مرثية الشهيد قبل الأخير
على ذوق الرصاصةِ والحكايا
تأبّطَ روحَهُ سَمِحَ النوايا
وأغدقَ من سماحتهِ عليها
ليُعلنَ صبرَهُ عندَ الرزايا
دعاهُ إذا انتخى لحنٌ شجيٌّ
يرتّلُهُ الصباحُ ندىً و نايا
ترابيٌّ يعيشُ ولاتَ صبراً
على الأرزاءِ تجترُّ الضحايا
من النسرين جفّفَ أمنياتٍ
لينثرَ ضوعها فوق الربايا
عراقيٌّ هواهُ و ذاكَ إرثٌ
عظيمُ الشأنِ ترويهِ الحكايا
بتمرِ الحبِّ وزَّعَهُ ثوابا
لروحٍ من سليلاتِ المنايا
من النبأِ العظيمِ يجودُ عزّاً
ومن عاشورهِ اقترحَ السبايا
حقيبتهُ العراق وكان فيها
سماءٌ من مَنيّاتِ العطايا
وحرزٌ من أكفٍّ لاهثاتٍ
تَبَسْمَلَ بالدعاءِ يجيشُ آيا
عيونُ سميرهِ انتدبتْ مساءً
من الدعواتِ إذ صارتْ مرايا
لأمٍّ زينبتْ صبرَ الليالي
ثيابُ الحزنِ جلبابُ الصبايا
أشارَ بكفّهِ والخلقُ تدري
أنا التاريخُ والدنيا ورايا
أنا من نادتِ الأيامُ روحي
وصاحتْ بي ألا تسمع ندايا
أبوحُ بلحظةٍ والروحُ تجري
لبارئها الذي خطَّ العطايا
تغازلني الحروبُ فأصطليها
وأبصمُ فوقَ ساترها دمايا
عطاءُ الربِّ يمنحني مصيراُ
على الحدباءِ تحملُني السرايا
لدربِ شهادتي فتحتْ طريقاً
وروَّتْ بالدمِ القاني الثوايا
على أنَّ الشهادةَ في بلادي
مسلسلةٌ تسيرُ بلا نهايا
أنا من صلَّتِ الأشجارُ خلفي
زرافاتٍ لتنتظرَ الهدايا
أنا الضوءُ النبيلُ أنا سراجٌ
من الطعناتِ تخرقُهُ الشظايا
جثوتُ وما سقطتُ وبي شموخٌ
صبوراً ليسَ تعرفُهُ الشكايا
أنا السبعون صاروا لي مناراُ
فهل أدركتموا معنى أنايا
للشاعر معن غالب سباح