الشَّيخ حبيب وزوجته!
بواسطة : هلال الوحيد -
15 أغسطس، 2021
بصراحة، لم أستطع بعد أن أعرف أيًّا منهما يحير الفكر، ويجلب العجبَ العجاب أكثر، الشَّيخ حبيب أم زوجته؟ في عمر الشَّيخ حبيب يتقاعد الرِّجال، ويجلسون بين الكروم والمياه والنَّخيل طلبًا للرَّاحة، وجني ما زرعوه في شبابهم، وفي عمر زوجة الشَّيخ حبيب، تتلهى العجوزُ بأحفادها، وتلاعبهم وتضنّ على زوجها وتخشى عليه من العلل.
أما هذا الشَّيخ، فهو في عمرٍ قاربَ الثمانينَ عامًا، على ما نقل الرواة ومصادر التاريخ، لكنه كان فتيَّ الذراع وشابَّ القلب في يومِ العاشر من شهر محرَّم سنة ٦١ هجريَّة. كيف لا يكون وهو كان يستعد لذلك اليوم الموعود منذ أمدٍ بعيد، منذ أن كان يمشي مع ميثم التمَّار في أزقة الكوفة ويستعرضَان ما أخبرهمَا به صاحبهما علي بن أبي طالب عليه السَّلام من المصير الذي ينتظر كلاهما، واحدٌ مصلوب فوق خشبة وآخر يقتل ويجال برأسهِ في الكوفة؟!
شيخ أنصار الحسين عليه السَّلام، حبيب بن مظاهر الأسدي عليه الرحمة، الذي يسكن الآن في جنَّته، في الرواق الشرقيّ من الروضة الحسينيَّة، على بعد أمتارٍ قليلة من قبر صاحبه، الإمام الحسين عليه السَّلام، كانت زوجته تنافسه في الشَّجاعة، فعندما كان حبيب جالسًا معها، وبين أيديهما طعام يأكلان منه، وصلته رسالة الحسين عليه السَّلام، فدار بينهما حديث بعدما أخفى حبيب ما في نفسه خشيةَ انفضاح أمره ونيته على الخروج، فحثته على النصرة والجهاد مع الحسين عليه السَّلام، وهكذا فعل حبيب.
لم يعد الشيخ إلى الكوفة، وعاد رأسه معلَّقًا في عنانِ فرسٍ تضربه بركبتيها كلما مشت، حيث كان ابنه وزوجته ينتظرانهِ فرحين بما نالَ الشَّيخ من الربح بالشَّهادة والسَّعادة الأبديَّة.
زبدة الكلام: وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي … وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابَا، إذ لو استكانَ حبيب بن مظاهر لكبر سنِّه، وانتظر الأيَّام تمر في الكوفة حتى يموت، لم نسمع باسمه اليوم، ولم يعرفه أحد. ولو ارتاعت زوجته وتعلّقت بأذياله خوفًا عليه من مصيرهِ المحتوم، لما سمعنا عن حكايتها، ولماتت مثل مليارات الزَّوجات والأمَّهات والأخوات!