكَونُ الذي ضَاقَ أَنَّهُ
بِلادٌ، وأَنَّ الحَقَّ فِيها مَشارِبُ؟!
متى يَمنَحُ البَارُودُ لِلوَردِ دَورَهُ
وتَغفُو بِأَعشاشِ الحَمَامِ العَقَارِبُ؟!
متى يَستَعِيدُ الشَّعبُ يَومًا قَرَارَهُ
وتُنجِيهِ مِن ذاتِ المَصِيرِ التَّجارِبُ؟!
إِذا أَصلَحَ الإِنسَانُ بِالجَهلِ حَالَهُ
فَكُلُّ الذي يَأتِي بِهِ الجَهلُ خارِبُ
لَقَد لَاحَ رُغمَ اللَّيلِ ما كانَ خافِيًا
ولكنَّ أَبصارَ التَّعَادِي تُوَارِبُ
ومَن لَم يَكُن يَومًا لِصَنعاءَ ناصِرًا
فَهَيهاتَ أَن تَلقاهُ بِالنَّصرِ مارِبُ

يحيى الحمادي