العقاب بالضرب وسيلة غير ناجحة لتربية الأبناء
الضرب .. الصفع .. الرقع .. الجلد ... إعطاء علقة ساخنة .. سمة بأي اسم شئت ، ولكنه في الحقيقة لا يعنى سوى شئ واحد ، وهو أن الآباء ما زالوا في حاجة إلى تعلم الكثير بعد أن فقدوا السيطرة على أنفسهم .
يخطىء الطفل فينهال عليه أبوه وأمه ضربا ، فيهرب إلى سريره وينام بحسرته ، وما تلبث الأحلام المزعجة أن تداهمه فيستيقظ فزعا .. هذا مشهد يتكرر في كثير من بيوتنا ...
وأكثر العائلات تتبع مبدأ العقاب بالضرب لتربية الطفل . رغم أن بعض الأبحاث العلمية أثبتت أن هذه الوسيلة عديمة الجدوى ، ولا ينتج عنها سوى اضطرا بات نفسية وجسدية وعقلية قد تصيب الأطفال ، فتحد من نشاطهم وقدراتهم وحيويتهم ، وقد تؤثر على درجة ذكائهم ، بل إن بعضها قد يترك آثاره الدائمة على أجساد أولادنا من عاهات وغيرها . إضافة إلى أن استخدام العقوبات المتكررة للطفل خاصة في بداية التعلم أي في مرحلة الروضة أو بداية المرحلة الابتدائية قد يؤدي إلى حدوث صعوبات في العلم لدى الطفل ، كما أن مبدأ العقوبة الشديدة قد يصنع عند الأبناء شعورا بالنقمة وحب الثأر من المعاقب ولو كان ولده .. ولقد لفت " ابن خلدون " النظر في مقدمتة إلى مساوىء استعمال الشدة في التربية ، فقال : " من كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم ، سطا به إلى القهر ، وضيق على النفس في انبساطها ، وذهب بنشاطها ، ودعا إلى الكسل ، وحمل على الكذب والخبث خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه ، علمه المكر والخديعة لذلك ، وصارت له هذه عادة وخلقا وفسدت لديه معاني الإنسانية " إن استمرارنا في ضرب أبنائنا يجعلهم يعتقدون بعد فترة أن الضرب هو أحد وسائل التفاهم بين البشر ، لأنه ليس معقولا أن يكون كل هذا الضرب من قبل الآباء الذين يدعون أنهم يحبونهم عقابا ، لابد أن الضرب هو أحد اللغات المعتمدة بين بني البشر للتفاهم فيبدءون في التفاهم مع بعضهن البعض بالضرب ، ثم مع أقرانهم ثم مع آبائهم ، ثم يتحول العنف إلى سمة من سمات حياتهم ، فنحن الذين زرعناه وساعدنا على نموه . إننا ننسي أننا نحن المربون المسئولون عن تربية أبنائنا ، لذا لا يصح أن نشكو بحيث تبدو تصرفاتنا وكأنها رد فعل لتصرفاتهم .. من الكبير ؟ ! من المسئول ؟ ! من المطلوب منه التحكم في تصرفاته . هل الأطفال الصغار أم الكبار ؟ ! إننا يجب أن نفهم أطفالنا حتى نستطيع التعامل معهم ، فاستخدام الشدة في التربية إذا وسيلة غير ناجحة في التربية ، ولا يمكن أن تعالج أخطاء الأبناء ، وقد برهنت هذه الوسيلة على فشلها الذريع في معالجة المشاكل الناشئة ، لأنها ليست الأسلوب العقلاني الإنساني الذي يمكنه أن يضع حدا نهائيا لأكثر سلبيات الأولاد . وأمام فشل هذه الوسيلة علينا أن نبحث عن الطرق التربوية الناجحة التي يمكنها أن تضع حداً لكل ما يرتكبه الأولاد من أخطاء وسلبيات . لذا يجب على الآباء والأمهات أن يقللوا من العقاب ما استطاعوا لذلك سبيلا ، لأن العقاب ليس هو وسيلتنا ليتعلم أبناؤنا ما نريد ، ولنصبر على ذلك كله ، لأن التربية عملية صعبة طويلة مستمرة ، ولأن تغيير وتعديل السلوك يحتاج إلى شهور مع الإصرار على هذا التغيير والتعديل . ورحم الله من قال " لا أستعمل سوطي ما دام ينفعني صوتي ، ولا أستعمل صوتي ما دام ينفعني صمتي .